المستقبل: حزب الله” و”أمل” يرسمان لميقاتي طريق التشكيل

الأجواء الايجابية التي سرت في شأن تشكيل الحكومة أمس لم تكن حاسمة، إذ أبلغت أوساط رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي "المستقبل" أن التفاؤل المفرط "ربما لا يعكس حقيقة الأمور"، واعتبرت أن المتفائلين "ربما تسرعوا في إضفاء هذا الجو".

غير أن ترويج التفاؤل استند إلى معلومات عن "اتفاق" بين ميقاتي والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل، على حل لعقدة "الداخلية"، وهذا ما أكدته أوساط ميقاتي، موضحة لـ"المستقبل" أنه "تم الاتفاق على سلة أسماء لوزارة الداخلية، لا تُحتسب لا على رئيس الجمهورية ميشال سليمان ولا على النائب ميشال عون"، لكنها لفتت إلى "مؤشرات أن عون وافق، بينما الرئيس سليمان لم يوافق بعد".
وفيما زار ميقاتي مساءً قصر بعبدا حيث التقى الرئيس سليمان، أفادت أوساطه أنه "لا يزال يتحفظ عن أي كلام، وأن الأمور لا تزال تحتاج إلى وقت إضافي ومزيد من البحث"، في حين قالت مصادر مواكبة لعملية التشكيل لـ"المستقبل" إن "مناخاً إيجابياً ساد اللقاء بين الرئيس سليمان وميقاتي، وإن الأجواء المحيطة بعملية التأليف عموماً باتت أفضل مما كانت عليه في اليومين الماضيين، خصوصاً بعد لقاء الخليلين مع الرئيس المكلف".

وأشارت المصادر نفسها إلى "حركة سورية باتجاه "حزب الله" والنائب عون أدت إلى تحريك المياه الراكدة، بما يؤدي إلى تخفيف المطالب العونية في شأن الحقائب والأسماء"، لافتة إلى أن "النقاش يدور حول سلة واحدة وليس حول وزارة واحدة، وأن الأمور وُضعت على السكة، لكن التشكيل ما زال يحتاج إلى جولة أخيرة من الاتصالات للاتفاق على الأسماء والحقائب".

بيدّ أن اللافت تمثل في تغريد عون خارج السرب، على الرغم من أنه أطل بعد اجتماع ميقاتي و"الخليلين"، وعلى وقع مسارعة إعلام قوى الأمر الواقع إلى ترويج التفاؤل، فأعلن "أنه لم يطلع على شيء بالنسبة للقاء الخليلين وميقاتي"، في موازاة حرصه على تنفيس أي تفاؤل عبر إبراز عقبات جديدة تعترض التأليف بقوله: "عندما تُحل قصة الداخلية فسيكون هناك وزارة الطاقة أو الاتصالات أو غيرها"، ما اضطر حسن خليل إلى الإطلالة عبر الـ"أو.تي.في"، نافياً "صحة الكلام القائل بأن ميقاتي برفض إعطاء وزارة الطاقة والاتصالات للتيار الوطني الحر".

وبدا لأوساط سياسية معنية أن عون أوحى بما قاله بأنه ليس راضياً عما اُتفق عليه في اجتماع ميقاتي و"الخليلين"، وإلا لكانت مواقفه اتسمت بالإيجابية وبالمرونة وليس بالتصلب، لا سيما مع تأكيده إثر اجتماع تكتل "التغيير والإصلاح" أن "لا وجود لأي نية أو إرادة حتى الساعة لتشكيل الحكومة"، معتبراً أن "هناك علامات استفهام حول من يغطي المعرقلين لتأليف الحكومة، فقد طرحنا تشكيل الحكومة من 29 وزيراً، وترك وزارة الداخلية ربما يتم إعطاؤها لأحد الوزراء بالوكالة حتى حلها"، مجدداً اتهامه للرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي بتنفيذ أجندة خارجية بحديثه عن "تواطؤ بين الداخل والخارج" كي لا يأخذ وزارة الداخلية.

وقبل أن يطل عون الذي علق على مواقف رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بالقول: "لا أعرف ماذا يوجد بينه وبين سليمان وميقاتي"، كان حليفه "حزب الله" يسند موقفه على لسان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، الذي شدد على أن ما يُطالب به عون "هو حقه الدستوري الذي لا نقاش فيه"، واصفاً مواقف جنبلاط بـ"مسألة تأفف موقتة". بيد أن الأهم في كلام رعد تمثل في اعتباره "أن ثمة من يعرقل على الأكثرية الجديدة جهودها لتأليف الحكومة، لكن الأكثرية تقوم بواجبها ومن حقها أن تُمارس اختياراتها بما يحفظ نهجها"، في إشارة ضمنية إلى الرئيسين سليمان وميقاتي، معلقاً على كلام الرئيس نبيه بري بأن "عدم تأليف الحكومة هو مؤامرة" بالقول: "يحاولون استهداف المقاومة حين لا تكون هناك حكومة".

وسط هذه الصورة، اعتبرت مصادر مطلعة لـ"المستقبل" أن "ما بدا واضحاً من خلال الحركة المستجدة في الساعات الماضية هو أن "حزب الله" وحركة "أمل" يرسمان طريق تشكيل الحكومة أمام ميقاتي(..) وأن الباقي تفاصيل مطلوبة لحفظ شكليات الأمور"، مؤكدة "أن أزمة فريق "8 آذار" لا تنتهي بالتأليف، فأطرافه لا يقرأون من كتاب واحد، ولا يتفقون على رأي واحد، ورب سائل كيف سيتعاطون مع الملفات التي تنتظرهم بعد التأليف؟".
كتلة "المستقبل"
وفيما حذرت كتلة "المستقبل" النيابية من أن الفراغ الحكومي والمراوحة في تأليف حكومة فاعلة لا تقتصر تداعياته السلبية على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية فقط إنما يؤثر سلباً على المالية العامة"، لفتت إلى "مؤشرات سلبية بدأت بالظهور إن لجهة تحول الفائض الأولي في الربع الأول من عام 2010، والذي كان يبلغ 580 مليار ليرة، إلى عجز أولي يبلغ في الفصل الأول من هذه السنة 215 ملياراً، وكذلك تراجع النمو الحقيقي من 7% عام 2010 إلى معدل مقدر بـ2.5% هذا العام".

باريس
وفي باريس، التقى رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، الذي أصدر بياناً إثر اللقاء أكد فيه "وقوف فرنسا إلى جانب اللبنانيين في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة، بما يسمح للسلطات في البلاد الاستجابة لاحتياجات وطموحات الشعب اللبناني، وبما يعزز من قدرة السلطة اللبنانية بما يجعلها تتعاون مع الأسرة الدولية حول قضايا أساسية مثل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أو تطبيق القرار الدولي رقم 1701".

قمة بكركي
وتتجه الأنظار إلى القمة الروحية الإسلامية المسيحية في بكركي غداً الخميس، فيما تترقب الأوساط السياسية بيان مجلس المطارنة الموارنة الذي يعقد اجتماعه الشهري اليوم برئاسة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خصوصاً أنه تسلم من الرئيس ميقاتي رسالة لم يُكشف عن مضمونها.
وكشفت أوساط واسعة الاطلاع على التحضيرات للقمة الروحية لـ"المستقبل" أن بيانها الختامي سيتناول كل القضايا الوطنية وسيشير إلى الوضع الحكومي الراهن".
وأوضحت أنه "من المفترض أن تكون لنتائج القمة انعكاسات إيجابية على الوضع اللبناني، لجهة تعبير القيادات الروحية عن مواقف وطنية واحدة، تكون بمثابة رسالة ليس فقط للبنان بل للخارج على حد سواء، في وقت تتم رؤية جرائم ضد الكنائس". ولاحظت "أن لا صراع دينياً في لبنان، بل خلافات سياسية، وهناك احترام متبادل لحرية العقيدة".
ورأت الأوساط نفسها أن اختيار بكركي لانعقاد القمة الروحية إنما يشكل نوعاً من التكريم للبطريرك الراعي، لافتة إلى أن القمة ستُصدر بيانها قبل موعد الغذاء الذي يقيمه البطريرك على شرف ضيوفه، على أن ينضم إلى القمة أعضاء اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي.

سليمان
وبعيداً عن المخاض الحكومي، أمل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "في عودة الاستقرار بشكل كامل الى المناطق السورية التي شهدت حوادث في الفترة الأخيرة، كي تتمكن السلطات من السير بسرعة في الإصلاحات التي أعلنها الرئيس بشار الأسد"، لافتاً الى "أن خطورة اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي تحت عنوان المطالبة بالإصلاحات تصب في خانة القوى والجهات التي تريد ضرب الاستقرار في المنطقة برمتها".
وكان الرئيس سليمان اطلع من سفير الجمهورية العربية السورية علي عبد الكريم علي على آخر التطورات وتناول معه العلاقات بين البلدين وحمّله تحياته الى الرئيس الأسد وتمنياته بعودة الهدوء والاستقرار سريعاً الى المناطق التي شهدت توترات ومواجهات.

السابق
البناء: بري: “قِربِت تِنحَلّ”..وحزب الله: ثمة من يُعرقل عمل الأكثرية الجديدة
التالي
جنبلاط لـ 8 و14 وآذار: كلاكما على خطأ…