احترموا الأمن السوري على الأقل !

لم يكن أحد يظن أو يتخيّل أن "تيار المستقبل" وأنصاره في الشمال، يملكون "آرمادا" بحرية ترابط في موانئ طرابلس وعكار. وغواصات تختبئ في المياه الاقليمية عند شاطئ العبدة. وانه في اللحظة التي بدأت فيها التظاهرات في مدينة اللاذقية السورية، تحركت تحت جنح الظلام فرقاطات محمّلة أسلحة وذخائر لدعم المتظاهرين ضد النظام السوري!
ولم يكن أحد ينتظر أن يكون لدى بعض قوى 8 آذار ولو بقية من الرأفة بـ"الاخوة الألداء" في هذا الوطن البائس، أي جماعة 14 آذار. لكن لم يكن يتصوّر أحد أن بعض أهل 8 آذار لا يملك الاحترام، القليل من الاحترام لعقول محازبيه والمؤيدين والمناصرين والرأي العام اللبناني عموماً.
وهكذا، وفي غمرة انشغال العالم بالتظاهرات في سوريا، أذيعت في بيروت أنباء تقول: "ان التلفزيون السوري بث خبر مصادرة قوارب محملة أسلحة قبالة السواحل السورية، كانت مبحرة من مدينة طرابلس، وإن مسؤولين سوريين لديهم شكوك في أن القوارب أرسلها من لبنان أتباع حركة "تيار المستقبل"!
وقبل أن يقوم مدير الأخبار في التلفزيون السوري غالب فارس بتكذيب هذه الأخبار قائلاً : "ان التلفزيون السوري لم يبث أي خبر بهذا الخصوص على الاطلاق" وحتى قبل وصول نفي مدير قناة الاخبارية السورية الخاصة فؤاد شوربجي، الذي قال أيضاً ان محطته "لم تبث هذا الخبر"… بدا واضحاً أن ما أذيع عن "آرمادا" الحريري وشحنات السلاح الى سوريا، انما هدفه اتهام "تيار المستقبل" ومؤيديه بأنهم يسلحون العناصر السورية التي قامت بالتظاهر والتخريب في اللاذقية، وذلك بهدف استعداء دمشق ضد "تيار المستقبل" وقوى 14 آذار، استعداءً أبدياً لا فكاك منه!

طبعاً لم يكن مطلوباً من سعد الحريري الذي يجول في الخليج، أن يصرخ على طريقة زبيدة في مسرحية "بياع الخواتم": "يا دللي منللي"، تأكيداً على موقف كتلة "المستقبل" التي رفضت هذا الاتهام المشبوه "وتمنت للشقيقة سوريا أن تجتاز هذه المرحلة سريعاً في ظل الأمن والسلام والخير والتقدم".
وكذلك لم يكن مطلوباً من أنصار "المستقبل" في الشمال الافاضة في دحض رواية الزوارق والأسلحة، بعد ورود النفي السوري القاطع. وفي الأساس لم تكن "أوساط المستقبل" في حاجة الى التوضيح أنها لا تملك السلاح وخبرة الأسلحة، وأنها "لو ملكت السلاح لدافعت عن نفسها في 7 أيار من عام 2008".
وفي أي حال، لم يسبق لأحد في لبنان أن شاهد مصطفى علوش يرتدي زي الماريشالية وهو يستعرض أسطوله البحري في ميناء طرابلس، ولا شاهد أحد خالد ضاهر بثياب الأميرالية وهو يستعرض فرقة الضفادع البشرية على شواطئ عكار.
ولكن رغم هذا كله، لم يقرأ البعض النفي السوري أو بالأحرى النفيين عن التلفزيونين السوريين، وعلى طريقة عنزة مستقبلية تطير وتسبح أيضاً وتحمل الذخائر والأسلحة، جاءنا الزعيق الساطع كالمعتاد درساً في احترام الجار وحسن الجوار، ودعوة الى التحقيق في ارسال سبع "سفن" مسلحة الى سوريا، واذا صحّ هذا فانه يفرض استقالات رجال الأمن في مرفأ طرابلس، وربما في "قواعده البحرية"!

لا ندري لماذا كل هذا الارتجال والاستعجال، سواء عند الذين أطلقوا الاشاعة فجاءهم التكذيب مزدوجاً وسريعاً، أو عند الذين صدّقوا وزعّقوا وليس هناك ما يستحق الزعيق.
وأهمّ من كل هذا نقول: اذا كانت الانقسامات والصراعات في لبنان بين 8 آذار و14 آذار قد وصلت الى هذا الحد المضحك – المبكي، الذي لا يحفظ الاحترام، القليل من الاحترام لعقول اللبنانيين، فعلى الأقل دعونا نحترم الشقيقة سوريا والأمن الساهر على شواطئ سوريا ومرفأ اللاذقية تحديداً.
ففي سوريا دولة ساهرة على أمنها يا اخوان. ومن المعيب حقاً القول ان بضعة زوارق أو "فلوكة" تستطيع اختراق الأمن السوري. على الأقل لنحترم سوريا اذا كنا لا نريد أن يحترم بعضنا عقول بعض!

السابق
موسى كوسا غادر تونس متوجهاً الى لندن
التالي
إسرائيل تستعرض عضلاتها: كشفنا مواقع حزب الله كلها