الحكومة المفترضة محكومة بطابع انتقالي

 بدا مستغربا وغير مفهوم لاكثر من مراقب محلي وغير محلي تحرك موضوع تأليف الحكومة بسرعة غير مألوفة بعد انطباعات ومعطيات دفعت به الى اواخر الصيف على رغم الجهود او المحاولات الشكلية التي كانت جارية للتأليف. فحتى الامس القريب جدا بدا الوضع بالنسبة الى كل المعنيين ان اللاحكومة افضل من حكومة في الوقت الراهن لاعتبارات عدت ترددت كثيرا بمبررات بدت محتملة بدورها في غياب تغطية لبنانية كافية لها وكذلك التغطية الاقليمية والدولية، فهل بات وجود اي حكومة افضل من لاحكومة؟ اذ مرت عملية تأليف الحكومة خلال الاشهر الخمسة الماضية بمد وجزر كبيرين بحيث لا يمكن الجزم فعلا بما اذا كانت ستستمر على هذه الوتيرة. لذلك كان مثيرا للاهتمام الانطباع بانطلاق تحرك بناء على اشارة من الموقف المعلن للرئيس السوري بشار الاسد بعد لقائه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، علما ان التساؤلات تسري حول الجديد الطارئ في هذا الاطار في موازاة الجديد الطارئ في موقف "حزب الله" باعتبار ان معطيات تحدثت في وقت سابق عن اختلاف في وجهات النظر بين الجانبين وتريث الحزب وعدم دفعه في اتجاه تأليف الحكومة. اذ ليس واضحا اذا كان العنوان الملح هو موضوع القرار الدولي المرتقب في مجلس الامن ضد سوريا والذي يتوقع ان يتعرض بسببه لبنان لضغوط دولية وهو عضو غير دائم في المجلس ممثلا المجموعة العربية من اجل الامتناع عن التصويت ضد القرار بدلا من معارضته وفق ما يفترض كثر ان هذا ما سيكون عليه الموقف اللبناني. فقرار الادانة الذي تسعى اليه الدول الغربية من اجل الضغط على النظام السوري عدل على نحو كبير بحيث يراعي المتطلبات الروسية والصينية وينزع "اسنانه" الضاغطة اذا صح التعبير. وفيما تقول مصادر رسمية إن موقف لبنان محسوم لجهة معارضة اي قرار من اي نوع كان ضد سوريا، فان ثمة من يعتقد ان عليه مسؤولية ادانة ما يعتمده النظام من قمع ضد شعبه والذي دانه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بقوة قبل يومين، مبديا استعداده لدعم قرار في مجلس الامن بهذا المعنى. ومع ان لبنان، وفق مسؤوليه المعنيين، يقول إن لا شيء سيجعله يغير موقفه لكي يماثل على الاقل الموقف الذي اتخذه في موضوع العقوبات على ايران اي عدم التصويت، فانه يعتقد ان حكومة من قوى 8 آذار ستحسم على نحو معلن ومن دون اي لبس الموقف الرسمي اللبناني في هذا الاتجاه وربما في اتجاهات اكثر قوة في المدى القريب مع تصاعد الموقف في سوريا وفي موازاته الموقف الدولي مما يجري هناك. فالموقف اللبناني لا يناقش في ظل حكومة تصريف الاعمال، لكن يمكن ان تكون هناك آراء متعددة في شأن دعم النظام السوري في عملية قمع المحتجين والسبل الامنية التي يعتمدها، لكن الموقف اللبناني معروف في معارضته اي قرار ادانة ضد النظام السوري ولو كان الامر مماثلا للوضع الليبي الذي كان لبنان سباقا في تحركه من اجل اصدار قرار ادانة ضد النظام هناك.
كما ليس واضحا كيف يمكن الاكثرية العاجزة عن تثبيت حصولها على الاكثرية في حكومة ان تفعل ذلك لاحقا مع تسارع التطورات الاقليمية التي يمكن ان تضعف موقفها اكثر وتتسبب في تفككها وفق ما لاح التهديد بذلك اخيرا. فلا بديل من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وفق الخلاصات التي انتهت اليها الاكثرية ولا امكان لتحسين شروط اكثر من الذي حصل حتى الآن، بمعنى ان الافرقاء استنفدوا الصيغ التي تحفظ لهم ماء الوجه وقد بدأت تنعكس عليهم سلبا من حيث تحمل المسؤولية عن الانهيارات للوضعين الاقتصادي والاجتماعي.
وليس واضحا اذا كان موضوع المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري احد الحوافز في هذا الاطار. اذ انه رغم الكلام على اطمئنان لدى قوى 8 اذار ان المحكمة انتهت، فإن ذلك لا يعني انها انتهت فعلا ايا تكن المحاولات التي جرت لافقادها صدقيتها، وخصوصا ان كل المواعيد التي ضربت لها في السابق قد سقطت. ولذلك فان الدول المؤثرة تستمر في القول انها ستراقب التشكيلة الحكومية والبيان الوزاري وما اذا كانت الحكومة ستلتزمه ربطا بموضوع المحكمة في الدرجة الاولى الذي لا يزال مطروحا امام لبنان لجهة التمويل كما لجهة ما سيتضمنه القرار الاتهامي والذي لا يكفي "حزب الله" القول إنه انتهى لكي ينتهي، باعتبار ان هناك طائفة كبيرة معنية به في الدرجة الاولى ولها ما تقوله الى جانب فئة كبيرة من اللبنانيين ايضا، في ظل اهتمام بمعرفة ما اذا كانت الحكومة العتيدة ستعمد الى اتخاذ قرار بسحب القضاة اللبنانيين العاملين في المحكمة.
اما العامل الواضح فهو ان الحكومة في حال تألفت او متى تألفت لن تكون اكثر من حكومة موقتة او انتقالية نظرا الى الظروف السياسية والتجاذبات بين مكوناتها التي جعلت التأليف من فريق واحد يستغرق اكثر من خمسة اشهر. 

السابق
المركزية: لمسات اخيرة على التشكيلة وميقاتي يتمنى عدم الافصاح عن الاسماء
التالي
حل أمني يقوض الحل السياسي