«عين الحلوة».. «عين فتح» تواجه «مخرز حماس» وبري والجيش «يستلحقان»!

علي الامين
لعل أبرز ما انتهت إليه الجولات الدموية الأخيرة في مخيم عين الحلوة، والتي وضعت أوزارها "هدنة"، مشكوك في قدرتها على الصمود، هو إنكشاف مشروع "وحدة الساحات" وتكريسه، وفرزه واقعاً جديداً يُؤسس ويُبنى عليه، بين محور "الممانعة" بقيادة إيران وينفذه ذراعها الأقوى في لبنان "حزب الله"'، الذي يوظف "حماس" و"المتأسلمين" لمحاولة فرضه "البائسة"، وبين مشروع "فتح" الممثلة الشرعية للسلطة الفلسطينية شعبياً ورسمياً، التي تواجه صراعاً "وجودياً"!

الهدوء الذي يشهده مخيم عين الحلوة، لا يشي بطي ملف الأزمة المستمرة من دون حلول فعلية، سوى الالتزام ببند وقف اطلاق النار، الذي يرتبط ببند آخر، هو تسليم المتهمين باغتيال القيادي في حركة “فتح” أبو أشرف العرموشي، وهو البند الذي قامت عليه سلسلة المواجهات، بعد اغتياله الشهر المنصرم، بين “فتح” والمجموعات الاسلامية المرعية من فريق الممانعة، كما أكد اكثر من طرف لبناني وفلسطيني.

تسليم المطلوبين كان اساس الهدنة القائمة اليوم وهو مطلب لا يبدو تنفيذه متاحاً

تسليم المطلوبين كان اساس الهدنة القائمة اليوم، وهو مطلب لا يبدو تنفيذه متاحاً على ما تسرب من بعض مسؤولي حركة “حماس”، بقولهم ان الحركة لا تستطيع الزام المطلوبين تسليم انفسهم، وهذا ما يجعل من وقف اطلاق النار في المخيم، هدنة مؤقتة تنذر بانفجار اكبر في الايام وربما الاسابيع المقبلة، وفق ما حذر منه مصدر في حركة “فتح” ل”جنوبية”، مؤكداً “ان وقف اطلاق النار جاء بعد ضغوط جدّية من قبل الرئيس نبيه بري من جهة، ومخابرات الجيش اللبناني من جهة ثانية، واللذين ايقنو ان ما يجري في المخيم هو مشروع سيطرة من قبل فريق الممانعة، بدعم من “حزب الله” لسيطرة “المتأسلمين” ومنظمات ارهابية”.

إقرأ أيضاً: «عين الحلوة» من قصة «إبريق الزيت» إلى «حمام الدم.. إبحث عن «حزب الله»!

ونبه المصدر من ان “هذا ستكون له نتائج سياسية وعسكرية سيئة على بري نفسه وعلى الجيش، ابرزها نهاية دور الجيش في المخيم، وتهميش اي دور لبري فلسطينياً، باعتبار ان علاقته بحركة “فتح” وفرت وتوفر له قدرة على التأثير والفعل، فيما غياب “فتح” سينقل الدفة بالكامل ل”حزب الله”، وينتهي الملف كلياً الى الادارة الايرانية عبر “حماس” و”الجهاد”، وسواهما من مجموعات صغيرة في المخيم، يمكن استيعابها او تشغيلها”.

تقاطع المصالح بين “فتح” وبري والجيش، ساهم في توجيه صفعة لمشروع الممانعة، من دون ان يعني تقويضه، هذا المشروع القائم على تهميش حركة “فتح” وتهشيمها، وادارة المخيم لصالح مشروع “وحدة الساحات”، التي تعمل ايران عليه، واعلن عنه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قبل اشهر.

وهذا المشروع اليوم، صارت دون تنفيذه صعوبات جدية، اولاً، بسبب انكشافه، وثانيا، بسبب اضطرار حركة “حماس” للدخول العلني في المواجهة سياسيا، من خلال تغريدات عضو المكتب السّياسي لحركة “حماس” ​موسى أبو مرزوق، الذي شكك بقدرة “فتح” على ضمان أمن المخيم، ومطالبته بقيام قوة امنية مشتركة تضم الجميع، تعنى بأمن المخيم.

ويشكل دخول حماس العلني في المواجهة السياسية، بعدما فقدت المجموعات المتطرفة داخل المخيم، اي فرصة اخلاقية او سياسية للدفاع عنها من القوى الراعية لها لبنانيا وفلسطينيا، اذ كيف يمكن المساواة بين “فتح” و”جند الشام”، او “فتح” و”الشباب المسلم”، وهذا ما لا يمكن ان يقنع اي فلسطيني او لبناني، فتلك مجموعات افرادها مطلوبة للقضاء، فيما “فتح” تبقى شرعيتها غير قابلة للانتزاع فلسطينيا، ورسميا في علاقتها مع الدولة اللبنانية.

والى جانب الانكشاف السياسي لمشروع تأزيم اوضاع مخيم عين الحلوة، شكل الاقتتال حال ضغط معيشي واقتصادي على جوار المخيم، وتحديدا مدينة صيدا، التي فاقمت التطورات الاخيرة من ازمتها بحيث اغلقت العديد من المؤسسات والمتاجر بسبب الظروف الامنية، فضلا عن اغلاق السرايا الحكومية والجامعة اللبنانية القريبة من المخيم، وتحاشى العديد من المتنقلين جنوبا او شمالا او شرقا، التسوق من متاجرها بسبب الظروف الامنية، وهو ما دفع بفاعليات المدينة، الى المطالبة بوقف اطلاق النار.

يستشعر عدد من القوى الصيداوية مخاطر جدية على المدينة

ومن جانب آخر يستشعر عدد من القوى الصيداوية، مخاطر جدية على المدينة، فيما لو بقي ملف المجموعات المتطرفة مفتوحا وقابلا للتفجير، معتبرين ان سقوط حركة “فتح” او هزيمتها في “عين الحلوة”، سيعني اسقاط مدينة صيدا في المجهول، وفي ايدي قوى من خارجها في احسن الاحوال، مشيرين الى “حزب الله” الذي يفعل قوى “سرايا المقاومة” في البيئة السنية، ومن موقع الشيخ ماهر حمود الذي يرأس تجمع علماء المقاومة المؤسس والمدعوم من ايران.

فصلٌ تدميريُ انتهى في مخيم “عين الحلوة” والفصول المقبلة لا تشي باي اطمئنان

يمكن القول، ان فصلا تدميريا انتهى في مخيم “عين الحلوة”، والفصول المقبلة لا تشي باي اطمئنان، فعلى رغم ان “فتح” خرجت منتصرة بالنقاط في الجولة الاولى، وحققت لها تقاطعات سياسية مع الجيش وبري، فان مسؤول الساحة اللبنانية في الحركة عزام الأحمد، لا يزال يعتبر ان الحلول لم تنجز بعد، وان المشروع العدائي ضد “فتح” والمخيم لم يتوقف.. وهنا “بيت القصيد”!

السابق
رحل جهاد قلعجي.. احتضنه تراب المدينة بعدما زرع فيها «الكتاب النادر»!
التالي
مشروع أميركي بقاعاً… يستفيد منه أكثر من 23,700 نسمة!