الراي: ضوء أخضر سوري “يُشعل” اتصالات “التأليف” … والسفير الفرنسي يحذر

… «ما تقول فول حتى يصير بالمكيول»، «الأمور بخواتيمها»، «إربت تنحلّ» مخفَّفة بعبارة «الامور أفضل وتقدّمت عن السابق». هذا غيض من فيض «عُدة» الكلام الذي حاول «مواكبة» المناخ المستجدّ الذي لفّ ملف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان والذي حاذر الغرق في «فائض» من الايجابيات مكتفياً بتفاؤل حذر أقفل عليه «المرصد السياسي» الذي خرج امس من حال «التشاؤل».

فمع المعلومات عن وضع «قطار» الملف الحكومي على «سكة» التأليف انطلاقاً من حصول توافق «بالأحرف الاولى» اي مبدئي على الاسم «الحيادي» الذي سيتولى حقيبة الداخلية على ان يكون من حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعدما حاز «رضى» زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون، ارتفع منسوب التفاؤل بامكان الوصول بـ «مركب» المفاوضات الصعبة المستمرة منذ نحو 106 ايام الى «شاطىء الامان»، في موازاة إبقاء دوائر مراقبة على تحفّظها عن الإغراق في التفاؤل بانتظار اكتمال «البازل» الحكومي، حقائب وأسماء، وعلى قاعدة الخشية من ان تفعل «شياطين التفاصيل» فعلها وتبدّد المناخ الايجابي الطارىء ولا سيما وسط التقارير عن «سلة متكاملة» يجري العمل عليها تتجاوز «الداخلية» الى مختلف الوزارات ومَن سيتولاها، علماً ان عون كان لمّح اول من امس الى وجود عُقد أُخرى حول حقائب أُخرى غير الداخليّة.

وفي غمرة «هبّة التفاؤل» المشوبة بالتحفظ بانتظار «صياح ديك» الصباح الحكومي الجديد، برزت قراءتان للواقع المستجدّ:
• الاولى اشارت الى وجود «ضَوء اخضر» سوري دفع في اتجاه التسريع في السير نحو الحل، نقله «حزب الله» إلى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وعون وعبّر عنه بديبلوماسية السفير السوري علي عبد الكريم علي امام رئيس الجمهورية. وفي رأي اوساط مراقبة ان دمشق، اذا صحّ انها اعطت اشارة الانطلاق للقطار الحكومي، فهي تكون ارادت واحداً من امرين، الاول الإمساك بالورقة اللبنانية وتسييل الانتصار الذي حققه حلفاؤها بالانقلاب «الاستراتيجي» الذي حصل في 25 يناير الماضي، وذلك بعدما شعر نظامها بانه تجاوز «مرحلة الخطر» في إطار الاحداث الجارية في سورية نتيجة استمرار الغطاء العربي له وعدم رفع واشنطن «البطاقة الحمراء» في وجهه، وتالياً هو أراد استباق محاولة الغرب إسقاط «الشروط» او تحديد «الأثمان» المترتبة على «حماية رأسه» بوضع اليد على «الخاصرة» اللبنانية التي يمكنه لاحقاً وعلى طريقته البارعة في «اللعب على الحبال» التفلت من اي التزامات حيالها سواء بحجج «ايرانية» الوجه (حيال «حزب الله») او لبنانية الطابع، اي تتصل بأداء بعض الزعماء اللبنانيين كالعماد عون.

اما الامر الثاني الذي قد يكون أملى على دمشق إمرار الاشارة الخضراء الى حلفائها فهو الشعور بان الامور ذاهبة نحو تدهور اكبر في أراضيها، وان الوضع في لبنان الذي لامس اللون «البرتقالي» على مستوى الخطر الاقتصادي والاجتماعي في ظل شلل مؤسساتي يمكن ان يتحوّل «قنبلة موقوتة» تنفجر «في خاصرتها»، من دون إغفال ان اي تمادٍ في الاضطرابات في سورية قد يفرض على نظام الرئيس بشار الاسد ان يكون «ضمَن ظهره» من اي اهتزازات يمكن ان «تصب الزيت على النار».
• والقراءة الثانية للمناخ الجديد الذي «هب» على بيروت، لا تزال لا تستبعد وجود «قطبة مخفية» حاولت من خلال توافق «حزب الله» – عون برعاية الرئيس نبيه بري إحراج رئيس الجمهورية عبر رمي الكرة في ملعبه وتالياً «حشره في الزاوية»، وهو الانطباع الذي عزّزه اشاعة وسائل إعلام «حزب الله» وحركة «امل» اجواء تفاؤل رافقت مسعاه المشترك مع رئيس مجلس النواب والذي تجلى بحركة معاوني الامين العام للحزب وبري الحاج حسين الخليل والنائب علي حسن خليل في اتجاه دمشق وعودتهما منها في اتجاه ميقاتي بوساطة نحو سليمان بواسطة الرئيس المكلف تتعلق بحقيبة الداخلية.

وكان يوم امس شهد حِراكاً مكثفاً في محاولة للبناء على مناخ التفاؤل، فزار القصر الجمهوري تباعاً بري وميقاتي اللذان غادرا من دون الادلاء باي كلام، في حين اكتفى رئيس البرلمان بالقول امام النواب الذين التقوه في «لقاء الاربعاء»: «اربت تنحلّ»، قبل ان «يتدارك»: «ما أقصده ان الامور اصبحت افضل من السابق وهناك إصرار قوي على الاسراع في تشكيل الحكومة وثمة عمل ساعة بساعة للوصول إلى النتائج المرجوّة في هذا الشأن». واشار الى أنه «لمس تقدماً محسوساً في عملية التأليف، والأجواء أفضل وأحسن، لكن لا استطيع أن «أقول فول تيصير بالمكيول».

وفي حين ذكرت تقارير ان ميقاتي كان زار ليل الثلاثاء بري بعد لقائه الرئيس سليمان في قصر بعبدا، يفترض ان يكون عُقد امس لقاء بين الرئيس المكلف والخليليْن ووزير الطاقة جبران باسيل (صهر العماد عون) لاستكمال البحث في الملف الحكومي، وسط معلومات الى ان هذا الملف بات يُتداول على قاعدة «كل يوم بيومو».

في هذه الاثناء، لفتت زيارة السفير الفرنسي في بيروت دوني بييتون للرئيس المكلف معلناً ان «موقف باريس يتمثل في ان لبنان لا يزال من دون حكومة، في وقت تؤثر تقلبات عميقة في منطقة الشرق الاوسط»، مشيراً الى ان «الوضع الاقتصادي والمالية العامة مهددان بالتراجع وفي هذا السياق الهشّ يبدو لبنان في وضع غير محصن».

بدوره اعلن المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان مايكل وليامز بعد زيارته العماد عون «ان من الضروري تشكيل حكومة في لبنان في اقرب وقت للتصدي للتحديات التي يمكن ان يواجهها لبنان ولا سيما ما يحصل من تغيير في العالم العربي»، وقال: «انا مسرور مما سمعته من العماد عون من ان هناك تقدماً في المسار الحكومي».

في غضون ذلك، اشار رئيس «كتلة المستقبل» البرلمانية فؤاد السنيورة، الى انه «يجب أن تكون هناك حكومة تكنوقراط لتخفيف التوتر للانتقال إلى مرحلة جديدة».
وردا على سؤال قال «لدينا حتى الآن جار واحد هو سورية، أما الآخرون فليسوا بجيران، لنكن واضحين في هذا الأمر (…) ونضع الأمور في نصابها».
ولم تحجب مجمل تطورات الشأن الحكومي الانظار عن الحدَث الذي يشهده مقر البطريركية المارونية اليوم اذ يستضيف القمة الروحية المسيحية – الاسلامية بمشاركة 35 شخصية من رؤساء الطوائف في لبنان او ممثلين عنهم، واللجنة الوطنية للحوار المسيحي ـ الاسلامي. كما ستشارك الطائفة العلوية للمرة الاولى.

السابق
الوطن: بيروت مؤشراتها سلبية واستهدافاتها من الممانعة إلى التسوية السلمية
التالي
النهار: توافق “مبدئي” يُسند الداخلية إلى ضابط