الزيارة الأربعينة.. السياسة وهضم الحقوق يشوب الشعيرة الدينية!

يوماً بعد يوم تتنوع أساليب المشاركة في يوم ذكرى أربعين سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي في كربلاء، فبعد أن بدأت الزيارة تاريخيا بوفود أول الزائرين يوم الأربعين الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري، المتوفى عام 68 هـ ومعه عطية العوفي، اصبحت زيارة كربلاء لاحقا تحشد الآلاف، واليوم يشارك فيها ملايين الشيعة من أصقاع العالم.

تطورت شعيرة الزيارة أربعينية الإمام الحسين عبر القرون، بتوجيه من أئمة الشيعة كونها تشكل تعبيراً صارخاً عن رفض الحكومة الظالمة الفاسدة والفاسدين من الحكام الظالمين، وكونها تأييداً لمبادئ الإمام الحسين التي ضحى من أجلها وبذل الغالي والنفيس في سبيلها.

وأتت الزيارة الأربعينية عفوية عبر القرون، رغم محاربة السلطات لها ومحاولة الحد من تضخمها، وبلغ الحال ما بلغ من تكرار عملية هدم قبر الإمام الحسين للصد عنها، كما وصلت الأمور إلى مستوى قتل من يأتي للزيارة، من قبل الحاكمين وأزلامهم كما فعل المتوكل العباسي، وكما حصل في زمن حكم صدام حسين ..

ولقد جاءت آخر مراحل محاولات الحد من شعيرة الزيارة الأربعينية، في زمن النظام السابق في العراق، لتنفتح الشيعة على تأدية وتعظيم هذه الزيارة بقوة بعد سقوط النظام ..

الحضور لتأدية الشعيرة ليس ممحاة لهضم حقوق الناس وسرقة ثروات الشعوب المستضعفة والاستئثار بفيء وخيرات العباد

وإذا كان تعداد الزائرين يوم الأربعين وفي زمن الأنظمة المتطاولة المتعاقبة لم يتجاوز الآلآف، فقد تجاوز بعد سقوط النظام العراقي الأخير الملايين، لتكون آخر الإحصائيات أكثر من اثنين وعشرين مليون زائر من مختلف أصقاع الدنيا، بينهم المسلم والمسيحي والعلماني، ومن مختلف الطوائف، ويطول ذكر الأسماء في هذه العجالة ..

شعارات حزبية دخيلة

لكن الملاحظ بقوة في السنوات الاخيرة وجود منافسة حزبية وسياسية للتمثيل وسط الزائرين، حتى غدت الشعارات والأعلام الحزبية تغزو الصحن الحسيني الشريف في كربلاء، بل باتت المواقف السياسية الحزبية يطلقها البعض من جوار الضريح المبارك، وهذه أمر يتضح للمتأمل من خلال مراقبة الشعارات التي يحملها الكثير من أصحاب المواكب، حيث يحرص ممثلو الأحزاب والتنظيمات على إثبات حضورهم السياسي سنة بعد سنة في أيام الزيارة الأربعينية، وهو أمر قد يتجه بهذه الشعيرة الدينية نحو ما يمكن أن ينتقل إليها من خلافات بين القوى السياسية على أرض الواقع في فترة الزيارة المليونية، وهذه المخاوف باتت جدية، وباتت مأخوذة بعين الاعتبار من قبل القوى الأمنية العراقية والجيش العراقي في فترة الزيارة ..

بدأت الناس تستنكر هذه الاعمال البعيدة كل البعد عن روح الزيارة والولاء للامام الحسين المتمثلة برفع الشعارات الحزبية والسياسية

وقد بدأت الناس تستنكر هذه الاعمال البعيدة كل البعد، عن روح الزيارة والولاء للامام الحسين المتمثلة برفع الشعارات الحزبية والسياسية، خصوصا ان أصوات العلماء اصبحت تدعو إلى توبة الفاسدين، من رموز القوى السياسية الحريصين، على الحضور لتأدية شعيرة الأربعينية للتغطية على فسادهم، فلا يكفي مجرد المشاركة، لغسل كل ما ارتكبه هؤلاء بحق شيعة الحسين، من الدمار الاقتصادي والسلب والنهب لخيرات البلاد والمال العام، والأذى والعدوان الذي ألحقته وتلحقه هذه القوى السياسية الممثلة في كربلاء بأبناء الشيعة.

فمجرد الحضور لتأدية الشعيرة ليس ممحاة لهضم حقوق الناس، وسرقة ثروات الشعوب المستضعفة، والاستئثار بفيء وخيرات العباد والبلاد، ثم نقول: “يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً”!

السابق
«تهريب اسلحة عبر مطار بيروت».. «حزب الله» ينفي ويُحذّر من «عدوان اسرائيلي»!
التالي
يقع فيه مطار الحزب.. معلومات تكشف لأول مرة عن معسكر الجبور!