المستقبل :”ذكرى التحرير” .. والتشكيلة الحكومية لا تجد من يحرّرها

اليوم، لبنان على موعد مع بداية النصف الثاني من ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الرئاسية في عز استهدافه من قبل الأكثرية الجديدة، فيما الترقب سيد الموقف لمواقف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، في الاحتفال الذي يقيمه الحزب في بلدة النبي شيت البقاعية، لمناسبة الذكرى الحادية عشرة لانسحاب العدو الإسرائيلي من المناطق المحتلة في الجنوب.

وفيما اعتبر الرئيس سليمان "أن ذكرى التحرير تشكل محطة للتأمل والتبصر في الواقع اللبناني الراهن في الداخل ومن خلال ما يحصل في المحيط العربي"، رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أن "حلول الذكرى هذا العام، تتزامن مع مرور لبنان والمنطقة العربيّة بظروف استثنائية غير مسبوقة، باتت أكثر من أي وقت مضى، تتطلب من اللبنانيين جميعاً وقفة تأمل لاستلهام المعاني الوطنيّة والقوميّة لهذه المناسبة المهمة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، لتقوية أواصر الوحدة الوطنية التي كان لها الفضل الأكبر في انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب والبقاع الغربي، وإعادة إحياء التواصل فيما بينهم، وتجاوز كل عوامل التفرقة والانقسام، لتحصين وطنهم في مواجهة العواصف التي تهبّ على المنطقة من كل جانب والحفاظ على المنجزات المهمة للتحرير"، متوجهاً بالمناسبة بـ"التحية والتقدير إلى جميع اللبنانيين الذين شاركوا مجتمعين بهذه المناسبة الوطنية، ولا سيما إلى أهالي الشهداء الذين قدّموا أرواحهم فداءً للدفاع عن لبنان وسيادته في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية".
في موازاة ذلك، سجّلت أمس أول مواجهة إعلامية مكشوفة بين أقطاب الأكثرية الجديدة. إذ في مقابل تصعيد النائب ميشال عون حملته على الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، رد الأخير مساجلاً.. بأنه يرفض الدخول في سجالات.

لكن المؤكد، في النتيجة، هو أن عملية تأليف الحكومة العتيدة لن تجد من يُحررها في "ذكرى التحرير"، فيما لبنان يعيش "أزمات اقتصادية وسياحية وتجارية فضلاً عن شلل المؤسسات الدستورية"، كما أكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في معرض توصيفه للبنان "المريض" الذي "يحتاج الى معالجة".

عون وميقاتي .. "ولعت"
النائب عون أكد استمرار الأزمة الحكومية حتى إشعار آخر، إذ أعلن "اننا نعيش حالة انتظار لا نعرف متى ستنتهي"، وأن "رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي يخوض معي معارك وهمية لاسيما في مواضيع لم يتم التطرق اليها ابداً"، لافتاً إلى"اننا أبدينا كل التسهيلات لتشكيل الحكومة لكن يبدو ان لا نية لدى ميقاتي لتأليفها".

وقال: "عندما قدّمنا اسماء للتوزير غيّر ميقاتي الاسلوب، وهو يطلب أمورا تعجيزية وغير لائقة ولا تعبّر عن جدية في التعاطي، وأسماء الناس ليست للتجارة"، معتبراً ان "الرئيس المكلف بات خارج إطار التأليف"، داعياً إياه إلى "أن يشكل الحكومة، وأن يعلنها من اي مكان يريد، من طرابلس او صور او صيدا، وطالما تقول إن هذا الأمر من صلاحيتك فقم بما تريد".

في المقابل، ردّت أوساط ميقاتي على قول عون "إنّ الرئيس المكلف يخوض "معارك وهميّة" معي"، فشدّدت لـ"المستقبل" على أنّ "الرئيس ميقاتي لا يزال مصراً على النهج الذي اتبعه منذ دخوله الشأن العام بعدم الانجرار في سجالات إعلاميّة لا طائل منها"، وأضافت: "إذا كان عون يرى في التزام دولة الرئيس ميقاتي أحكام الدستور معارك وهميّة، فهو بالتأكيد أخطأ في هدفه لأنّ الرئيس ميقاتي لن يكون أبداً هاوي معارك وهميّة ولا حروباً من دون جدوى، وهذه لغّة لا يجيدها أبداً ولن تكون يوماً في أدبياته".

وأشارت الأوساط عينها إلى أنّ "النقطة الثانية التي استوقفتنا في كلام العماد عون هي قوله "عندما تنازلنا وأعطينا الأسماء"، أي الأسماء التي يقترحها للتوزير"، وردّت بالقول: "شكراً لتنازله على أمل أن يكمل هذا المسار للإسراع في تشكيل الحكومة".
وأدرجت مصادر في الأكثرية الجديدة لـ"المستقبل" كلام عون في إطار بداية شعور لديه وكأن هناك مرحلة جديدة من تفعيل الإتصالات على أكثر من جبهة لتشكيل الحكومة، وتصعيده يأتي بهدف رفع السقف مجدداً لتحسين الشروط". وتحدثت عن مسعى يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري وجهات اخرى لتسريع التشكيل، متوقعة أن يعطي كلام نصر الله اليوم دفعاً جديداً لتأليف الحكومة.
إلى ذلك، نفت أوساط ميقاتي لـ"المستقبل" أن "تكون الإجتماعات التقويمية لفريق الرئيس المكلف مرتبطة بأي خطاب أو مسألة اخرى، لكنها اجتماعات مستمرة ودائمة". ولفتت إلى أن "طرح حكومة تكنوقراط تجاوزتها التطورات من جهة وبعد التمني على الرئيس المكلف من أكثر من طرف غض النظر عنها من جهة ثانية، ويتم العمل الآن على الخيار الأول وهو حكومة سياسيين مطعمة بتكنوقراط".

سليمان
وفي عيد التحرير، رأى الرئيس سليمان "أن لبنان الذي أثبت امتلاكه القدرات القومية التي أتاحت له التحرير ودحر العدوان، يمكنه بتضافر هذه القدرات تحصين مناعته، إضافة الى التصدي لمخططات العدو، وبناء دولة المواطنة والحق والدولة العصرية التي تليق باللبنانيين وهم يطمحون إليها وينشدون قيامها".
وإذ اعتبر "أن المناسبة نفسها تشكل محطة للتأمل والتبصر في الواقع اللبناني الراهن في الداخل ومن خلال ما يحصل في المحيط العربي"، لفت إلى "أهمية أن يعي المسؤولون اللبنانيون والقيادات أهمية التلاقي والتحاور والتعاون والوحدة الوطنية لتمكين عجلة الدولة من الانطلاق واستكمال تنفيذ المشاريع وإنجاز عدد من القوانين التي يصبو اللبنانيون الى وضعها موضع التنفيذ".
سلاح.. وسلاح

أما "كتلة المستقبل" النيابية، فرأت "ان ذكرى التحرير مثلت تجربة متقدمة وطليعية في سياق تجارب مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأراض عربية، معلنة " أن السلاح الذي واجه العدو الإسرائيلي وأفضى إلى دحره عن أرضنا، هو السلاح الذي التف من حوله الشعب اللبناني بأسره لأنه تولى تحقيق مهمة مقدسة وجليلة، وهو حتما غير السلاح الذي جرى توجيهه إلى صدور اللبنانيين".
وتوقفت الكتلة مجددا أمام استمرار المراوحة السلبية في تشكيل الحكومة الجديدة. ورأت ان التطورات العميقة الجارية على الصعيد العربي فضلا عما هو جار على صعيد الأوضاع الداخلية المتأزمة، تستدعي من الرئيس المكلف الالتزام الكامل بالآليات الدستورية لتأليف الحكومة وعدم القبول بالسير في اتجاهات المواجهة التي تعمق الانقسامات الداخلية.

ويليامز
وفي المواقف البارزة أمس، أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل ويليامز بعد لقائه مسؤول العلاقات الدولية في "حزب الله" عمار الموسوي "أنّ تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن هو أمرٌ ملحّ خصوصاً مع وجود الكثير من المصاعب الاقتصادية، كما يجب أن نأخذ بالإعتبار المشاكل الأمنية في المنطقة ومن البديهي أن يكون الشعب أقوى حين تكون هناك حكومة تتولى حمايته".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "بسبب الأوضاع في المنطقة وفي الجنوب من المهمّ لجميع الأطراف أن تلتزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 (..) الذي جلب نوعاً من الإستقرار إلى جنوب لبنان لم يعرفه سكان تلك المنطقة لسنوات عديدة قبل حرب 2006".

الجلسة التشريعية
وسط هذه الصورة، تشهد الساحة السياسية جدلاً متصاعداً حول نية رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة لجلسة تشريعية بعد انقضاء مهلة العشرة أيام التي حددها للتشاور، سيما وأن عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى أكد "أن بري سيبادر إلى عقد جلسة نيابية لأن هذا من صلاحياته"، فيما انبرى نواب "كتلة المستقبل" إلى التحذير من مخاطر أي خطوة كهذه لـ"اعتبارات دستورية وميثاقية وسياسية"، على حد تعبير النائب زياد القادري الذي أكد "ان في الصيغة اللبنانية توازنات دقيقة، واعتبار أن على البلد السير بشكل طبيعي فيما موقع الرئاسة الثالثة مغيب، يعد إخلالاً فاضحاً وخطيراً بالتوازنات التي قام عليها البلد، وبالصيغة الميثاقية التي يقوم عليها دستورنا".

السابق
اللواء: هدية عون: مقاطعة الرئيس المكلّف!
التالي
آن أوان الإصلاح في “حزب الله”