قصة المفاوضات «المتعثرة» بين مطالب «حماس» وتصعيد اسرائيل و«تعاون».. ايران!

لا يبدو أن أفق المفاوضات لوقف اطلاق نار بين اسرائيل و”حركة حماس” مفتوحاً، إذ لا تزال
العراقيل تحول دون الوصول الى نهاية لحمام الدم في غزة، حيث تتمسك “حركة حماس” بموقفها من الاتفاق الإطاري، الذي توصل إليها الوسطاء في اجتماع مع الجانب الإسرائيلي في باريس، والقائم على ثلاث مراحل يتم خلالها تبادل الأسرى، فيما اسرائيل اعلنت رفضها معظم مطالب “حماس”، وبالتحديد الالتزام بإنهاء الحرب بعد إتمام الصفقة، لكنها لم تقفل الباب نهائياً، على الرغم من تلويحها، بتوسيع رقعة الحرب في فلسطين وصولاً الى لبنان.

على وقع التجاذبات، بدأت طبول “التسوية” تُقرع بشدة مع تصعيد عسكري اسرائيلي واسع في الداخل الفلسطيني، وهو ما عكسه تصريح مكتب رئيس وزراء بنيامين نتنياهو، بأنه وجه الجيش بعرض خطة لإجلاء المدنيين من رفح وتدمير “حماس”، وهو مؤشر على أن مفاوضات وقف إطلاق النار مع الحركة ستمر بمخاض عسير، وقد تمتد لأسابيع بفعل الضغوط التي تحاصرها قبل الوصول إلى الهدف المرجو.

يسعى الوسطاء، وفي طليعتها الولايات المتحدة وقطر الى جانب مصر، وما بينهم ايران، الى العمل من أجل وضع خطوط عريضة تسهّل الولوج الى هدنة وتهدئة بمسار طويل، إلا أن الأثمان يبدو أنها ستكون باهظة، فإسرائيل ستعمل لحجز مكاسبها فيها بكل قوتها، عبر الضغط على حركة “حماس” من خلال تصعيد هجماتها العسكرية، بدليل الحديث عن إعداد خطة مزدوجة لإجلاء الفلسطينيين وسحق كتائب حماس في رفح.

يتباين الموقف بين حماس وإسرائيل بشأن الصيغة الملائمة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، الا أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي زار المنطقة تحدث عن وجود إمكانية للاتفاق بين الطرفين، وتوفر أرضية مناسبة لاستمرار التفاوض، وعكست التصريحات بأن مسار المفاوضات مع حماس بات حتميا من أجل بلورة الوضع للمرحلة المقبلة، وما كلام الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس عن ضرورة إعادة تشكيل أولويات الحرب الإسرائيلية سوى تأكيد على وجود متغيرات ستتحكم بمسار المرحلة المقبلة.

أكثر من 50% من الإسرائيليين يؤيدون الصفقة مع “حماس”

وسط المفاوضات خلف الكواليس، اظهرت استطلاعات الإسرائيلية تأييد أكثر من نصفه عقد صفقة مع حماس، على الرغم من تصريحات نتنياهو التصعيدية، وسط اقتناع بأنه لا بد من الذهاب إلى المفاوضات التي تشترط “حماس”، للمضي بها على ضرورة الوقف الدائم لإطلاق النار، ما يعني إنهاء العملية العسكرية، وهو ما يرفضه الجانب الاسرائيلي، الذي يسعى للتغطية على عدم تحقيقه النصر بعد 4 أشهر من المعركة، في محاولة للتغطية على ذلك عبر إثبات أن الكرة لا تتزال تتحكم بها إسرائيل، فيما بات هناك شبه اقتناع بأنه لا يمكن القضاء على حماس، وأنه لا بد من التوصل إلى اتفاق يفضي لوضع حد للحرب وإنهاء الأزمة في المنطقة.

“حماس” تتمسك بـ3 أسرى .. وتباين أميركي إسرائيلي

عرقل الإختلاف بين الموقفين الأميركي والإسرائيلي، من موقف الحركة الذي جرى بحثه في القاهرة مسار المفاوضات بشأن صفقة وقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى.

وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” تتمسك حركة “حماس” بـ3 أسرى لإتمام الصفقة المقبلة مع الجانب الإسرائيلي، وأشارت إلى أن الأسرى الثلاثة هم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبد الله البرغوثي.
وأفادت وسائل إعلام تابعة ل”حماس”، بأن وفدها اختتم محادثاته مع الوسطاء في القاهرة، لبحث موقف الحركة من مقترح باريس، وقد غادر العاصمة المصرية.

وأشارت المصادر عينها، إلى أن اللقاء في القاهرة ضمّ مسؤولين مصريين وقطريين إضافة لوفد حماس. كذلك أوضحت المصادر وجود خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حالت دون موقف واضح من مباحثات القاهرة.

3 مراحل على مدار 135 يوماً

سلمت إسرائيل ردها على خطة حماس بشأن صفقة وقف الحرب وتبادل الأسرى، إلى كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، وفق موقع “والا” الإسرائيلي، وأعلنت رفضها خطة حماس التي تتضمن 3 مراحل على مدار 135 يوما، تنتهي بصفقة تبادل جميع الرهائن الإسرائيليين بالآلاف من الأسرى الفلسطينيين، مع إنهاء الحرب على قطاع غزة.

وحسب موقع “والا”، أبلغت إسرائيل الوسطاء رفضها معظم مطالب حماس، وطلبت منهم كذلك أيضا، مع الاستعداد للمفاوضات على أساس “خطة باريس” لوقف إطلاق النار المؤلفة من ثلاث مراحل، تتضمن مبادلة الأسرى الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، وإعادة إعمار غزة، وضمان الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة وتبادل الجثث والرفات؛ وبينت الحركة شروطها لتبادل الأسرى في عملية من ثلاث مراحل.
وفي ردها، فصلت إسرائيل النقاط التي تعترض عليها، وهي:
1- سحب القوات التي تقسم قطاع غزة إلى جزأين.
2- الالتزام بوقف دائم لإطلاق النار في نهاية مراحل وقف القتال.
3- أعداد الأسرى الذين تطلب حماس الإفراج عنهم في عملية التبادل.
وفي التفاصيل، أشار مسؤول إسرائيلي كبير إلى أن “إسرائيل أوضحت للوسطاء أنها، خلافا لمطلب حماس، لن توافق على انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، من الممر جنوبي مدينة غزة، الذي يقسم القطاع إلى جزأين في وقت مبكر من المرحلة الأولى”.
ومع ذلك، فهناك “استعداد إسرائيلي لدراسة انسحاب قوات الجيش من مراكز المدن في قطاع غزة”.

وقالت إسرائيل للوسطاء إنها تعارض طلب حماس إضافة عبارة “بشكل دائم” إلى البند الذي ينص على إجراء مفاوضات غير مباشرة، بشأن العودة إلى السلام في المرحلة الأولى من الصفقة.
ويعود السبب في ذلك إلى “رفض إسرائيل الالتزام بإنهاء الحرب بعد الانتهاء من تنفيذ صفقة إطلاق سراح الرهائن”، وفق المسؤول.

وأوضحت إسرائيل للوسطاء أنها غير مستعدة لأن تناقش، في إطار المفاوضات حول صفقة الرهائن، ما سمته “حماس” في خطتها “رفع الحصار” عن غزة، وأكدت للوسطاء أن “مفتاح إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذي قدمته حماس في جوابها غير معقول”.

واعتبرت أيضا أن القائمة الطويلة من المطالب المرفقة في رد حماس، مثل الالتزامات المتعلقة بالمسجد الأقصى أو أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، “غير مقبولة ولا علاقة لها بالموضوع”.

وتكثف الولايات المتحدة جهودها، من أجل التوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق على تبادل السجناء، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتي تعطل إسرائيل دخولها، خاصة للأجزاء الشمالية من القطاع، وهو ما يمكن أن يؤدي في النهاية، إلى تقدم في ملفات أخرى، فيما تسعى إسرائيل عبر ضغطها لابعاد “حماس” عن السلطة بعد الحرب، وايجاد حل قد لا يؤدي بالضرورة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وألا يلزمها بإطلاق سراح كل الأسرى الفلسطينييين.

الإفراج عن 250 رهينة.. شروط ونقاط عالقة

يعمل الوسطاء، وهم الولايات المتحدة وقطر ومصر، على تقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحماس، فيما التبيان بين الطرفين يصل الى حد الذروة، بشأن الشروط المقترحة لاتفاق، يهدف إلى وقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر في قطاع غزة، وإطلاق سراح عشرات الرهائن الذين ما زالوا محتجزين، مقابل إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

ووفق وكالة “أسوشيتد برس”، فإن إسرائيل تريد إزالة حركة “حماس” من السلطة في غزة، فيما “حماس” تريد الحفاظ على سيطرتها على القطاع.
جعلت إسرائيل من تدمير القدرات العسكرية لـ”حماس” هدفا رئيسيا في حربها ضد الحركة، وبعد الهجوم الدامي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر الماضي، والذي أسفر عن مقتل ما لايقل عن 1200 شخص واحتجاز 250 رهينة، وفقا للسلطات الإسرائيلية، تعهدت إسرائيل بالعمل, على ألا تشكل الحركة تهديدا لمواطنيها مرة أخرى، كما أنها تريد الحفاظ على سيطرة أمنية مفتوحة على القطاع بعد انتهاء الحرب.

وفي موضوع السجناء، تشترط “حماس” إطلاق سراح المئات من كبار الناشطين الفلسطينيين المسجونين، فيما إسرائيل تريد إبقاءهم خلف القضبان.

https://twitter.com/ghada_pales/status/1756406899686216140?s=46&t=lUzUZKfSwiQf51jtxFGrBA

وتحتجز إسرائيل آلاف السجناء الفلسطينيين بتهم مختلفة، منها ما هو خطير ومنها ما هو أقل خطورة، وفي بعض الحالات بدون تهم على الإطلاق، وقد وافقت إسرائيل على إجراء صفقات تبادل غير متكافئة في عدة مناسبات سابقة، وإحدى تلك الصفقات، كانت في عام 2011، وتمثلت في إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل 1027 معتقلا فلسطينيا، وكان من بين المفرج عنهم، يحيى السنوار، الزعيم الحالي لحركة “حماس” في غزة، والذي يُنظر إليه على أنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر، الذي أشعل فتيل الحرب.

وتريد “حماس” إطلاق سراح مئات السجناء، ومن المتوقع أن تطالب بإطلاق سراح الناشطين، الذين يقفون وراء بعض من أعنف الهجمات ضد الإسرائيليين، وفق الوكالة، في المقابل، يعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو “صفقة تشمل كبار المتشددين”، ومن المرجح أيضا أن يرفض هو وحكومته مطلبا بالإفراج عن عدد كبير من السجناء، وبينما تعتبرهم إسرائيل “إرهابيين”، ينظر الفلسطينيون للسجناء كـ “أبطال يحاربون الاحتلال الإسرائيلي”، إذ أن لكل فلسطيني تقريبا صديق أو قريب في السجن.

جنوب لبنان في قلب المعادلة .. وإيران “حاضرة”

يحضر جنوب لبنان في قلب المعادلة التي يتم رسمها، فيما القصف شبه اليومي عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” الذي يواصل عمليات الإسناد “المضبوطة” منذ بدء حرب غزة، على الرغم من استهدافه في عمق بيته، في وقت جددت فيه إسرائيل تهديداتها باعلاتها الاستعداد لتوسيع الحرب على الحدود اللبنانية، إذ قال قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوري غوردين :”إسرائيل تهدف إلى تغيير الوضع الأمني في الشمال، قرب الحدود مع لبنان، على نحو سيتيح لنا إعادة السكان بأمان”، ونقل المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي عن غوردين قوله:”عازمون على تغيير الواقع الأمني الذي بات يتغير هذه الأيام بالفعل، ونواصل الاستعداد لتوسيع رقعة الحرب، كما أن الجيش الإسرائيلي سيواصل ضرب (حزب الله) وتجريده من قدراته”.

وسط ذلك، وفي عز التصعيد الكلامي بالتوازي مع المفاوضات الجارية على قد وساق، وصل إلى بيروت وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت، في توقيت مثير من حيث المجريات التفاوضية والعسكرية، فأكّد أنّ “إيران ستستمر في دعمها القوي للمقاومة وللبنان و”حزب الله” و”المقاومة” فيه قاما بشجاعة وحكمة بدورهما الرادع والمؤثر”، معتبراً أن “استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل، لن يجلب لها إلا الفشل، والإسرائيلي يعمل على جرّ الولايات المتحدة إلى مستنقع حرب في المنطقة”.

وفي رسالة بأن ايران جاهزة عبر وكلائها في لبنان والمنطقة، أكد عبداللهيان بأن طهران ” دعت بكل صراحة للولايات المتحدة ألّا تدعم الإبادة الجماعية والجرائم في الضفة الغربية، وأنها أعلنت بصوت عال ومنذ بداية هذه الأزمة، أعلنا أن الحرب ليست هي الحل”.

هل ستتوقف الحرب بعد إطلاق الرهائن والسجناء؟

جعلت الحرب أجزاء من غزة غير صالحة للسكن، وشردت عدداً كبيراً من السكان، بينما تركت ربع السكان يتضورون جوعاً، وعلى الرغم من كل المعاناة، يصر نتنياهو على التأكيد بأن إسرائيل ستواصل القتال حتى تحقيق “النصر الكامل” على حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية حركة إرهابية، وإسرائيل تؤكد انها ستستأنف القتال بعد تبادل الرهائن ببعض السجناء، أما حماس فتريد الحصول على التزام مسبق بأن إطلاق سراح جميع الرهائن سيؤدي إلى نهاية الحرب.

وتعمل إسرائيل من أجل إبقاء قواتها في قطاع غزة لمواصلة تفكيك شبكة الأنفاق الواسعة التابعة للحركة، وتحييد منصات إطلاق الصواريخ وقتل المسلحين في إطار هدفها المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحماس، في المقابل تريد “حماس” أن تلتزم إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار قبل أن تبدأ التفاوض على إطلاق سراح جميع الرهائن، على مراحل.

السابق
بالصور: مُطمئناً على صحته.. العلّامة الأمين يلتقي الشيخ عريمط في دبي!
التالي
«سبائك وحقائب ذهبية مدفونة تحت الأرض».. تقرير اسرائيلي صادم عن مصادر تمويل «الحزب»!