الراي: زنار نار إسرائيلي وسوري يفاقم “الفراغ الملغوم” في لبنان

لم يكن ينقص لبنان المترنح فوق «الفراغ الملغوم» سوى زنار النار، الاسرائيلي من الجنوب والسوري من الشمال، في مشهد مثير الغائب الأخطر عنه لبنان عينه.
هذا الـ «لبنان» الذي تحول مجرد «وطن هش» بلا سلطة أمضى يوماً ماراثونياً بين النارين، الاسرائيلية والسورية، وسط فائض من القلق العام في البلاد.
وإذ تضاربت التفسيرات لـ «مغزى» بلوغ «مسيرة العودة» في ذكرى النكبة الشريط الشائك على الحدود مع اسرائيل، فإن لعلعة الرصاص على الحدود الشمالية مع سورية لم تكن تحتاج الى عناء كبير في رسم معانيها اللبنانية.
فلقد شكل تدفق موجة جديدة من النازحين السوريين من بلدة تلكلخ السورية الى مناطق في عكار والشمال في اليومين الاخيرين مؤشراً ميدانياً الى التداخل الحاصل بين الواقع السياسي والأمني الذي يعيشه لبنان والتطورات الجارية في سورية، علماً ان ذروة هذا التداخل تتمثل في مخاوف من عودة أزمة تأليف الحكومة اللبنانية الى «نقطة الصفر».

وإذ انشغلت القوى العسكرية والأمنية وأجهزة الإغاثة امس بتدفق مئات اضافية من العائلات السورية النازحة الى وادي خالد، بدا واضحاً ان انعكاسات ما يجري في الداخل السوري على لبنان لم يعد مسألة احتمال او اجتهاد بل هو امر واقع طارئ سواء على المستوى الميداني الذي يرشح لبنان كما الدول المجاورة الاخرى لسورية لتلقي استحقاق الانعكاسات الانسانية والامنية للتطورات السورية كما في موضوع النازحين او على المستوى السياسي حيث تثير الازمة الحكومية تساؤلات محيرة عن اسباب ارتباك حلفاء دمشق الذين يتعين عليهم التوافق لتشكيل الحكومة ويعجزون عن ذلك.

ولفتت مصادر سياسية واسعة الاطلاع امس لـ «الراي» الى ظاهرة مستغربة تتمثل في ان جميع القوى المعنية بتشكيل الحكومة تسرّب معطيات عن تفهم دمشق لمواقف كل منهما فيما تخوض معظم هذه القوى معارك ضمنية فيما بينها على خلفية اقتناص الحصص والحقائب والأحجام في التركيبة الحكومية العتيدة التي لم تبصر النور بعد رغم اقتراب الازمة من طي شهرها الرابع.
وتعتبر ان الازمة الحكومية باتت بذلك العنوان الاشد وضوحاً للمأزق الذي مني به حلفاء دمشق في لبنان كما لإرباك دمشق حيال التصرف بما تملكه عادة من اوراق وفي مقدمها الورقة اللبنانية.
وتضيف ان الاسابيع الاخيرة اثبتت ان سورية لم تعط مرة اشارة جدية قاطعة الى رغبتها او قدرتها على استعجال تأليف الحكومة اللبنانية واستعمال نفوذها لدى الاطراف المعرقلين لها لا سيما منهم «حزب الله» الداعم بقوة للعماد ميشال عون، والا لكان الامر اختلف تماماً عما يجري راهناً.

حتى ان الاوساط نفسها سخرت من اتهام عون وسواه للرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، بعرقلة تأليف الحكومة، كما سخرت من اتهام بعض حلفاء سورية لسليمان وميقاتي، بأنهما يخالفان الرغبة السورية في تأليف الحكومة سريعاً.
وقالت ان خط دمشق لا يزال رغم كل شيء مفتوحاً امام جميع موفدي حلفاء سورية وان هؤلاء يعودون دائماً بانطباعات تريح كل مراجعهم، بما يعني ان دمشق تحرص في هذا الظرف على تجنب إغضاب اي من حلفائها او جعل بعضهم يتفوق على البعض الآخر لأنها ستحتاج اليهم لدى تمكنها من فتح الصفحة التالية التي تعقب الحل الامني العسكري الذي تنفذه في سورية. وهو امر صار معروفاً لدى مختلف العواصم والدول المؤثرة، ولذا فإن العنوان الوحيد الذي سيطبع لبنان حتى تلك المرحلة هو الانتظار والمراوحة ومزيد من المناورات السياسية ولو على حساب تآكل صورة حلفاء دمشق ظرفياً على الأقل.

السابق
بعد 63 عاماً:الإرهاب الإسرائيلي مستمر
التالي
الراي: 10 قتلى برصاص إسرائيلي في مارون الراس اللبنانية