الاسلام السياسي.. أزمة فكر أم تخلف عن العصر؟

الاسلام السياسي

بعد انقضاء الخلافة الاسلامية في بدايات القرن الماضي، وسقوطها في تركيا، غاب الاسلام السياسي كمفهوم عن الحكم، واقتصر وجوده على حركات او تيارات سياسية، تعتمد على الاسلام والتشريعات، التي يضعها او يستنبطها وجهاء تلك التيارات والحركات، من القرآن والسنة النبوية، ولم يتسن لهم تطبيقها في الحكم، إلا في اواخر سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فكانت البداية مع الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الخميني، ومن ثم في اواخر الثمانينات في افغانستان، بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي، ومن ثم انهياره في بداية التسعينات من القرن الماضي.

الاسلام السياسي يمر بمرحلة عدم اتزان وتطور

فإذا اخذنا هذين النموذجين في الحكم الاسلامي، بجناحيه الشيعي في ايران والسني في افغانستان، لوجدنا ان الاسلام السياسي، يمر بمرحلة عدم اتزان وتطور، يُجاري العصر الذي يعيشان فيه، وذلك من خلال هاتين التجربتين اللتين يعيشها شعبيهما، من ازمات حقيقية تُعيق التقدم والتطور، كما يعيشان في عزلة تامة، وتخلف عما يجري في المحيط من تطورات وعلى مستويات عدة.
لهذا، وبناء على تلك التجربتين، يتبين كم هي الازمة عميقة في فكر الاسلام السياسي، والذي لازال يعيش في حقبات مضى عليها الزمن، حيث لا زال يحاول في القرن العشرين ومن ثم الواحد والعشرين، وما رافقهما من تطورٍ وتقدم على مختلف المستويات، ، بينما لا زال اتباع الاسلام السياسي، يريدون الحكم من خلال ادوات وتشريعات عفا عنها الزمن، واصبحت طي النسيان في كل ارجاء الكون.

يتبين كم هي الازمة عميقة في فكر الاسلام السياسي والذي لازال يعيش في حقبات مضى عليها الزمن


هذا ما يساهم في تردي الوضع في البلاد، الخاضعة لسلطة حكم الاسلام السياسي، والازمات الحقيقية التي يعيشونها، وهما لا زالا نفس الدول ،ايران وافعانستان، وما يعيشه شعبيهما من دكتاتوريات حكم سياسي واضطهاد، نتيجة انعدام الحريات، وما تعانيه هذه البلاد من ازمات متصاعدة، تُظهر الكم الهائل من التخلف في الفكر السياسي، الذي يتحكم بعقلية الحكام، كما في المستوى الثقافة والاقتصاد.
ففي ايران مثلا، والتي شهدت العام الماضي ثورة النساء، والتي راح ضحيتها الاف النساء والشباب من الشعب الايراني، وما مارسه نظام الحكم من تعسفٍ في استعمال القوة وما الاعتقالات والاعدامات، لهي خير شاهد على ذلك.
اما في افغاستان، وبعد انسحاب القوات الامريكية وعودة حكم طالبان اليها، ايضاً التعسف تجاه المواطنين لاسيما النساء وخصوصاً في موضوع منع الاناث من التعليم في كافة المستويات، وخصوصاً التعليم العالي، وحرمانهن من الوظيفة العامة، لهو دليل على التخلف الفكري التي تعيشه حركات الاسلام السياسي، وازماتها الفكرية التي لا يمكن لها ان تتماشى مع العصر الحالي.

الاسلام السياسي يعيش خارج العصر ومسارات الحياة وتطورها الطبيعي ولا يُمكن لأي حكم يعتمد على الاسلام السياسي ان يصل لمستوى الحكم العادل


وهذا الامر ينطبق ايضاً على الفترة البسيطة، التي عاشتها حركة الاخوان المسلمين ابان الربيع العربي حيث تسنى لها ان تحكم مصر لحوالي السنة ونيف وما الاجراءات والممارسات التي مارستها، والتي جعلت من غالبية الشعب المصري الانقضاض عليها واسقاط حكمها، وهذا ينطبق ايضاً على حكم حركة “حماس” في غزة، وانقلابها على السلطة الفلسطينية، وممارساتها التعسفية في قطاع غزة، كذلك ينطبق على “حزب الله” وتحكمه بالسلطة اللبنانية، وما التصرفات والممارسات التي يمارسها، إلا جزءاً من القصور الفكري والذي لا يمكن ان يتماهى مع عقلية اللبناني المنفتحة على العصر، وبمختلف تنوعاته الفكرية والروحية، سوى قلة من الاتباع التي تتحكم بهم عقيدة ولي الفقيه الايرانية، والتي تتعارض مع الفكر والعقيدة الشيعية، وبعض المستفيدين من بقية الاطياف اللبنانية.
وهذا الامر، يجعل من الاسلام السياسي يعيش خارج العصر، ومسارات الحياة وتطورها الطبيعي، ولا يُمكن لأي حكم يعتمد على الاسلام السياسي، ان يصل لمستوى الحكم العادل، مهما حاول القيمين عليه من تجميل وتحسين بعض الامور، فيبقى خارج السياق التاريخي المعاصر.

السابق
سامي الجميّل يلتقي النائب ديديه: حزب الله مسؤول عن جر لبنان الى الحرب
التالي
أفشى أسرار البنتاغون.. عقيد أميركي ينهار أمام حبيبته!