«حزب الله» يُحوّل لبنان الى «أرض محروقة»..«أنا السيّد»!

علي الامين
يتحسر اللبنانيون على بلادهم يوماً بعد يوم، وهم يشهدون على تصدعها وانهيارها بأم العين، وتحولها إلى أضغاث أحلام دولة، بفعل الإرتكابات المتمادية للمنظومة السياسية المتحكمة، التي لم تشبع من مصّ دمائهم ونهب جنى أعمارهم، وفي مقدمها "حزب الله"، الذي يرهن لبنان وجنوبه، و"يسيد" نفسه على أراضيه، ليقول "أنا السيد"، ويستبيحه بالسياسة والسلاح، لينفذ على أنقاضه مآربه الخاصة، خارج مصلحة لبنان وفلسطين، ولو استدعى الأمر "إستحضار" سياسة "الأرض المحروقة"!

ما شاهده اللبنانيون، في جلسات اقرار الموازنة في مجلس النواب، خلال الايام الماضية، يختصر صورة لبنان او ما تبقى منه، انه مشهد مستفز ويبعث على النفور، مما آل اليه حال الدولة والوطن، من انهيار لايفضي الى قرار.

انه مشهد يبعث على ضيق الصدر، ويستند كذلك على يأس اللبنانيين من قيام الدولة ونهوضها، مع الوقائع المفجعة، التي تواجههم من هذه المنظومة، بنهبهم واستباحة الدستور والقوانين، وبإنهاء كل امل باستعادة الحد المعقول من حقوق الدولة، في وقف استباحتها، ومنع مصادرة ما تبقى من سيادة القانون، ولجم تغوّل المليشيات والمافيات، على مقدرات اللبنانيين شعبا ومؤسسات.
فيما هذا اللبناني المنتقصة حقوقه كمواطن وانسان، يبحث عن مفرّ ليهرب من هذا البلد الملعون، الى بلد آخر يأويه ويُشعره بأنه لم يزل انسانا.

في السنوات العشر الاخيرة، هاجر اكثر من ٦٠٠ الف لبناني الى الخارج، بينهم ما يزيد على ١٧٥ الفاً في العام ٢٠٢٣، بحسب “الدولية للمعلومات”، اي ان اكثر من ربع الذين هاجروا، غادروا لبنان في العام الأخير.

حال اللبنانيين ولبنان اليوم مع “حزب الله” كحال المصاب بمرض عضال الذي يكتفي بالدعاء والصلاة ولا يكلف نفسه عناء القليل من القطران

انه نتاج اليأس من قيام الدولة، بكل ما ينطوي عليه معنى الدولة، بالمقابل فان التشظي الذي يعاني منه المجتمع، هو نتاج ممارسات على مدى ٣٠ او ٤٠ عاما، من تدمير لكل مقومات النظام المدني، والحياة الوطنية لصالح نظام مافيوي سلطوي، افرغ النقابات على اختلافها وصادرها، ورسّخ المحاصصة الفئوية، وشرّع النهب ودمر القضاء، وطوّع ما تبقى منه، وأعلى من شأن كل ما هو فئوي، على كل ما هو وطني جامع.

ماذا بعد؟

لقد أُقرت الموازنة بمزيد من فرض “الخوّات”، لتمويل المنظومة واذرعها، فالضرائب المفروضة على المواطنين لا تهدف الى استعادة حقوق الدولة، من مال منقول منهوب ومن مال غير منقول مصادر، ولم تمس كذلك المستولين على الاملاك العامة ولا اصحاب الكسارات، ولم تلحظ الخطة المالية مصير اموال المودعين المنهوبة، وقبل ذلك وبعده، لا خطة نهوض فعلي للبنان، ولا أمل باصلاح ما هو فاسد ومفسد في هذه السلطة.

إقرأ ايضاً: المعركة تتوسع جنوباً بلا ضوابط..واللبنانيون على موعد مع «مجزرة ضرائب»!

تدمير لبنان يتم، وانجزت المهمة الى حدّ كبير، الدولة في حالة موت سريري، لقد استكملت اخيرا عملية مصادرة اهم وظائف الدولة، في مسار يأخذ لبنان نحو قواعد ومبادئ حكم جديدة، مصادرة وظيفة مرجعية العمل السياسي المشروع، والعمل العسكري المشروع.

لبنان يتجه نحو قواعد ومبادئ حكم جديدة مصادرة وظيفة مرجعية العمل السياسي المشروع والعمل العسكري المشروع


من يفاوض باسم لبنان، ومن يمسك القرار السياسي للدولة، المؤسسات الدستورية ام “حزب الله”؟


من يفاوض، من يقرر في السياسة الخارجية، ومن يقرر الحرب من عدمها، الدولة ام حزب الله؟!

مجلس النواب
خلال جلسات مناقشة الموازنة

في المشهد الجنوبي اليوم، وفي المواجهات الجارية مع الاحتلال، ليس الهدف من اطلاقها من قبل “حزب الله”، مساندة غزة التي يجري تدميرها من دون توقف، ولا توفر مساهمات “حزب الله” اي تغيير في ميزان القوى، بين “حماس” والجيش الاسرائيلي، بل أظهر الاخير تفوقا جويا في عملياته تجاه “حزب الله”، من دمشق الى بيروت والجنوب، وبات واضحا ان اسرائيل لديها قدرات أمنية جديدة وحديثة، فاجأت الحزب، خصوصا على المستوى التقني والاتصالات وقدرات الخرق.
كما ان “حزب الله” لا يريد الخوض في حرب مفتوحة ولا اسرائيل ايضا، وهي التي تخوض بدورها حربا وجودية مع غزة، فالاجرام الصهيوني تجاه الفلسطينيين يعكس حجم الخوف الاسرائيلي، لذا لا تبدو تل ابيب انها في وارد ان تنهي المعركة بأي نتيجة، قد تعطي فرصة ل”حماس” لكي تحكم او تسيطر مجددا على غزة.

“حزب الله” لا يريد الخوض في حرب مفتوحة ولا اسرائيل ايضا التي تخوض حربا وجودية مع غزة

المعركة مع “حزب الله” هي مختلف، بالنقاط كما سماها امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، صراع غير وجودي، امكانية التسوية واردة، اقصى ما تطمح اليه اسرائيل انضباط “حزب الله” وترتيبات امنية ما، وهذا امر فرصه متاحة.
“حزب الله” يعي هذه المعادلة ويراعيها، ولو على حساب التفوق الاسرائيلي في الميدان، هي معركةجوهرها ليس تغيير موازين القوى مع اسرائيل، الحزب يحتاج الى مكسب، يغطي الترتيبات الامنية مع اسرائيل، والتي لا مفر منها، قد يكون المكسب مزارع شبعا وتثبيت الحدود، لكن الاهم بالنسبة اليه، فرض تغيير في موازين القوى الداخلية، في سياق ترسيخ قواعد لبنان كما يريده ويسعى اليه، ونرى ذلك من خلال قراءة مشهد تهميش شرعية القرار السياسي للدولة، بعد حيازته للقرار العسكري، والانقضاض على الدولة التي باتت باحوال انهيارها الجارية مهيأة للخضوع الكامل، يعزز ذلك ضعف المقاومات اللبنانية، بل غيابها. بما يساعد ان يتحول ما تبقى من لبنان، الى لقمة سائغة.
حال اللبنانيين ولبنان اليوم مع “حزب الله”، كحال المصاب بمرض عضال.. الذي يكتفي بالدعاء والصلاة ولا يكلف نفسه عناء القليل من القطران.

السابق
المعركة تتوسع جنوباً بلا ضوابط..واللبنانيون على موعد مع «مجزرة ضرائب»!
التالي
بالفيديو: غارات على طيرحرفا والجبين وزبقين وحولا تدمر منازل ومحال تجارية!