مسعى حساس وحاسم لهوكشتاين.. الحرب على لبنان لن تكون قابلة للاحتواء

آموس هوكشتاين

«… ليس بالضرورة أن تنسحب الهدنة في غزة اوتوماتيكياً على جنوب لبنان». عبارةٌ – مفتاح في ما وصفه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بـ «المسعى الحساس والحاسم» الذي استكمله أمس في بيروت في سياق محاولات بلاده خفْض التصعيد على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية ومنْع انزلاق الأمور إلى مرحلة الـ «لا عودة».

فبحسب “الراي الكويتية” لم يكن ممكناً وَصْفُ وقْع كلام هوكشتاين عن عدم الانسحاب التلقائي لهدنة غزة على جبهة الجنوب اللبناني بأقلّ من «الصاعق»، بعدما كان تم التعاطي مع زيارته الثالثة للبنان منذ «طوفان الأقصى» والثانية في 2024، على أنها تمهيدٌ لملاقاةِ هدنةِ غزة وتَمَدُّدها المفترَض إلى الحدودِ الشمالية لاسرائيل بتفعيلِ مساعي بلوغ «اتفاق إطارٍ» لحل مستدام يتم الوصول إليه عبر المسار الديبلوماسي ويمرّ بمرحلة انتقالية تشتمل على ترتيباتٍ أمنية، بينها تعزيز انتشار الجيش اللبناني في أرض القرار 1701 وآلية معيّنة للحضور «الظاهر» لحزب الله فيها، سلاحاً ومسلّحين، بما يسمح بعودة آمنة لسكان المستوطنات الاسرائيلية والنازحين اللبنانيين من القرى الحدودية، وصولاً إلى تفاهُم بري يرتكز على بت النقاط الخلافية على الخط الأزرق ووضع الـ 1701 موضع التنفيذ (بما في ذلك جعل جنوب الليطاني منطقة خالية من السلاح).

ولكن مع فصْل هوكشتاين جبهتيْ غزة والجنوب، في ما خص مسار التبريد، فإن أوساطاً مطلعة ترى أن واشنطن في هذا المعنى وكأنّها كرّستْ المناخات الاسرائيلية التي تحدّثت عن عدم شمول جبهة لبنان بأي وقف موقت للنار في غزة، ما لم يتم تحقيق اختراق في سلّة مطالبها التي تتمحور حول إبعاد «حزب الله» عن الحدود ما بين 7 إلى 10 كيلومترات ولو تطلّب ذلك قصفاً سجادياً لهذه الرقعة بحيث تتحوّل ركاماً.

الـ boss

وفي القراءة بين سطور ما أعلنه هوكشتاين بعد لقائه الرئيس نبيه بري، واصفاً إياه مازحاً أمام الصحافيين بأنه الـ boss، يتّضح أن الموفد الأميركي لم يعد يرى مفراً من أن يكون إطلاق الحل المستدام «الممرْحَل» الممرَّ الإجباري لهدنةٍ في الجنوب، هو الذي إشار الى «أن وقفاً لإطلاق النار بصورة موقتة ليس كافياً»، محذّراً من «ان التصعيد أمر خطير ولن يساعد اللبنانيين ولا الإسرائيليين في العودة إلى منازلهم، ولا شيء اسمه حرب محدودة»، و«في حالة نشوب حرب محدودة عبر الحدود الجنوبية للبنان فإنها لن تكون قابلة للاحتواء».

واعتبرتْ الأوساط أن مغزى الرسائل التي أطلقها هوكشتاين، الذي التقى أيضاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومسؤولين آخرين وقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة سياسيين بينهم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ووفد من المعارضة، يتمثّل في أن الخطر الأعلى ما زال قائماً وأن مرحلة «التفاوض بالنار» قد تطول، حتى لو تم بلوغ هدنة في غزة، مع تعقيداتٍ أكثر ستترتّب على صعوبة تَصَوُّر أن يقدّم «حزب الله» شيئاً، بدءاً من القبول بمبدأ البحث في ترتيبات تتصل بالجنوب والقرار 1701، ليس قبل وقف اسرائيل اعتداءاتها على لبنان توازياً مع وقف النار في القطاع، بل حتى قبل انقشاع أن هذا ليس مجرّد «استراحة محارب»، وذلك انطلاقاً من مقاربته بأن تحريكه الجبهة جاء إسناداً لغزة.

وترى الأوساط نفسها أن الضماناتِ التي لم يقدّمها هوكشتاين حيال التماثل بين جبهتيْ غزة والجنوب في أي هدنة (ولو التزم حزب الله بها) تؤشر حُكْماً إلى أن مهمته لن تصل إلى نتيجة، وخصوصاً أيضاً أن ثمة انطباعاً بدأ يترسّخ بأن الولايات المتحدة لم تعُد وسيطاً «مضموناً» وفاعلاً في ضوء المؤشرات المتزايدة إلى أن علاقتها مع اسرائيل وتحديداً بنيامين نتنياهو صارت تحتاج إلى «وسطاء»، وأن «حزب الله» ثابت على رفض تقديم أي «هدايا» تتصل بـ «نهائياتٍ» في ما خص جبهة الجنوب (ولو تحت عنوان القبول بالبحث) فيما واقع غزة واستطراداً الجنوب متحرّكان.

ولاحظتْ هذه الأوساط أن زيارة هوكشتاين و«تتمتها» في اسرائيل سبقها «جرس إنذار» أميركي من نيات اسرائيلية بالتوغل البري في لبنان في الربيع أو أوائل الصيف «إذا فشلت الجهود الديبلوماسية في دفع حزب الله إلى التراجع عن حدودها الشمالية»، في ما بدا محاولة لرفْع منسوب الضغط على «بلاد الأرز» وتحذيرها من أشهر ساخنة ما لم يتم فصْل جبهة الجنوب نهائياً عن غزة وبترتيباتٍ أمنية تريح تل ابيب وسكان المستوطنات إلى أن لا إمكان لـ 7 أكتوبر من المقلب اللبناني.

وبحسب مصادر “اللواء”التقت هوكشتاين، فإن زيارة الوسيط الأميركي حملت معها تأكيدا جديدا بشأن أهمية اعتماد حل ديبلوماسي بشأن التطورات في الجنوب، وهذا أمر أساسي ومنفصل عن هدنة غزة إذ أن هوكشتاين لم يشأ التأكيد ان تهدئة جبهة غزة تنسحب على جبهة الجنوب، والواضح أن المسؤول الأميركي يحاول العمل على إرساء حل ديبلوماسي متكامل في الجنوب، وفهم أن نواب المعارضة توقفوا مجددا عند تطبيق القرارات الدولية وعدم جعل لبنان ساحة حرب.
والمحت بعض مصادر المعلومات ان هوكشتاين بدا اقل حدة تجاه حزب الله، معتبرا ان على قيادة الحزب ان تنظر بايجابية الى الحل الدائم بتهدئة طويلة ومستدامة عند الخط الازرق، لان وقف النار المؤقت ليس حلاً.
هوكشتاين الواقعي في عين التينة
ووصفت اوساط عين التينة ما نقله هوكشتاين من تصورات بأنها كانت اكثر محاكاة للواقع الحاصل على الارض.
وفهم من الاوساط ان ادارة بادين نصحت الاطراف اللبنانية وتستمر في نصحها بعدم اعطاء الفرصة لبنيامين نتنياهو ووزير يوآف غالانت للذهاب الى توسيع الحرب.
وفي ما بدا ان دعوة لفصل مستقبل الاستقرار بين غزة والجنوب اقترح هوكشتاين ان يصار خلال الشهر ونصف من عمر «الهدنة الانسانية المقترحة» الى تثبيت الاستقرار على جبهة الجنوب، بصرف النظر عن مسار ما بعد الهدنة على جبهة غزة.
وتوقف عند انتهاء الحرب عام 2006، وصولاً الى القرار 1701، الذي كان يتعين وضعه موضع التنفيذ من قبل الجانبين اللبناني والاسرائيلي، لكن هذا لم يحدث.
ومن الممكن، حسب (اي الوسيط الاميركي، وضعه على الطاولة بعد سريان هدنة غزة (6 اسابيع).
فقد تقصد المسؤول الاميركي ان يستهل زيارته الحالية من عين التينة، حيث التقى الرئيس بري، ومن هناك، اعطى الاولوية للحل الدبلوماسي الذي تفضله ادارته على اي حل آخر.. معتبراً ان هدنة غزة، واطلاق الاسرى يمكن ان ينسحبا على جنوب لبنان ايضاً.

السابق
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلثاء في 5 آذار 2024
التالي
غانتس: هذا الأمر سيجعل حزب الله يفكر مرتين!