اللواء: خطاب أوباما: وصاية أميركية على المصير العربي

خارج عبارات الودّ وتبادل المجاملات مع رئيسة الدبلوماسية الأميركية، باعتبارها الأهم في تاريخ وزراء خارجية الولايات المتحدة، قدَّم الرئيس الأميركي باراك أوباما، ذو الجذور الأفريقية والإسلامية نفسه، وكأنه وصيّ على المصير العربي برمته، الذي وجده يتشكل بتأثير من الثورات العربية التي تعصف بأقطار العالم العربي··
وأكد أوباما خلال خطابه في مقر الخارجية الاميركية أمس دعمه للثورات العربية المنادية بالحرية والديمقراطية متوقعا تنحي المزيد من الزعماء العرب بعد الرئيسين التونسي والمصري، ودعا الرئيس السوري بشار الأسد للتغيير أو التنحي فيما طالب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتوقيع المبادرة الخليجية لحل الأزمة ببلاده، ورأى أن مصير الولايات المتحدة مرتبط بمصير الشرق الأوسط وأفريقيا ووجه انتقادات ملطّفة للحليف الإسرائيلي فأكد أن الحلم بدولة يهودية لن يتحقق بالاحتلال معتبرا أن الاعلان عن دولة فلسطينية في الامم المتحدة لن ينجح·

وبدأ الرئيس الأميركي خطابه بالدفاع عن قتل زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، وقال إن أجندته تقوم على القتل والتدمير، وإن الولايات المتحدة تعزز بانتشار روح التعاون بين الأديان مشدداً على أن التعاون بينها هو الحل·

الثورات ثم انتقل أوباما في كلمته إلى التطورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيراً إلى أن شعوب الشرق الأوسط انطلقت مطالبة بالحرية ما حققته الشعوب في الشرق الأوسط خلال الشهور الماضية من خلال اعتمادها قوة اللاعنف لم يحققه الإرهابيون خلال عقود، كما أن أحداث الشهور الماضية برهنت أن استراتيجيات القمع لم تعد صالحة· وقال أوباما إن العالم شهد تغييراً استثنائيا في هذه المنطقة، وإن الشعوب نهضت لتطالب بحقوقها الأساسية، ورأى أن مستقبل بلاده مرتبط بشكل وثيق بمستقبل الشرق الأوسط،· وقال ?علينا أن نغير سياستنا في الشرق الأوسط?·

سوريا وحول سوريا، قال أوباما إن على الرئيس السوري بشار الاسد ان يقود عملية التغيير او يتنحى· ورأى ان <الشعب السوري برهن عن شجاعته بمطالبته بعملية الانتقال الى الديمقراطية>· وقال ان <الرئيس الاسد هو اليوم امام خيار: يمكنه ان يقود العملية الانتقالية او ان يبتعد>· وطالب اوباما دمشق ايضا بوقف القمع بحق المتظاهرين وبالافراج عن السجناء السياسيين وبالسماح لمجموعات الدفاع عن شؤون الانسان بالوصول الى <مدن مثل درعا> معقل الحركة الاحتجاجية ضد الاسد· وهدد أوباما بأن النظام السوري <سيتعرض للعزلة الدولية> إذا لم يقم بتنفيذ هذه المطالب منتقدا في الوقت ذاته قيام دمشق بالسعي للحصول على مساعدة إيران للتعرف على الأساليب التي استخدمتها لقمع مواطنيها الذين كانوا أول من قام بتظاهرات سلمية في المنطقة عام 2009·

تونس ومصر وحول الأوضاع في تونس ومصر، قال أوباما <سوف نساعد الحكومتين الديمقراطيتين في تونس ومصر على استعادة الأموال المسروقة كما سنقدم مساعدات اقتصادية لكل منهما>، مشيراً إلى أن إدارته طلبت من البنك الدولي وصندوق النقد تقديم خطة لمساعدتهما مشيرا لإعفاء مصر من ديون بقيمة مليار دولار، وتقديم ضمانات قروض بقيمة مليار دولار وكذلك بحث إنشاء صندوق للاستثمار في مصر وقال <لا نريد لمصر ديمقراطية مكبلة بالديون·>

ليبيا وحول ليبيا، قال أوباما إن الزعيم الليبي معمر القذافي <سيرحل في النهاية والوقت ليس في صالحه·> وبرر أوباما التدخل العسكري في ليبيا قائلا إنه بالرغم مما رأينا من صعوبة فرض التغيير بالقوة في العراق فإن الوضع في ليبيا كان مختلفا لأنه بدون التحرك الأميركي كان آلاف الليبيين سيلقون حتفهم على يد القذافي الذي رأى أن حفاظه على السلطة سيأتي عبر قتل أكبر عدد ممكن من الناس· وتابع أوباما قائلا إنه <عندما يتم إجبار القذافي على مغادرة السلطة والرحيل فإن عقودا من الاستفزاز في ليبيا ستنتهي وستأتي الديمقراطية لهذا البلد>·

البحرين واليمن وحول البحرين قال الرئيس الأميركي <نحن ملتزمون بأمن البحرين وإيران سعت إلى استغلال الوضع هناك>، داعياً <إلى إجراء حوار حقيقي بين السلطة في البحرين والمعارضة·> أما بالنسبة إلى اليمن، فقد دعا أوباما صالح إلى تنفيذ وعده بانتقال السلطة·

السلام ?وبخصوص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قال أوباما إن <الدولة الفلسطينية المقبلة يجب أن تقام ضمن حدد 1967 مع مبادلة أراضي مع إسرائيل·> وطالب أوباما تل أبيب بأن <تتحلى بالشجاعة لإحلال سلام دائم>، وقال إن السلام الدائم يعني دولتين إسرائيلية وفلسطينية، وقال الشعب الفلسطيني يجب أن يتمتع بحق حكم نفسه· وأشار الرئيس الأميركي إلى أن اتفاق فتح وحماس يثير مخاوف عند الإسرائيليين، وقال <التزامنا بإسرائيل راسخ> وقال إن مسعى الفلسطينيين لنزع الشرعية عن إسرائيل أمام الأمم المتحدة في أيلول القادم لن يحقق دولة فلسطينية مستقلة و <الفلسطينيين لن يحققوا استقلالهم بانكار حق اسرائيل في الوجود>· واضاف أوباما أنه على تل أبيب في المقابل أن تسعى إلى تحقيق السلام لأن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار· وقال إن <التكنولوجيا ستجعل من الصعب لإسرائيل الدفاع عن نفسها، كما أن التغيرات في المنطقة ستصعب من الوضع في ظل ضرورة اقتناع ملايين الناس في المنطقة بالقدرة على تحقيق السلام، ومن ثم فإن حلم دولة يهودية ديمقراطية لإسرائيل لن يتحقق عبر الاحتلال>· وشدد على ضرورة أن يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون على تحقيق السلام الذي أكد أنه لا يمكن فرضه من جانب أي طرف خارجي بما في ذلك الولايات المتحدة·وقال إن التأجيل لن يحل المشكلة وإن ?

الحلم بدولة يهودية لن يتحقق بالاحتلال?· وقبل إلقاء أوباما خطابه اكد نائب وزيرة الخارجية الاميركية جيمس ستاينبرغ أمس أن تل أبيب ليس لديها سبب للقلق من خطاب اوباما· وقال ستاينبرغ قبل وقت قصير من انطلاق اجتماع للحوار الاستراتيجي الامريكي-الاسرائيلي في القدس، <انا متأكد من ان اسرائيل ليس لديها اي سبب للقلق من خطاب الرئيس>· واضاف ستاينبرغ <اعتقد انه سيتحدث عن التزامه تجاه المنطقة وتجاه الشراكة مع اسرائيل ليس اليوم فحسب بل ايضا خلال خطابه الاحد>·

ردود الفعل: وفي ردود الفعل على خطاب أوباما دانت القيادة الفلسطينية قرار اسرائيل بناء 620 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة واعتبرته ردا على خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما· وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينه لوكالة فرانس برس <ان قرار حكومة اسرائيل اليوم بناء 620 وحدة استيطانية جديدة هو الرد الفوري الاسرائيلي على خطاب الرئيس اوباما>·

وأشار ابو ردينة ان القيادة الفلسطينية ستعلن ردها رسميا على خطاب أوباما بعد اجتماع طارىء دعا اليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتشاور مع الأشقاء العرب·

من جهتها، إعتبرت حركة المقاومة الاسلامية حماس ان ما جاء في خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما حول اقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 هو <ذر للرماد في العيون> واتهمته بانه <منحاز> لاسرائيل·

وفي اسرائيل قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انه لا يجب ان يطلب من اسرائيل الانسحاب الى الحدود التي كانت قائمة قبل حرب 1967، بعد خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما حول السياسة في الشرق الاوسط·

ودعا نتانياهو في بيان صادر عن مكتبه بعد الخطاب واشنطن الى تاكيد التزامها <بالضمانات> التي قدمها الرئيس الاميركي جورج بوش عام 2004·

وقال البيان انه <من بين الامور الاخرى، هذه الالتزامات التي تتعلق بعدم إضطرار اسرائيل الى الانسحاب الى حدود 1967 والتي لا يمكن الدفاع عنها وستترك تجمعات سكانية اسرائيلية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وراء هذا الحدود>·

من جهة أخرى رفضت سوريا العقوبات المباشرة التي قررت الادارة الاميركية فرضها على الرئيس السوري بشار الاسد وعدد من المسؤولين السوريين واعتبرتها خدمة للمصالح الاسرائيلية في المنطقة·

السابق
مكانة إسرائيل في الحضيض وأمنها أيضاً
التالي
الراي: تراخي نفوذ سورية يطلق صراع نفوذ بين حلفائها