مصدر ديبلوماسي غربي يكشف: لهذه الأسباب لن تنخرط ايران مباشرة في حرب غزة!

ميليشيات ايران سوريا

كثر الكلام عن امكانات ايران لدخول الحرب الدائرة في غزة، وفتحها الجبهات المتعددة، عبر اذرعتها الممتدة في سوريا ولبنان والعراق واليمن، والاعتبارات التي ابقت على الصراع العسكري محدودا خارج فلسطين المحتلة، رغم ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية حيناً، في جنوب لبنان والعراق واليمن، وانخفاضها احيانا، لكن هذه الحرب لم ترتفع الى مستوى الحرب الشاملة على غرار حرب لبنان ٢٠٠٦.

وفي هذا الاطار، كشف مصدر ديبلوماسي غربي لمجلة “فورين بوليسي” عن اسباب عدم دخول ايران الحرب مباشرة في وجه اسرائيل للاسباب الآتية:

١- حذر الاصلاحيين الايرانيين من الانخراط بالتصعيد المباشر وحتى غير المباشر، بسبب احتمالية نشوب حربٍ إقليمية مُوَسَّعة، ليست ايران على استعداد لها، خصوصا وان الاميركيين والاوروبيين لن يتركوا اسرائيل وحيدة في الحرب، بل سيساندونها بكل ادوات المعركة، وارسال جنود وتسخير الامكانات الدولية التكنولوجية والسياسية والعسكرية لها.

٢- إنَّ واقعَ التفكير الاستراتيجي الإيراني، هو أكثر حذرًا في ايران حتى من المتشددين، الذين يعون ان الدول المحيطة العربية و الاسلامية وغير العربية والاسلامية، لن تكون الى جانبهم في اي صراع، وان كل ما تراه من هدن، يأتي في السياق الاستراتيجي النابع من مصلحة الاطراف، ولن يصل الى مستوى التحالف العسكري، نظرا لسياسية ايران في المنطقة، والمبنية على استنهاض قوى من داخل الكيانات العربية، خدمة لمصالحها الاستراتيجية.

٣- تجنّبَ طهران الإنخراط في حربٍ نيابةً عن “حماس”، اذ لا تستطيع ايران حَشدَ المجتمع الداخلي، للانخراط في حربٍ جديدة على غرار الحرب مع العراق في العام ١٩٨٠. لقد كانت التعبئة المتواصلة للموجات البشرية، بعيد انتصار الثورة عام ١٩٧٩ جديدة والحماسة قائمة، وهي من بين عوامل أخرى، قاومت الجيش العراقي وأجبرت بغداد على الانسحاب من الأراضي الإيرانية، مع ذلك، بعد عقودٍ عدّة، انخفض دعم المجتمع للنظام السياسي بشكلٍ ملحوظ وفي أعقاب احتجاجات العام الماضي، وقبلها الثورة الخضراء بقيادة علي كروبي، إلى جانب الأزمة الاقتصادية، الناجمة جُزئيًا عن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، تَصاعَدَ السخطُ بين الشباب والطبقة المتوسطة في المناطق الحضرية.

٤- تعميق الحرب في غزة الانقسامات السياسية الايرانية، وفي تقييمٍ خبراء استراتيجيين، فإنَّ القضاء على حماس” سيقود تلقائيًا إلى انهيارٍ لاحق ل”حزب الله” في لبنان, وهو ذراع يمنى اساس لمصالح طهران في الشرق والعالم، وقد يؤدي الى شنِّ هجومٍ عسكري على إيران.
وهناك وجهة النظر يتبنَّاها السياسيون المعتدلون، ومن بينهم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذي حذّرَ باستمرار من العواقب المُدَمِّرة، لتورّط إيران المُحتَمَل في حربٍ مع الولايات المتحدة. ووفقًا لظريف، إذا اتخذت إيران موقفًا أكثر تطرُّفًا بشأن غزة، فقد يؤدّي ذلك إلى إثارةِ صراعٍ مُميت مع الولايات المتحدة، وهو ما ستُرَحِّب به إسرائيل. وعلى الرُغم من تهميشه من قبل حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لا يزال ظريف يتمتّعُ بنفوذٍ كبير، بين النخب السياسية في الجمهورية الإسلامية، وحتى داخل مجتمعها.

٥- إن فَشَلَ إسرائيل الواضح في ردعِ هجومِ “حماس” في 7 تشرين الأول، لا يُغيِّر حسابات طهران الاستراتيجية تجاه إسرائيل. على الرُغمِ من اعتمادِ إسرائيل على تكنولوجيا دفاعية عالية التقنية، مثل نظام الدفاع الصاروخي “القبة الحديدية”، فقد وَجّهت “حماس” ضربةً عسكرية واستخباراتية كبيرة ضدّها، وبالتالي حَطَّمت سياسة الردع التي تنتهجها. لكن هذا لا يُغيّرُ وجهة نظر إيران بشأن إسرائيل أو ديناميكيات القوة في المنطقة. ورُغمَ أن عملية “حماس” زعزعت استراتيجية الردع الإسرائيلية، القائمة منذ فترة طويلة، فإنها لا تُوَفّرُ لإيران الفرصة لتحدّي إسرائيل باستخدام قوتها الصاروخية. على العكس، قد تعتقد إيران أن إسرائيل تشعر أن إعادة الردع، هي أولوية وجودية تستحق المخاطرة العسكرية أو السياسية غير العادية من أجلها.

٦- لا توجد علاقة من أعلى إلى أسفل بين طهران و”حماس”. وحتى مع قيام “حماس” بمُواءَمة أفعالها مع إيران، فإنَّ نهجهما قد يتباين، كما حدث بشكلٍ ملحوظ خلال الحرب الأهلية السورية، عندما دعمت “حماس” المعارضين السنّة المُناهضين للنظام. وقد أشارت الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، إلى أنَّ كبارَ المسؤولين الإيرانيين لم يكونوا على علمٍ بعملية “حماس” الأخيرة.

٧- لم يُعلِن شركاء إيران الاستراتيجيون في موسكو وبكين، عن دعمهم الكامل ل”حماس”. لقد سعت إيران إلى التحالف مع الصين وروسيا في إطار سياستها الخاصة “النظر شرقًا”، ولن ترغبَ في إفساد علاقاتها مع هاتين الدولتين. في الواقع، تتبع طهران سياسة مماثلة في غزة لتلك التي تبنّتها بعد ملاحظة نهج الانتظار والترقب الصيني-الروسي عند استيلاء طالبان على كابول قبل عامين. إن هدف إيران هو عدم الدخول في انزواءات عالمية وتجنّب العزلة في الأزمات الدولية الكبرى.

٨- تعامل المرشد الأعلى الإيراني مع الاستجابات للصراعات الإقليمية، من وجهةِ نظرٍ واقعية وليس إيديولوجية. فبعد أن شغل منصب رئيس الجمهورية الإسلامية خلال الحرب المُدمّرة مع العراق، فإنه يُدرِكُ تمامًا عواقب الحرب، خصوصًا مع الولايات المتحدة. وقد دفع هذا الوعي إيران إلى اختيار ردِّ فعلٍ محسوبٍ نسبيًا، في أعقاب اغتيال أميركا الجنرال الإيراني قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي. وينسجم هذا السلوك مع استراتيجيتها الشاملة، في التعامل مع الأزمات الإقليمية قبل أكثر من عقدين من الزمن.

وختم المصدر الديبلوماسي “ان ايران تعي مصلحتها جيدا، ورغم سيطرت المحافظين على السلطة فيها، لكنها تدرك جيدا ادوات المعركة وحسابات الربح والخسارة ونتائجها، وتعمل وفق ذلك مع مصالحها الاستراتيجية، من هنا انخراطها المباشر بعيد المنال”.

السابق
استهدافات مكثفة و«اصابات مكثفة».. اليكم ما يجري جنوباً
التالي
«انتهاكات للقانون الدولي».. تحذير من «اليونيفيل»