طلاب لبنانيّون يُخلون مقاعدهم في سوريا

عاد طلاب لبنانيون يتابعون دراساتهم الجامعية في حمص وحماه إلى لبنان. لم يكن باستطاعة هؤلاء البقاء أكثر بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة. عودة قد تطول أو تقصر، فذلك مرهون بالتطورات وقرار الجامعة السورية

على عجلٍ، حمل الطلاب اللبنانيون في مدينتي حمص وحماه السوريتين أمتعتهم وعادوا إلى بلداتهم وقراهم. تركوا مقاعدهم الجامعية قسراً بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة هناك، وهم لا يعرفون المصير: هل يعودون إليها أم لا؟. فالوضع في سوريا «غير مطمئن في أماكن السكن وفي الشوارع، وبات يمثل خطراً على حياتنا»، يقول عاصم شداد، الطالب في كلية الطب في جامعة البعث في حمص. يصف الشاب المشهد كأنه لا يزال يعيشه «قنص وإطلاق نار عشوائي ليلاً، ليتبعه هدوء حذر نهاراً، مع اعتصام هنا وتشييع هناك». لم يكن شداد ليفكر في العودة لو أن الجامعة أبقت أبوابها مفتوحة، لكن منذ قرابة الأسبوعين «لم نعد نعرف متى تفتح أبوابها ومتى تقفل، ثم إن عدد الطلاب تضاءل كثيراً، فضلاً عن رحيل عدد كبير من الموظفين والأساتذة»، كما يقول.

كل شيءٍ عاد الآن إلى نقطة الصفر، برأي شداد وغيره من الطلاب العائدين. فالخوف على مصير تحصيلهم العلمي، الذي بات بالنسبة إلى بعضهم قاب قوسين أو أدنى من التخرج، هو المسيطر في الوقت الراهن. أما العودة، فمرهونة بما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات، فإذا طال أمد الأحداث الأمنية في المناطق السورية، وخصوصاً حمص وحماه، فلن يكون أمام الطلاب إلا خياران: خسارة «ساعات الخبرة العملية التي كنا نتابعها في مستشفيات المدينة وامتحانات الفصل الثاني الذي حدّدته إدارة الكلية بداية حزيران المقبل أو أننا سنبقى هنا»، يقول شداد. وقد يكون تريث البعض لقليل من الوقت هو لاعتقادهم بأنّ «ما يحصل من تظاهرات لن يطول، إضافة إلى الأمور المتعلقة بالمواد العلمية، ذلك أن الغياب من دون مبرر عن بعض المحاضرات العملية الأسبوعية الإلزامية، كان سيحرمنا من المشاركة في امتحان المادة»، يعلّق.

هذا الطالب لن يكون الوحيد الذي اتخذ خياره بالعودة إلى قريته اللبنانية، فأكثر الطلاب اللبنانيين هناك اتخذوا الخيار نفسه، «لكون الاعتصامات في الشوارع المحيطة بالجامعة، مثل شارع الحضارة في حمص ودوار الفاخورة وباب السباع، دفع غالبيتنا إلى التفكير جدياً في المغادرة»، يقول حسين الديراني، الطالب في كلية الطب في جامعة البعث. عاد الديراني الأحد الماضي إلى قريته، وتحديداً «منذ الأحداث الأخيرة التي حصلت في قرية تلبيسة التي تقع بين حمص وحماه، وبعدما بدأت الأوضاع في الجامعات بالتأزم». ونظراً لـ«دقة الوضع هناك وخطورته»، يسعى بعض الطلاب اللبنانيين وغير اللبنانيين الآن، كما يشير الديراني، للحصول على طلبات «كشف علامات، وهو عبارة عن طلب موقّع يأخذه الطالب بقصد المعادلة أو التسجيل في جامعة أخرى سواء في لبنان أو في دول أخرى». وهنا، يوضح الديراني أنّ خيار الانتقال إلى جامعة أخرى «سهل بالنسبة إلى طلاب السنوات الأولى، لكنه يبدو صعباً على الطلاب الذين شارفوا على الانتهاء من اختصاصهم، ذلك أن المعادلة مع الجامعة اللبنانية قد تفقدهم عاماً دراسياً».

وبحسب أحد طلاب الصيدلة الذي رفض ذكر اسمه، كانت إدارة جامعة البعث «متفهمة لأوضاع الطلاب اللبنانيين، فمنحتهم قبل نحو أسبوع تغيّباً مبرّراً للأسبوع الجاري، على أن يُنظر في الوضع بداية كل أسبوع بناءً على التطورات الحاصلة». ويشير إلى أنه «يتواصل يومياً تقريباً مع زملائه من الطلاب السوريين، للاستفسار عن الأوضاع في الجامعة وإمكانية العودة ومتابعة المحاضرات وللتعرف إلى ماهية بعض المواد التي تشرح لهم في ظل غيابنا».
يُذكر أن عدد الطلاب البقاعيين في الكليات السورية ضمن جامعة البعث في حمص وفروعها في حماه، يقارب 40 طالباً من مختلف الاختصاصات، فيما يرتفع العدد أكثر من ذلك قياساً على باقي المناطق اللبنانية، والطلاب اللبنانيين الموجودين في جامعات الشام، والذين يواصلون محاضراتهم الجامعية بنحو طبيعي، كما تؤكد عائلاتهم، فهم لم يفكروا حتى الآن بالعودة، لكون الأوضاع غير متأزمة.

الأمين العام القطري لحزب البعث فايز شكر، والمسؤول عن المنح الدراسية للطلاب اللبنانيين في جامعات سوريا، طمأن  سائر الطلاب إلى أنّ «تحصيلهم العلمي لن يتأثر بما يحصل، وسيعودون إلى كلياتهم وسيتابعون محاضراتهم وامتحاناتهم في أوقاتها»، مشدداً على أن «الأمور في سوريا تسير باتجاه العودة إلى طبيعتها».

السابق
تكرير الصرف الصحي في صيدا: “عبّارة” جانبيّة ومياه “معوكرة”
التالي
النهار: ظهور مسلّح رصد في المساكن الشعبي تزامناً مع قمع دوريات من قوى الأمن