المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى يرفع سن الحضانة إلى 12 سنة

بكت سناء حين سمعت أن دار الفتوى أقرّت رفع سنّ الحضانة لصالح الأم للولد وللبنت حتى سن الثانية عشرة. قالت «سيكون الانفصال صعباً عن الأم في هذا العمر. يقبل الصبي على سن المراهقة، فيما تختبر الفتاة معالم بلوغها للمرة الأولى». تركت سناء العاطفة وأرادت التحدث بلسان العقل ولغة علم النفس والبرهان الديني والعلمي، وهي أم لفتاة سوف تخسرها بعد ثلاث سنوات، تحديداً في السابع من نيسان حين تطفئ اثنتي عشرة شمعة على عمر زهيد قضته إلى جانبها، قبل أن تتركها لتعيش مع أب «أسس» عائلة جديدة.

تسأل سناء لماذا لا يتم توحيد سنّ الحضانة لكافة الطوائف اللبنانية طالما أن الحضانة غير مشمولة بأي نصّ ديني، وتضيف «أشعر كأن أرباب كل طائفة يتباهون بمن يبقي على حقوق الرجل أكثر وكأن في ذلك روح الدين وجوهره. كيف يمكن لرجل أرثوذكسي أن يترك أولاده لأمهم حتى سن الخامسة عشرة، بينما يصعب ذلك على رجال الطوائف الأخرى؟».

لا تعرف سناء كيف ستحضّر ابنتها ليوم الرحيل، وهي لا تفهم بعد أي تبدّل سيطرأ على جسدها وشخصيتها بعد البلوغ، وتستنكر كيف رضيت مجموعة من النساء بما أُقرّ أمس الأول «وهو بعيد كل البعد عن مصلحة الطفل» سائلة عن السبب وراء عدم إقرار قانون النائب سمير الجسر الذي ينصّ على رفع سنّ الحضانة حتى الثالثة عشرة للبنت كما للصبي؟».

انتظرت سناء بلا شكّ أن تحتفل بأربع سنوات إضافية إلى جانب ابنتها، علّه «يسقط الوحي» على رجال الدين ويرفعوا سنّ الحضانة إلى «أكثر بعد». وقد صرخت منتفضة بوجه أمها، التي دعتها إلى شكر الله كونها كانت ستسلّم ابنتها إلى والدها في نيسان الماضي لولا عمله الموقت خارج لبنان. فبالنسبة إلى سناء، لا سنّ تقاعد للأمومة، و«ما من أمر أهم بالنسبة لها أكثر من بقائها إلى جانب أولادها».

أمس الأول، كانت رئيسة «شبكة حقوق الأشرة» إقبال دوغان تتجه إلى رفض ما أقرّه المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في ما يخصّ رفع سنّ الحضانة إلى اثنتي عشرة سنة، لكنّها انصاعت، وفق ما تقول، إلى رأي الأكثرية من زميلاتها والأمهات اللواتي فضلن كسب خمس سنوات إضافية إلى جانب أبنائهم وثلاث إلى جانب بناتهن.

وقد زارت دوغان على رأس وفد المفتي محمد رشيد قباني قبيل التئام المجلس، وانتظرن انتهاءه لسماع القرار حول مشروع القانون المقدّم من قبل النائب سمير الجسر والذي أرجأ المجلس البت به مرات عدّة.

ويأتي القرار بعد مرور سنتين على إقراره من قبل مجلس القضاء الأعلى وموافقة وتوقيع مفتي الجمهورية عليه. وهو سيوضع حيّز التنفيذ بحسب دوغان، ما أن يرسل إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية لزيادة فقرة على المادة 2424 من قانون تنظيم القضاء الشرعي، تؤكد على انه يحق للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى البت بمواضيع الأسرة والطفل، كما يمكن للمحاكم أن تبدأ بالحكم وفق القرار «لأن زيادة الفقرة على المادة المذكورة تأتي للتأكيد على ما هو مؤكد».

وقد صدر بيان عن دار الافتاء أشار إلى أن «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى اقر في جلسته اليوم (أمس) رفع سن حضانة الأم للصغير والصغيرة من أولادها إلى سن 12 سنة، وتعديل المهور القديمة بما يتناسب مع قيمتها ذهبا في حال تغيير أسعار العملة وإقرار حق الرجل في مبيت أولاده عنده أسبوعيا مع المشاهدة».

وقد لفتت مصادر دار الافتاء لـ«السفير» الى أن القرار اتخذ بالأكثرية، من دون ان تذكر الأسباب وراء اختيار السن الثانية عشرة بدلا من الثالثة عشرة كما أتى في اقتراح الجسر.

واعترفت دوغان بانجاز على صعيد تعديل المهور القديمة بما يتناسب مع قيمتها ذهباً وفي حال تغيير العملة

في السياق نفسه، قدّم «تجمع الجمعيات النسائية لطائفة الموحدين الدروز» تعديلا لبعض مواد قانون الأحوال الشخصية للطائفة.

وكانت «الجمعية الخيرية للتوعية الاجتماعية» قد تقدّمت منذ العام 2000 بمشروع قانون معدّل للأحوال الشخصية من سبع عشرة مادة، وقعّه وزير العدل حينها سمير الجسر، بحسب رئيستها مي وهاب. غير أن شيخ عقل الطائفة اقترح تقديم ثلاث منها «وافق عليها شفوياً» وفضّل استشارة مجلس قضاة الطائفة.

وقد وجّه التجمع في الثاني من حزيران الحالي، كتاب تذكير إلى شيخ عقل طائفة الدروز الموحدين بالمواد التي يطالب بتعديلها ليصبح سنّ الحضانة خمس عشرة سنة للإبنة وللإبن، ومنع استغلال منح الطلاق مقابل تخلي المرأة عن حضانة الأطفال او التنازل عن حقوقها المادية، وتوريث الفتاة ميراث الأب في الكامل في حال كانت وحيدة أي دون وصية ودون وارث ذكر، بالإضافة إلى التعويض المنصف إلى المرأة بعد الطلاق.

ومن المتوقع، بحسب وهاب، أن يقرّ مجلس قضاة الطائفة تلك التعديلات «على الرغم من احتجاج بعد القضاة»، لترفع بعدها بواسطة أحد النواب إلى لجنة الإدارة والعدل. وهي إذ تناشد إقرار ما تقدّم به التجمّع تدعو وهاب كل الطوائف إلى توحيد سن الحضانة ورفعه إلى الخامسة عشرة «كونها سنّ أفضل لتأقلم الطفل، فتاة كان أم صبي، مع أي تغيير»، رافضة إقرار ما هو أقل من هذه السن.

السابق
لنتخلص من الصهيونبة وننهي الاحتلال
التالي
فوضى اليمن أنباء سعيدة للقاعدة