إيران.. «مناوشة» مع واشنطن و«مشاغلة» مع اسرائيل!

علي الامين
يبدو ان رقصة "التانغو" بين إيران وأميركا (بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن إسرائيل)، في أحسن حالات "إيقاعها" وإنسجامها، تدور فوق "جثث" أهل غزة.. و(لبنان)، في إطار "تواطؤ" ضمني، يحفظ لهما نظام المصالح المشتركة، والوصول إلى "النهائيات" المرجوة!

اللعبة الايرانية-الاميركية بعد “طوفان الأقصى”، يحكمها التحرك تحت سقف عدم الانجرار الى حرب اقليمية، وهذا ما جرى ترسيخه بتبرئة الرئيس الاميركي جو بايدن لطهران من عملية “طوفان الاقصى”، ونفي المرشد الايراني الاتهامات الاسرائيلية بتورطها فيها. وعلى هذا المنوال نسج المسؤولون في واشنطن وطهران، مواقفهم المستمرة، اي لا حرب اقليمية.

وتحت هذا السقف، تأتي استهدافات القواعد الاميركية من قبل مجموعات تابعة ل”الحرس” في سوريا والعراق، اي التوتر دون سقف المواجهة، وكان أفاد المتحدث باسم “البنتاغون” الجنرال بات رايدر (الإثنين)، بأن القوات الأميركية في العراق وسوريا تعرّضت لـ38 هجوما بصواريخ ومسيّرات منذ منتصف أكتوبر، ما أدى إلى إصابة 45 جنديا أميركيا، الأمر الذي كشف ان حجم الهجوم الذي تقوم به مجموعات عراقية وسورية موالية لايران، لا ينطوي على رغبة ايرانية في احداث خسائر اميركية محرجة لهما. كما يبدو كذلك، في الرد الاميركي على هذه الاستهدافات بغارة جوية، على مواقع تابعة للحرس الثوري في دير الزور، حيث ذكر وزير الدفاع لويد أوستن في بيان، أن الضربات نفذتها مقاتلتان من طراز إف-15، وجاءت ردا على الهجمات، التي استهدفت القوات الأميركية في العراق وسوريا في الآونة الأخيرة.

تأتي استهدافات القواعد الاميركية من قبل مجموعات تابعة لـ”الحرس” في سوريا والعراق، اي التوتر دون سقف المواجهة

واذا كانت المجموعات الموالية لايران، تدرج رسائلها العسكرية هذه باحداث غزة، فان واشنطن تعتبر ما قامت به، في سياق الرد على اعتداءات طالت جنودها، ولا علاقة لها بحرب غزة.

فشل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في انتزاع ضمانات ايرانية بوقف الهجمات على المراكز الاميركية في العراق

في المقابل، فشل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، الذي التقى المرشد علي خامنئي، في انتزاع ضمانات ايرانية بوقف الهجمات على المراكز الاميركية في العراق، وهو كان تلقى تنبيهات اميركية، خلال استقباله وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن في بغداد، لكن ذلك لا يعني ان طهران التي ترفض خفض التوتر في العراق وسوريا، راغبة في تصعيد المواجهة مع واشنطن.

الموقف بين طهران وواشنطن حذر، ولا ضمانات بوقف المشاغلة الجارية، وهي اشبه بلعبة الشطرنج المكشوف،ة والغموض يقتصر على كيف يخطو الطرفان النقلة الثانية فقط.

المحافظة على نسبة من التوتر، هو ما تريده طهران، بعدما اطمأنت الى انها نجت من تهمة التورط في “طوفان الأقصى”

المحافظة على نسبة من التوتر، هو ما تريده طهران، بعدما اطمأنت الى انها نجت من تهمة التورط في “طوفان الأقصى”، وما كان يمكن ان ترتب التهمة والادانة من تداعيات على جملة ملفات اقليمية ودولية، لا تريد طهران المغامرة بها.

التوتر هو المعبر الرئيسي، الذي تدخل طهران من خلاله على الحدث الغزاوي، بعدما ضمنت البراءة الغربية، وهو سلوك اقرب الى المناوشة مع واشنطن والمشاغلة مع اسرائيل، بما يرتب حضورا ايرانيا في المعادلة الاقليمية، من دون التورط في حرب.

يمكن فهم ما يجري بين “حزب الله” واسرائيل، ومفاده عدم تبني اي مشاركة في “طوفان الاقصى” واستمرار التوتر دون الحرب المفتوحة

على هذا الايقاع، وعلى المنوال الايراني، يمكن فهم ما يجري بين “حزب الله” واسرائيل، ومفاده عدم تبني اي مشاركة في “طوفان الاقصى” واستمرار التوتر دون الحرب المفتوحة.. وتبقى كل الاحتمالات واردة اسرائيليا، رغم التشدد الاميركي في منع الحرب الاقليمية، فالشيطان يكمن في التفاصيل.. و”الصواريخ”!

السابق
ماذا يحدث في إيلات؟
التالي
معادلة الايام الاخيرة.. إسرائيل تقصف و«حزب الله» يرد «تكتيكيا»!