الحل بالصدمة الإنسانية.. وعبر الشرعية الفلسطينية (2/2)

في الجزء الأول من المقال، حاولت نقض المنهج السياسي – الإعلامي، لموقع “الفاصل” الذي يستثمر في جزئية إنسانية، من اجل طمس جوهر الصراع وحقيقته، حيث تؤكد تطورات الأمس على اتجاهين دوليين، الأول وراء الهجوم الشرس على غزة وأهلها بعد عزلها عن العالم وعن الإعلام!؟؟
والثاني قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي انتصر للمشروع العربي من أجل هدنة إنسانية ليس إلا، بعد فشل الدعوة لوقف إطلاق النار. الأمر الذي يدخلنا في أتون حرب مفتوحة، ومسار عنفي، لا يُنتج إلا الكوارث وجرائم الحرب.
ولأن الفلسطيني اليوم لا يثق بما يصدر عن “إدارة بايدن”، بشأن إعادة خيار حل الدولتين إلى المسرح السياسي، علينا طرح السؤال التالي: ماذا لو تبنّت الإدارة الأميركية خياراً للحل يقوم على إطلاق مساراً تفاوضياً تحت شعار حل الدولتين، بينما تسير الحرب في إنتاج وقائع تؤدي إلى فرض خطة “صفقة القرن” مع بعض التحسينات؟!!
هذا الاحتمال يفرض على الفلسطينيين إطلاق مبادرتهم للحل المباشر، وهنا لا بد من تثمين الدور الذي قام به بالأمس رئيس الوزراء السابق سلام فياض، الذي نشر في صحيفة “فورين أفيرز” مبادرة للحل الفوري، وهو الرجل الذي يحظى بصدقية واحترام على غير مستوى، وله من الخبرة والرؤية ما يساعد على إنتاج مخرجاً للحالة الراهنة.

تضمين مبادرة سلام فياض، بند إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية بشكل صحيح” هو موقف أساسي في هذه اللحظة


إن تضمين مبادرة سلام فياض، بند إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية بشكل صحيح”، هو موقف أساسي في هذه اللحظة، ومهمة مباشرة على عاتق قيادة السلطة وقيادة حركة حماس والجهاد الإسلامي معاً، لأن الشرعية الفلسطينية. اليوم، هي نتاج أكثر من قرن ونيف من النضال، وتختزن في تعريفها البنى والهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نظّمت النضال الوطني، ودعمت نهوض الهوية الفلسطينية وكيانيتها فلسطينياً وعربياً ودولياً، وأبرزها إعلان الاستقلال الأول من جانب حكومة عموم فلسطين في 1/10/1948، مروراً بإعلان تشكيل منظمة التحرير عام 1964، حتى إعلان الاستقلال وقيام دولة فلسطين في عام 1988.

لا يمكن القول أن الشرعية الفلسطينية تعادل مؤسسة كيانية واحدة بذاتها


وفي هذه العجالة، لا يمكن القول أن الشرعية الفلسطينية تعادل مؤسسة كيانية واحدة بذاتها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن حركة حماس، هي في أصل ومتن الشرعية الفلسطينية عبر ممثليها في انتخابات البلديات وانتخابات المجلس التشريعي، الذي عطلت أعماله إسرائيل. كما أن حركة الجهاد الإسلامي، ومن موقع الاعتراض على الانتخابات، لا تخرج عن مفهوم الشرعية بمعناه الواسع، الذي يحتضن كل فرد فلسطيني أينما وجد في الوطن أو الشتات، ويحتضن أي جماعة بغض النظر عن موقفها السياسي.
إننا كفلسطينيين لا نملك ترف الخيار، وما لم نستثمر نضالنا في إطار الشرعية الفلسطينية أولاً، بما هي مفتاح حضورنا الفاعل من قلب الشرعية العربية، لا نستطيع تحقيق أهدافنا في إطار الشرعية الدولية، ولنا في حالة مجلس الأمن الراهنة عبرة كبيرة.
لذا أعتقد أن إعلان ممثل حماس أسامة حمدان في مؤتمره الصحفي الأخير، بأن مطلب حركة حماس هو أولاً الدولة الفلسطينية الخالية من أي جندي إسرائيلي، يشكل حجر الزاوية الذي يُبنى عليه المطلب العاجل والفوري، لإعادة إنتاج السلطة بشكل صحيح كما جاء في مبادرة سلام فياض، من أجل وقف الحرب أولاً وإنقاذ شعبنا من ويلات ما يجري اليوم.
مدير مركز تطوير للدراسات*

السابق
ما بعد الهجوم البري على غزة
التالي
انذار عاجل من إسرائيل إلى الفلسطينيين!