اتفاقية توأمة بين بلدتي كالازيتا الإيطالية وحارة صيدا

انطلقت مراكبهم منذ العام 750 ق.م. تحمل جسور التواصل ونقل الثقافة الى مختلف أصقاع الأرض، فكانوا سفراء العالم في نقل الحرف والأبجدية، لتتواصل اليوم الجسور سيراً على خطى الفينيقيين في وصل العلاقات وتعزيزاً للروابط بين أبناء حوض البحر الأبيض المتوسط.
وتحت شعار ليجمع التاريخ ما فرّقته الجغرافيا، وقّعت بلدية حارة صيدا اتفاقية توأمة مع بلدية كالازيتا الإيطالية التابعة لـ اتحاد بلديات سردينيا، بهدف إعادة وصل هذه الجسور وتنفيذ العديد من المشاريع والخطط الإنمائية على كافة الصعد الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية والإنمائية.

إلى ذلك، أكد رئيس بلدية حارة صيدا سميح الزين، أنه لطالما حرصنا ومنذ جدّد تولينا مسؤولية رئاسة البلدية في هذه البلدة الكبيرة بأهلها ومساحتها، أن نكون السباقين في كافة المجالات، وأن ننهض ببلدتنا على كافة المستويات والصعد الإنمائية والبنيوية والخدماتية والثقافية والاجتماعية، ولقد كان شعارنا وما زال <العمل أولاً>، وفي سبيل بلدتنا لم نتوانَ عن سلوك كافة السبل لجعل حارة صيدا من البلدات، بل إن جاز القول من المدن الرائدة ليس على مستوى الجنوب، بل على مستوى الوطن كله.
وأوضح الزين أنه اخترنا بلدية كالازيتا -سردينيا الكريمة لتوقيع اتفاق توأمة بيننا وبينهم لعدة أسباب، منها للتاريخ المشترك منذ أيام الفينيقيين، وللموقع الجغرافي المميز على البحر المتوسط ولأهميتها وريادتها بين بلدات جنوب سردينيا في إيطاليا، وكونها تستطيع مساعدتنا في العديد من المشاريع والخطط الإنمائية التي ننوي تنفيذها في بلدتنا، ولقد لمسنا تجاوباً كبيراً من قبلهم بإتفاق مبدئي على عدة مشاريع أساسية وهامة لحارة صيدا ومحيطها، ليجمع التاريخ ما فرّقته الجغرافيا، ونتمنى أن يكون هذا اللقاء بداية لمسيرة طويلة مشتركة مليئة بالخير والبركة على كل من حارة صيدا وكالازيتا.

بدوره، رئيس بلدية كالازيتا انطونيو فيغو، شدد على إننا نعيش اليوم في ظل عولمة نسعى من خلالها، ولكن بصعوبة، أن نبني عالماً أفضل مبني على العدالة الإجتماعية وتقاسم الثروات متجاوزين الخلافات التاريخية، كاسرين الحدود المصطنعة واضعين خلف ظهورنا الإختلافات العرضية والإقتصادية والدينية هادفين لإعادة كتابة تاريخ جديد.

وأشار الى أنه لا بد أن نعود بذاكرتنا الى الوراء ونستذكر بأننا ومنذ قدم التاريخ نحن مرتبطون بجذور تاريخية ثقافية مشتركة توحّد جميع الشعوب المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والفينيقيون أسياد البحار تركوا بصماتهم في العديد من دول البحر المتوسط، وصولا الى كالازيتا في العام 750 قبل الميلاد، فكانت بلادنا تمثل لهم موقعا استراتيجيا هاما لمحطاتهم التجارية.

واعتبر فيغو أن عنوان بروتوكول التوأمة بناء جسر ثقافي على خطى الفينيقيين، ولسنا وحدنا في اختيار هذا العنوان، حيث تأسست العديد من الجمعيات الدولية لهذه الغاية، منها التجمع الثقافي الأوروبي بهدف تفعيل أطر الحوار في البحر الأبيض المتوسط، وكذلك الجمعية الدولية جسر ثقافي على خطى الفينيقيين وغيرها من الجمعيات، وقد قرر الإتحاد الأوروبي مخصصات هامة من أجل تفعيل التعاون بين شعوب المتوسط، وبالأخص التي كانت تعتبر مسار هام لتجارة الفينيقيين، ورغم البعد الجغرافي، لكن تتفتح أمامنا اليوم فرصة هامة جداً على كافة الصعد، وهذا التشابه والتقارب التاريخي يشكل كنز لشعوبنا، من خلاله سنعمل لتطوير مدينتنا ورفع المستوى الإقتصادي لأبنائنا.
جمول مستشار مكتب المتوسط للدراسات الدولية الدكتور حمزة جمول، أوضح أن الهدف من هذا الإتفاق تعزيز وتنفيذ برامج للتعاون الدولي على كافة الصعد الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية والإنمائية، وتطوير العلاقات وحل المشاكل المشتركة وضمان استغلال الموارد وتوسيع هذا التعاون ليشمل القطاعين العام والخاص، حيث تتعهد الأطراف المتعاقدة على التنسيق والمشاركة في عدة مجالات.

وأشار الدكتور جمول أنه من هذه المجالات: الشؤون الثقافية، النقل والإتصالات، حماية البيئة، الأنشطة المتصلة بشؤون الآثارات، والشؤون الحرفية والتدريب المهني والحماية المدنية والسياحة، وتعزيز التنمية الإقتصادية والمعارض والتجارة والأسواق والبحث العلمي والتكنولوجيا التطبيقية، وذلك بهدف تشجيع العلاقات والتعاون والتآزر بين الأطراف الموقعة، وتبادل خبرات المهنيين في شتى المجالات، وتشكيل لجنة للاتصالات والتخطيط المشترك لدراسة وتطوير وتنفيذ المشاريع المحددة والعمل على رفع نسبة التوعية المواطنية المدنية، وذلك ضمن نطاق البلديتين.

السابق
الديمقراطية حقيقة أم لا؟
التالي
حسن بري:نصنع من الضعف قوة