اميركا «تُطفش» طهران.. وإسرائيل تطارد الإيرانيين وتقتلهم في سوريا!

اميركا اسرائيل
تحولت سوريا بين عشية وضحاها، إلى ساحة مطاردة غير متكافئة، بين سلاح الجوّ الإسرائيلي المتفوّق في الرصد، وتحديد الاهداف عبر الاقمار الاصطناعية والقصف، وبين المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا، العاجزين عن التواري وتفادي تلك الغارات القاتلة.

اتخذت الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا منذ مطلع العام منحى تصاعدياً، اتسم بضربات دقيقة، تستهدف قادة رئيسيين من الصف الأول في الحرس الثوري الإيراني “فيلق القدس”.

ولما كانت إيران، هي الدولة الداعمة عسكرياً بشكل كبير، للحركة الفلسطينية ول”حزب الله” في لبنان، فإن التفاهمات الأمنية التي كانت سائدة قبل الحرب سقطت مع خطوطها الحمر، وأصبح اغتيال القادة العسكريين الإيرانيين واللبنانيين بالغارات الجوية أو الصواريخ متاحاً، مقابل قصف المستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية للجيش الإسرائيلي، في الجليل شمال فلسطين المحتلة.

لم تعد سياسة حافة الهاوية التي طالما اتقنها محور الممانعة تجدي نفعا، وان مطالبة واشنطن لطهران بسحب جنودها ومستشاريها من سوريا اصبح مطلبا أكثر من ملحّ وجدي

توافق اميركي اسرائيلي

فاذا كان اللافت هو الإصرار الإسرائيلي، على إيقاع أكبر خسائر ممكنة بين قادة الحرس الثوري الإيراني، من اجل الانتقام مباشرة في إيران بسبب دعمها ل”حماس” و”حزب الله”، في قتالهما الحالي ضد جيشها الغازي، فإن خبراء يعزون هذا التصعيد وقتل المستشارين جوّاً، الى” ضوء أخضر اميركي لتل أبيب، من أجل الضغط على طهران كي توعز ل”حزب الله” و”أنصار الله” الحوثيين، بالموافقة على وقف إطلاق النار من الجبهتين اللبنانية واليمنية، لإنجاح المساعي الغربية التي تقودها الولايات المتحدة، بمعاونه قطر ومصر، وتتم بذلك فتح المسارات السلمية الموعودة.

خبير عليم بالشأن الايراني قال ل “جنوبية” انه “يستبعد خطوة الانسحاب بتلك البساطة من سوريا دون قبض ثمن سياسي تحصل عليه طهران عوضا عن خسائرها

والملاحظ، انه بعد المسؤول العسكري ل”فيلق القدس” رضي الموسوي، الذي قتل قبل شهر في دمشق بغارة جوية اسرائيلية، ثم اغتيال رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري الحاج صادق مير زاده ونائبه، وعدد من المسؤولين الايرانيين والعراقيين، بضربة جوية مماثلة في ضاحية المزة في دمشق ايضا قبل اسبوعين، وقد اعلنت المصادر الايرانية الاعلامية رسميا أمس عن مقتل “المستشار في الحرس الثوري سعيد علي دادي” بغارة جوية، استهدفت جنوب دمشق، وذلك دون الاعلان عن رتبة القيادي القتيل ومسؤوليته، مما خلّف غموضا يعكس ارباكا، خلفته صدمة الاغتيال المفاجىء.

نهاية سياسة حافة الهاوية

والجدير ذكره، ان الغارات الإسرائيلية سابقاً قبل حرب غزة، كانت تكتفي بضرب مخازن السلاح المزعومة من قبل الإعلام العبري، أنها صواريخ دقيقة مرسلة إلى “حزب الله” في لبنان من دون ايقاع خسائر بشرية في صفوف الايرانيين، عدا بعض الغارات الاستثنائية، كما حدث في 19 كانون ثاني عام 2015 عندما قتل الشقيق الاكبر لعلي دادي هو “الجنرال محمد علي دادي في ضربة جوية إسرائيلية أدت لمقتل ابن القائد في حزب الله عماد مغنية، جهاد، على الحدود مع هضبة الجولان”، كما كشف المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم لموقع “الحرّة”.

هذا التطوّر العسكري، الذي يأتي في خضم معركة “طوفان الأقصى”، التي تخوضها حركة “حماس” الفلسطينية منذ أربعة شهور في قطاع غزة، المدعومة من “حزب الله” في جبهة جنوب لبنان، ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي، يكشف عن مرحلة دقيقة تمرّ بها المنطقة، وما الغارات الاخيرة على دمشق، التي سالت فيها لاول مرة دماء نخبة قادة الصف الأول للحرس الثوري الايراني في “فيلق القدس”، سوى دليل على انه لم تعد سياسة حافة الهاوية التي طالما اتقنها محور الممانعة، تجدي نفعا، وان مطالبة واشنطن لطهران بسحب جنودها ومستشاريها من سوريا اصبح مطلبا جديا واكثر من ملحّ، دونه عواقب وخيمة حال تمنع طهران واتباعها عن تنفيذه.

بالمقابل، وعلى الرغم من اعلان “رويترز” اول من امس الخميس، نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن الحرس الثوري الإيراني، قلّص نشر ضباطه الكبار في سوريا، بعد سلسلة الضربات الإسرائيلية المميتة التي استهدفت وجوده ومصالحه هناك، وانها ستدير عملياتها في سوريا عن بُعد، بمساعدة :حزب الله” اللبناني، فان خبيرا عليما بالشأن الايراني، استبعد عبر “جنوبية”، “خطوة الانسحاب بتلك البساطة من سوريا، من دون قبض ثمن سياسي تحصل عليه طهران، عوضا عن خسائرها المادية الجسيمة التي تكبدتها بالحرب االسورية من اجل الاحتفاظ بنظام الاسد حليفها الاستراتيجي، خصوصا ان الجمهورية الاسلامية ما زالت تملك اوراق قوة، اهمها ورقة الحشد الشعبي العراقية، وورقة “حزب الله” في لبنان”.
وأردف”: وهاتان الورقتان جاهزتان للعب أدوارا سياسية وعسكرية بكفاءة عالية، تحقق المصالح المشتركة لايران وللولايات المتحدة، على حد سواء في المنطقة، وشاهده ما يجري حاليا من مفاوضات، سعيا لانهاء حرب غزة، تجتمع فيها “حماس” و”حزب الله ” وايران نفسها الذين يسيرون بالمسار السلمي نفسه المدعوم من المجتمع الدولي، المؤيّد كذلك من واشنطن وحلفائها الغربيين، بمجابهة اليمين الاسرائيلي المتطرف المدعوم من بنيامين نتنياهو، لاجباره على الموافقة على وقف اطلاق النار او هدنة طوية الأمد”.

السابق
حزب الله لن ينسحب.. تحذيرات دولية من انزلاق الوضع جنوبا!
التالي
بالصورة.. إحباط تهريب شحنة مخدّرات مخبأة في بودرة حلويات!