«عدوى»الدولار تنتقل من لبنان الى العراق.. السحب «ممنوع» والتهريب «مرفوع»!

دولار قديم
ما تزال أزمة ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي في العراق، وانهيار قيمة الدينار العراقي تتفاقم، بالرغم من وعود حكومة رئيس الوزراء محمد شيَّاع السوداني الانتخابية، والتي أطلقها قبل انتخابه، كما تفاجأ العراقيون بصدور قوانين تمنع المودعين في البنوك من سحب اموالهم المودعة بالدولار والعملات الصعبة، انما يجب تحويل قيمتها للدينار العراقي، بسعر رسمي اقل من سعر السوق قبل سحبها، تماما كما حصل مع المودعين اللبنانيين في بداية أزمتهم الاقتصادية قبل 4 أعوام.

منذ قرابة السنتين، وحكومة محمد شياع السوداني لا تفي بوعودها، في معالجة هذه المعضلة ، هذه الوعود التي كانت ضمن البرنامج الانتخابي الذي أطلقه الرئيس السوداني في حملته الانتخابية، وأتى به رئيساً للحكومة العراقية، على أن تكون حكومة إنقاذ اقتصادية، وإذا بالوضع يزداد سوءاً، وإذا بسعر الدولار في السوق السوداء يزداد تفلتاً ليلامس 1620 دينار عراقي للدولار الواحد في السوق السوداء، بفارق 300 دينار عن سعره الرسمي، وذلك دون اتخاذ أي إجراءات حكومية حاسمة من الجهات المصرفية و البنك المركزي العراقي، الذي عمد إلى مجاراة السوق السوداء في الارتفاع والانخفاض تماماً، كما فعل مصرف لبنان المركزي في لبنان خلال السنوات الأربع الماضية ..

وعلى الرغم من صدور قانون يمنع التحويلات بالعملة الصعبة الى الخارج للأفراد فقد بدأت هذه الأشهر بالفعل عملية تحويل العملة الصعبة خارج البلد تأخذ مداها

خطر الانهيار

وقد يكون الانهيار الاقتصادي والمعيشي الشامل في العراق أقل بطئاً من لبنان، كون العراق بلداً نفطياً تدخله واردات من العملة الصعبة يومياً، بسبب تصديره اليومي لآلآف البراميل من النفط الخام لدول أمريكا وأوروپاً، ضمن برنامج حصته من التصدير التي هي حصة جائرة وغير عادلة، فهي تعادل حصة دولة الكويت، رغم كون تعداد سكان الكويت لا يصل إلى 4 مليون نسمة، في حين تجاوز تعداد سكان العراق الفعلي 40 مليون نسمة، ورغم كون العراق يملك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، ويعوم على ينابيع وليس على آبار من النفط ، خصوصاً في منطقة الجنوب العراقي ..

ويظهر أن سيناريو الانهيار اللبناني قد بدء فعلاً في العراق، رغم كل هذه المعطيات الاقتصادية التي تجعله يتمايز عن لبنان ..

وعلى الرغم من صدور قانون يمنع التحويلات بالعملة الصعبة الى الخارج للأفراد، وكذلك يمنع سحب الودائع من البنوك العراقية نقدا بالدولار الاميركي والعملات الصعبة، فقد بدأت هذه الأشهر بالفعل، عملية تحويل العملة الصعبة خارج البلد تأخذ مداها في النقاش والتحليل، لدى الخبراء والمحللين الاقتصاديين والنقديين.

وقد أفادت التحقيقات أن أحد المصارف التجارية العراقية، يقوم بذريعة استيراد وتصدير سلع تجارية، بتحويل مبلغ 100 مليون دولار أمريكي يومياً إلى البنوك الأردنية، مما يعني أن 4 مليار دولار تخرج من احتياطي الدولة شهرياً خارج البلاد، ومعلوم أن أزمة النقد في إيران بدأت بتهريب 4 مليار دولار أمريكي خارج البلاد، من قبل إحدى النساء العاملة في المصارف التجارية الإيرانية، مما انتهى إلى من انتهى إليه من انهيار كبير لقيمة التومان الإيراني مقابل الدولار الأمريكي، وصلت إلى حدود 6 مليون تومان لكل 100 دولار أمريكي ..

سيناريو الانهيار اللبناني قد بدء فعلاً في العراق رغم كل هذه المعطيات الاقتصادية التي تجعله يتمايز عن لبنان ..

فخروج 4 مليار دولار من احتياطي السوق من العملة الصعبة شهرياً في العراق، يعني أن هناك جهات تسعى لتسارع عجلة الانهيار النقدي في هذا البلد، ولا شك أن استمرار هذه السياسة دون معالجات حقيقية من الحكومة العراقية، سيصل بالبلاد إلى الانهيار الحتمي .. مما يتطلب الإسراع في طرح خطط ومعالجات سريعة لوقف عجلة التدهور المتسارعة ..

فساد نقدي

وقد أفادت التقارير النقدية أن البنك المركزي العراقيّ، باع خلال الأسبوع الماضي أكثر من 800 مليون دولار في مزاد العملة، وكانت حصّة المصرف الأهلي الأردني منها أكثر من 640 مليون دولار ! وقد صرح نائب رئيس لجنة العمل النيابية العراقية في تصريحات صحفية، أن المصرف الأهلي الأردني استحوذ على 75 % من الحوالات الخارجية، وأضاف : ” لا يمكن القبول باستحواذ مصرف غير محلي على هذه النسبة الكبيرة من الحوالات ‏- الحوالات اليومية للمصرف الاهلي الاردني تقارب 100 مليون دولار ‏ ‏- البنك المركزي مطالب بالتحقيق على استحواذ المصرف الأردني على هذه المبالغ من الحوالات ‏- 4 مليار دولار تحويلات المصرف الأهلي الأردني شهرياً، وهذه مشكلة كبيرة ‏- يجب التحقق من الفواتير الخاصة بحوالات المصرف الأهلي الأردني ‏- المصرف الأهلي الأردني يحصل على 3 مليون دولار يومياً كأرباح من الحوالات .. ” ..

فمثل هذه التصريحات تكشف عن عمق الفساد النقدي الحالي المتسارع في جمهورية العراق، مما يرشحها لتكون النموذج الثاني بعد ما جرى في الجمهورية اللبنانية ..

فهل ستتدارك حكومة السوداني الوضع المالي في العراق، قبل أن تصل النوبة إلى مرحلة الانهيار الكبير؟

السابق
بن سلمان من قمة الخليج – “آسيان: لإقامة دولة فلسطينية وفق حدود 1967
التالي
بعد عمليّة تسلّل.. التوتر يعود إلى الجنوب!