أخطر تحذير فرنسي: الضربة الإسرائيلية للبنان حتمية.. و19 ألف نازح من القرى الحدودية

فرنسا

الانحسار النسبي في عنف المواجهات الميدانية نهار امس عند الحدود الجنوبية مع إسرائيل لا يعني تبدد الوضع المشدود القابل للاشتعال الواسع في أي لحظة، اذ ان ساعات بعد الظهر والمساء عادت لتشهد تصعيدا ملحوظا من جانب إسرائيل فيما الاعين على معالم المحاولات الدولية ولا سيما منها الأوروبية لاحلال هدنة إنسانية تفرض وقفا لاطلاق النار في غزة، بما سينسحب حتما على الجبهة الجنوبية في لبنان. وفي أي حال بدا تكثيف المواقف الدولية والاوروبية المحذرة من انتقال الحرب الى لبنان دليلا اضافيا على ان الأيام الأخيرة من المواجهات الميدانية العنيفة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي عبر خطوط المواجهة قد فاقمت المخاوف الدولية كما رفعت وتيرة الاستنفار والضغوط الديبلوماسية سعيا الى منع تحول هذه المواجهات الى حرب واسعة، علما ان وسائل إعلام إسرائيلية وصفت امس ما يجري في الشمال بانها جولة القتال الأكبر بين إسرائيل و”حزب الله” منذ حرب تموز 2006. وعلى رغم تصاعد المخاوف من اتساع المواجهات وما يرصد من تكثيف النزوح من المناطق الحدودية الجنوبية، فان بعض الأوساط المطلعة على مجريات الاتصالات الكثيفة التي تجري للجم الاندفاعات الحربية في غزة ومنع تمددها الى لبنان لا تزال ترجح حاليا بقاء “الستاتيكو” الميداني. ولذا توقعت هذه الأوساط تفعيلا واسعا للجهود الحكومية والوزارية في اطار تحصين الواقع اللوجستي الداخلي على غرار ما بدأت تنفذه الوزارات الأساسية في مجالات العمل الاجتماعي والصحي والاغاثي والتحسب لكل احتمالات المرحلة المقبلة.

هذه الأجواء لم تحجب الدلالات البارزة لاطلاق مزيد من المواقف الغربية المحذرة من تورط لبنان في الحرب، وجاء ابرزها امس على لسان السفيرة السفيرة الأميركية دوروثي شيا في مناسبة احياء الذكرى الأربعين لتفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت في 23 تشرين الأول 1983 والذي تزامن مع الظروف الحالية بما اضفى على الموقف الأميركي دلالات استثنائية. فقد اعلنت السفيرة شيا اثر وضعها والسفير الفرنسي هيرفي ماغرو إكليلا من الزهر على النصب التذكاري في السفارة الأميركية “نحن هنا لنقول بشكل لا لبس فيه أن التزامنا تجاه شعب لبنان أقوى بكثير من أي عمل جبان من أعمال العنف أو الإرهاب. اليوم، نحن نرفض، ويرفض الشعب اللبناني، تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة. ونحن مستمرون في نبذ أية محاولات لتشكيل مستقبل المنطقة من خلال الترهيب والعنف والإرهاب ــ وأنا هنا أتحدث ليس فقط عن إيران وحزب الله، بل وأيضاً عن حماس وآخرين، الذين يصوّرون أنفسهم كذباً على أنهم “مقاومة” نبيلة والذين ومن المؤكّد أنهم لا يمثلون تطلّعات – أو قيم – الشعب الفلسطيني، في حين أنهم يحاولون حرمان لبنان وشعبه من مستقبلهم المشرق”.

ولكن الخطير في هذا السياق ما نقلته مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين عن مصدر ديبلوماسي فرنسي من ان ما يقوم به حاليا “حزب الله” على الحدود اللبنانية الإسرائيلية من ارسال قذائف وصواريخ وقصف مدرعات إسرائيلية يجعل توقع ضربة إسرائيلية للبنان حتميا. وأضاف انه “لم يبق هناك شك في ان إسرائيل ستضرب لبنان ولكن تاريخ الضربة غير معروف لان إسرائيل لن تستمر دون رد على الاختبار الذي يقوم به حاليا حزب الله”. أضاف المصدر “ان فرنسا وجهت تحذيرات مباشرة الى حزب الله حول الموضوع ووزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا اكدت للمسؤولين في لبنان ضرورة عدم الدخول في الحرب ولكن ما يحدث حاليا على الحدود يجعل الضربة الإسرائيلية حتمية”. وأشار الى انه سبق لفرنسا ان وجهت رسالة الى الحكومة الإسرائيلية بمعنى انه ينبغي عدم توسيع الحرب الى الشمال مع لبنان وكل مرة كان رد رئيس الحكومة نتنياهو اذا لم يحدث شيء من الحدود الشمالية لن نفعل شيئا ولكن الآن يرسل حزب الله يوميا قذائف وصواريخ الى إسرائيل وسترد بالقصف على لبنان لا نعرف كيف ومتى ولكن هذا حتمي”. وقال المصدر انه خلال الاتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي كانت لهجة رئيسي لهجة تهجم. وأوضح ان الرئيس الفرنسي يرى انه من الضروري ان يعود مبعوثه جان ايف لودريان الى بيروت قريبا لدفع اللبنانيين الى انتخاب رئيس لأن الخطر كبير جدا على لبنان ودون رئيس وحكومة كيف يمكن مساعدة البلد؟ 

خطة مدنية استباقية: في المقابل، كشفت مصادر لبنانية لصحيفة “السياسة الكويتية”، عن وضع الحزب بشكل مستقل خطة مدنية استباقية لمواجهة تداعيات الحرب على الداخل اللبناني، وبحسب المصادر فقد وزّع الحزب فرق عمل لتأمين الجبهة المدنية وضمان وجود الإمدادات الغذائية والطبية، فضلاً عن تأمين مواقع إيواء النازحين في حال حدوث حرب.

وقالت مصادر ميدانية في الجنوب إن الحزب أبلغ مناصريه أنه وضع خطة إخلاء في حال اندلعت الحرب، إلى جانب استنفار بحدوده القصوى لضمانة تأمين احتياجات الناس، وقالت المصادر إن الحزب ملأ مستودعات الأغذية، وعمل على توزيعها في المناطق على مستودعات صغيرة ومتعددة احتياطاً في حال تم قصف بعضها، مشيرة إلى استراتيجية لتوفير الأغذية وضعها لمئات آلاف السكان، وذلك لتلبية الاحتياجات في حال انقطعت الإمدادات الغذائية.

وتنسحب الاستعدادات، حسبما قالت المصادر في الجنوب، على المواد الطبية والأدوية والاستنفار في هذا الجانب، حيث أجرى تقييماً قبل أيام للاحتياجات الطبية، وبدأ بنقل المستلزمات والأدوية إلى مناطق في الجنوب، من ضمن خطة الاستعدادات للتعامل مع حرب واسعة.

وتشمل الاستعدادات، حسب المصادر، إيجاد مراكز إسعافات أولية وسيارات نقل مصابين ومرضى، مضيفة: “تشبه حالة الاستنفار ما قام به الحزب في أزمة كورونا”.

نزوح: من جهة ثانية، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن أكثر من 19 ألف شخص فروا من القرى الحدودية باتجاه مدينة صور، بحسب صحيفة “الشرق الاوسط”.

وأشارت “الانباء الالكترونية” الى ان الحرب المدمّرة على غزة  دخلت يومها الثامن عشر، في ظل الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على القرى الحدودية في جنوب لبنان والمواجهات مع حزب الله، وسط الدعوات المتكررة التي أطلقها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط لتحصين الجبهة الداخلية ومواكبة ما يجري تحسباً لانزلاق الأمور نحو الأسوأ، معتبراً أن “هذه المرحلة قد تكون أخطر مرحلة من الحروب طيلة حياتي السياسية، ومصير لبنان على المحك”.

دعوة جنبلاط تأتي بالتشاور مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بهدف تفعيل الحكومة والارتقاء الى مستوى الحدث والأخطار المحدقة بلبنان، والانتقال من المهم الى الأهم. هذه المواقف دفعت الأمور باتجاه البحث عن مخارج للأزمة وتأمين صمود اللبنانيين لمواجهة الوضع الأمني المتفجّر في الجنوب وعلى طول الحدود مع اسرائيل، كما مخاطر تحوّل المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي الى حرب واسعة.

السابق
قواعد قتالية مختلفة تكبّد حزب الله خسائر بشرية كبيرة!
التالي
انخفاض في أسعار المحروقات.. كيف اصبحت؟