«شبح» تموز 2006 يُخيم على آلاف الجنوبيين: نزوح من الحدود الى مدارس صور ومعاناة من نقص الأساسيات.. هل من مُعين؟!

“قد يكون الموت في المنزل ، بقصف إسرائيلي ، بالنسبة لكثير من المواطنين، افضل من مرارة النزوح والبهدلة”. بهذه العبارة، يختصر احمد من بلدة عيتا الشعب ، معاناة النزوح ، إلى المدارس ومراكز الإيواء المختلفة ، فيما ترتضي مريم، إبنة صديقين على نفسها ، البقاء في منزلها قسرا ، لعدم القدرة على تأمين بديل ، وعدم توفر المال الكافي للانتقال مع أفراد عائلتها، إلى أي مكان آخر ، وحتى لو كان في صور او صيدا ، فتحاول طرد خوفها ، الذي يتمالكها مع الكثيرين ، منذ عدوان تموز العام الفين وستة.
فمنذ بدء الاعتداءات الاسرائيلية على غزة، وبالتالي على قرى القطاعين الغربي والاوسط المحاذية للحدود الفلسطينية، التي تزامنت مع عمليات ل”حزب الله” وفصائل فلسطينية، تشهد العديد من القرى والبلدات، نزوحا كبيرا ، وصل في بعض البلدات ، مثل عيتا الشعب والضهيرة ويارين ومروحين والبستان وعلما الشعب وراميا وسواها من البلدات المتاخمة الى اكثر من ثمانين بالمئة من أهلها، حيث تعطلت الحياة في هذه المنطقة، واقفلت مؤسساتها وترك زرعها.

تشهد العديد من القرى والبلدات، نزوحا كبيرا وصل في بعض البلدات مثل عيتا الشعب والضهيرة ويارين ومروحين والبستان وعلما الشعب وراميا وسواها من البلدات


ولم يبق إلا القليل، لا سيما المرتبطين بارزاقهم التي تعادل الروح، في وقت تحولت فيه بلدة الضهيرة إلى أرض محروقة خالية من سكانها ، بعدما بلغت الاعتداءات عليها حدها الاقصى ليل وفجر اليوم .
في هذه القرى وغيرها ، مثل القليلة الساحلية ، التي ذاقت قساوة العدوان الاسرائيلي وآلة القتل والتدمير ، مازالت حرب تموز حاضرة فيها، فيشتم أهلها رائحة الموت التي دهمت اقاربهم وأحبتهم خلال تلك الحرب بين العدو الإسرائيلي وحزب الله .
ينقسم النازحون من الاعتداءات الاسرائيلية والتبادل المستمر للقصف المدفعي والصاروخي، إلى فئات مختلفة ، والفئة الاكبر عددا، هم الذين لا يملكون مقومات الحياة أصلا ، ولا يتوفر لديهم المال ، لشراء ادويتهم المزمنة، أو حليب و”حفاضات” لاطفالهم ، اما الفئة الثانية، التي تعتبر ميسورة، فقد يممت وجهة نزوحها الى منازل بديلة تمتلكها في اماكن أخرى أكثر أمانا أو استئجار شقق ومنازل في بيروت والجبل ، في حين سجل نزوح عائلات كثيرة الى خارج لبنان. ، مثل تركيا .

ينقسم النازحون من الاعتداءات الاسرائيلية والتبادل المستمر للقصف المدفعي والصاروخي إلى فئات مختلفة والفئة الاكبر عددا هم الذين لا يملكون مقومات الحياة أصلا

وقد تجاوز عدد النازحين، الى مدينة صور ومحيطها ، على مدى العشرة أيام الماضية ، حوالي أربعة آلاف شخص، من عدد من بلدات صور وبنت جبيل الحدوديتين ، حيت التجأ القسم الاكبر من هؤلاء ، إلى مدرستي صور الأولى والثانية الرسميتين ومدرسة صور الفنية، غالبيتهم من بلدات عيتا الشعب ، يارين ، الضهيرة، مروحين، عيترون ، عيناثا ، وراميا وغيرها ، فيما التجأ قسم من العائلات التي تقطعت بها السبل والامكانات المادية ، إلى منازل أقاربهم في ضواحي صور ومنها المساكن الشعبية وبلدات اخرى، ومن بين النازحين إلى هذه المنطقة حوالي ٥٠٠ طفل ، يحتاجون الحليب والحفاضات، وسواها من المتطلبات ، اما النازحون من القرى والبلدات الأخرى، فقد نزحوا الى خارج الجنوب ، وهم فئة مقتدرة تملك امكانات ومنازل ، وبلغ عددهم أيضا الآلاف، فيما سافرت عائلات الى خارج لبنان.
و تسبب هذه النزوح ، بمعاناة إضافية للمواطنين ، على أبواب موسم المدارس ، وادى أيضا إلى عطلة قسرية لاكثر من ألف تلميذ وتلميذة ، شغلت مدارسهم بالنازحين .

تجاوز عدد النازحين الى مدينة صور ومحيطها على مدى العشرة أيام الماضية حوالي أربعة آلاف شخص،


وفيما إشتكى الكثير من النازحين ، من الحاجة إلى الأدوية وحليب الأطفال، على وجه الخصوص، تحركت مؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الرعاية الصحية المحلية والدولية لتأمين إحتياجات النازحين، وافتتحت بعض المطابخ لتأمين وجبات يومية لعدد كبير من النازحين، في حين سجل إستنفار للمؤسسات المحلية، ولهذا الغاية ، إستطلع محافظ الجنوب منصور ضو يرافقه قائمقام صور محمد جفال ، اوضاع النازحين في صور ، واستمع خلال اجتماع في اتحاد بلديات صور من رئيس وحدة إدارة الكوارث، رئيس اتحاد بلديات صور حسن دبوق الى متطلبات النازحين واحتياجاتهم الضرورية .

وحدة الكوارث

وأشار مدير وحدة ادارة الكوارث، مرتضى مهنا الى أن أزمة النازحين تتفاقم، بعدما ارتفع عدد المواطنين الذين نزحوا من القرى الحدودية التي تعرضت للقصف من قضائي بنت جبيل وصور الى أكثر من 2500 مواطن توزعوا على ثلاث مراكز إيواء ، اعتمدتهم الوحدة في ثلاث مدارس في مدينة صور، كما جرى توزيع عشرات العائلات على القرى المحيطة، حيث يتم بالتنسيق مع البلديات و بالتعاون مع عدد من الجمعيات المحلية والمنظمات الدولية تأمين احتياجاتهم عبر تقديم المستلزمات الخاصة بهم.
ولفت مهنا الى أن عدد الأطفال في مراكز ايواء النازحين في قضاء صور فاق الـ 500 طفل ، لا تتوفر لديهم الرعاية المطلوبة .

الملاح

واوضح نائب رئيس جمعية Swiss Barakah
المحامي محمود الملاح ل “جنوبية” أن الجمعية، افتتحت مطبخا لنؤازرة النازحين والوقوف الى جانبهم في صور ، وهي تؤمن حوالي ثلاثماية وجبة طعام يومية لنازحين في المدارس وبعض المنازل ، التي التجا اليها النازحون” ، مؤكدا “العمل على توسيع جهود عمل المطبخ”.

السابق
في «رباعية» إنطلاقتها.. هذا ما «يشفع» لثوار 17 تشرين؟!
التالي
ملتقى التأثير المدني: 17 تشرين لحظة تأسيسية