الأمين: مصر رافعة العالم العربي.. ودورها في لبنان طبيعي ومقبول ونراه «المنقذ»

استضاف الموقع الالكتروني المصري "الجمهورية اونلاين" رئيس تحرير موقع "جنوبية" الصحافي علي الأمين الذي تحدث عن السياسة الخارجية المصرية نحو لبنان وعلي رأسها المشاركة في اللجنة الخماسية بشأن لبنان التي تشكلت من مصر وأميركا وفرنسا والسعودية وقطر كما وتحدث عن مستقبل الاسلام السياسي. في ما يلي نص المقابلة

ثمن الكاتب والمفكر اللبناني علي الأمين السياسة الخارجية المصرية نحو لبنان وعلي رأسها المشاركة في اللجنة الخماسية بشأن لبنان التي تشكلت من مصر وأميركا وفرنسا والسعودية وقطر قائلاً: “في السنوات الأربعة الأخيرة لاحظنا نشاطًا في الحركة الدبلوماسية المصرية في لبنان علي مستوي رفيع من خلال تواصل السفارة المصرية في لبنان مع مختلف القوي والمؤسسات، والسفير المصري في لبنان الدكتور ياسر علوي له نشاط مميز. الدبلوماسية المصرية لعبت دورًا مهما في مد لبنان بالكهرباء والغاز، في وقت كانت لبنان بلا كهرباء طبيعية، وذلك باتفاق واستعداد جدي.

وأكد علي الأمين أن هناك تطلع لبناني –وهو خالي من المجاملات لأنه واقع- قائم علي أن مصر موجودة في الوجدان اللبناني، وهناك شعور لبناني بأن مصر كلما لعبت دورًا أكبر كان لهذا فائدة علي لبنان، خاصة أن مصر لا تلعب دورًا “فئويًا” في لبنان. فعندما تنظر للدول الأخري المؤثرة التي ترتبط بالشأن اللبناني تري انها تستثمر في فئة معينة او محددة.

مصر إذا نظرت لها لديها في لبنان مستشفي ميداني وتقدم وتوزع مساعدات عينية، ولا تشعر ان هذا الدعم والمساعدة المصرية لفئة بعينها بل الواضح أنها للبنان بمعزل عن مصالح خاصة.

وأوضح الأمين أن هذا النمط السياسي الذي تقدمه مصر مريح للبنان، ولبنان تحتاج إليه. فلبنان مثلًا كما نفهمه شعبيًا علي المستوي المالي بحاجة إلي أن تدفع له مئة دولار إلي لبنان والدولة اللبنانية ولا تدفع مليون دولار لفئة معينة او لطائفة.. مئة دولار أهم للبنان من المليون دولار لفئة معينة.

فالمئة دولار هي دعم للجميع للشعب والدولة اللبنانية. لذلك لدينا تطلع لدور مصر ونفوذها الإقليمي ولقوتها. مصر في الذاكرة اللبنانية بكل أبعادها الفنية والسياسية والاجتماعية حاضرة، بالتالي فيه تطلع لأن يكون لمصر دور كبير في لبنان. ولنا نحن كمراقبين مقتنعين أنه كلما قويت مصر في الخارج وصار لديها نفوذ ودور في دعم الدول كلما أصبحت أقوي في مستويات أخري حتي في الداخل وفي دورها الإقليمي وفي دورها الدولي. والدور المصري ليس دورًا منفرًا لا يستثمر من أجل مآرب أخري. وهو يدعم ويساند من أجل قيم الأشقاء والجيرة والحفاظ علي المصالح العربية والأمن القومي العربي.

لا أريد أن أسمي الدول الأخري لكن إذا قارنت الدور المصري مع الدول الأخري في لبنان، الدور المصري مقبول أكثر من كل الفئات من الناحية الاستراتيجية. وهناك طلب أن يكون فيه دور لمصر بلبنان في إطار الأمن القومي العربي. فالمدي الإقليمي العربي مصر في حاجة له كما لبنان في حاجة إلي المدي الإقليمي العربي. وأي دولة بتنهار في المنطقة العربية تؤثر علي باقي الدول.

إذا نظرت إلي إيران وتركيا كلاهما دمر المنطقة العربية واستفادا من ذلك. لكن بالنسبة لمصر تدمير المنطقة يعني استهداف مصر. ودور مصر في لبنان أو المنطقة العربية هو الدور الطبيعي وهو المطلوب. ومصر قادرة علي القيام بذلك بوزنها التاريخي ووزنها الجغرافي ووزنها السياسي وبنخبتها. إذا كنا نتكلم عن عالم عربي فرافعة هذا العالم وهذا النظام مصر، ومصر أهميتها كبيرة ودورها لا يمكن الاستغناء عنه في لبنان وفي السودان وفي ليبيا وفي فلسطين والعراق وسوريا وبالمغرب العربي وبالخليج العربي. ومصر عندها إرث في ذلك. نحن نتحدث عن دور له تاريخ وسوابق ومرجعيات، ويمتلك قوة دبلوماسية وحضور علي كل المستويات.

مصر بالوجدان العربي حاضرة وقادرة ومؤثرة. قبل كل شئ هي مؤثرة فكيف إذا تحركت. ولدي النخبة اللبنانية الان قلق سببه أن لبنان هذا الذي مساحته 10 آلاف كيلو متر مربع كان مساحة من الحرية النسبية قياسًا بالمحيط الجغرافي لها، وكان مساحة إعلامية، ومساحة ثقافية وسياحية.

وشدد الأمين علي وجود ارتباط وجداني وثيق بين لبنان ومصر، ففي لبنان مثل كل العالم العربي الناس تنام علي أم كلثوم ويستيقظون علي فيروز، وهذا يعكس التلاحم بين العالم العربي. وبالتالي كان لابد أن يتحول هذا إلي مصالح مشتركة كما نتحدث هذه الأيام. نحن نقول الوحدة العربية ووحدة اللغة والتاريخ، وانا أريد ان أتجاوز هذا الكلام لأقول أن النكبة العربية حدثت بسبب هذا التفكك بين العرب. وهو تفكك له علاقة بالاقتصاد والعيش وعلي كل الأمور التي انعكست علي كل هذه الدول، ولبنان دفع ثمن.

هناك تطلع لدور عربي لحل أزمة لبنان، وفيه تطلع لدور مصري يساهم فعليًا في إنقاذ لبنان. وإنقاذ لبنان ليس مجرد عمل خيري بل هو عمل من أجل حماية مصر ومصالحها، وحماية المنطقة ومصالحها، ولمنع التدخلات من الأعداء الاسرائيليين والتراك والإيرانيين.

أزمة لبنان ليست داخلية ولا لوجود الانقسامات، وإنما الأزمة الحقيقية هي دخول دول تستثمر نفوذها في لبنان مستفيدة من بعض التباينات والخلافات. وحجم هذه التدخل هائل، ولا يمكن مواجهة هذا التدخل بالمال والسلاح إذا لم يكن هناك دائرة عربية قادرة علي أن تشكل رادعًا ومانعًا لهذه التدخلات. المسئولية لاشك يجب أن يتحملها اللبنانيين لكن لا يعفي الأطراف العربية لأنها معنية من منطق المصلحة. ودعنا نتساءل عندما دخل الإيرانيون إلي لبنان ألم تتأثر المنطقة العربية بالكامل. وعندما دخلت إسرائل لبنان في 1982 أثروا كذلك علي المنطقة العربية كلها.

وعن مستقبل الإسلام السياسية بالمنطقة العربية بعد اندحار الإخوان وداعش قال إن الإسلام السياسي في مأزق. تجربة الإسلام السياسي أثبتت فشلها في كل مكان وحتي في إيران.

فالإسلام السياسي بدلًا من أن يكون عنصر جامع تحول إلي عنصر تفتيت، وعزز المذهبية والفئوية والعنف والإلغاء، وترك التسامح وفتت وخربت المجتمعات، وانشأت ثقافة بالمجتمعات غريبة تقوم علي التكفير والتشدد. لكن هذا لا يمنع إعادة ظهور هذه المظاهر مرة أخري لأن الواقع لا يقبل الفراغ بوالتالي لابد من ملأ هذا الفراغ.

وعلينا ان نسأل لماذا تأثرت مجتمعاتنا بهذه المظاهر؟ والإجابة لأن مجتمعاتنا تبحث عن شئ ووجدت هذه المظاهر واعتبرتها هي الحل وصدمت فيها فيما بعد. وبالتالي نحن بحاجة إلي المشروع العربي، وانا لا اتحدث عن استعادة المشروع الأيدولوجي القومي.

أنا اتحدث عن مصالح النظام العربي ورؤاه وتطلعاته من أجل حياة عربية أفضل ضمن نظام يتبني مشروع فكر واستنارة وجامعات وبحث علمي وكلها هي شروط النهضة العربية. لا يجب ان نترك الفراغ مرة أخري للإسلام السياسي. كيف دخل الإيرانيون غلي لبنان. وجدوا امكن فراغ فملأوها.

الخلاصة مشاريع الإسلام السياسي فشلت في العالم العربي ولا تحمل آفاق تطور وإنما تحمل تخلف وتراجع. لكن لا يكفي أنها تفشل فمن الممكن أن تعود ثانية، فيجب أن تكون هناك بدائل تقدم مواجهة فكرية وثقافية قبل السلاح.

عندما نقول أميركا وقوتها، فهل القوة الأمريكية ناشئة فقط بسبب القنبلة الذرية والأسلحة المتطورة لكن عندها هوليود وثقافة وجامعات وصناعات وابداع وقوة الفكرة. بالتالي نحن في حاجة إلي أن نخلق فكرة وحلم يشكل وجدان كل عربي ويسعي لتحقيقه، وهو ما يجعلنا نقضي علي كل مظاهر التخلف والتطرف ونستأصل الأفراد والمجموعات التي تتبني هذه المظاهر وهم نتاج استثمار خارجي لدول. فعندك داعش لا يوجد عدو للعالم العربي إلا واستثمر في داعش.

وأوضح أن الأزمة المالية في لبنان مرتبطة بالأزمة السياسية، بمعني أنه لا نتوقع أن هذه المنظومة السياسية التي حكمت لبنان ولا تزال تحكمه ستحل الأزمة لأنها هي من أوصل الأزمة إلي ما هي عليه اليوم. فلا يمكن أن تحمل المسئولية المالية اليوم لحاكم مصرف لبنان لأن هذه الأموال التي افتقدها المصرف هي ديون للحكومة اللبنانية، أعطاها للحكومة لكن مسئوليته أنه أعطاها بلا شروط. وما وصلنا إليه هناك مسئولية جماعية تتحملها المنظومة السياسية الحاكم ويتحملها حاكم المصرف. وبالتالي من أوصل لبنان لهذه الأزمة لا يمكن أن ينتشلها منها، والدليل علي ذلك انه في الثلاث سنوات الأخيرة منذ الإنهيار الذي حدث لم نلحظ أي محاولة للخروج من المأزق من قبل هذه السلطة القائمة اليوم.

إذا كانت هذه السلطة تعاني من الفساد الإداري فلم نشهد أي خطوة إصلاحية. إذا كان المطلوب عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي لم يتم إنجاز هذا الإتفاق إلي الآن. إذا كان المطلوب إجراء تغيير في السياسات فلم يجري أي تعديل. إذا لم نشهد خطوات سياسية “جدية” في إتجاه إحداث تغيير في إدارة الشأن العام، وإدارة الأمور السياسية، فلن نتوقع أن يحدث أي تحسن في الأزمة المالية. وبالتالي الأزمة ذاهبة إلي مزيد من التدهور.

نص المقابلة على موقع “الجمهورية اونلاين”: الأمين: مصر رافعة العالم العربي.. ودورها في لبنان طبيعي ومقبول ونراه “المنقذ”

السابق
هل غابت المواطنة عن الفقه السياسي الاثني عشري؟
التالي
فرّ من مخفر الباروك عبر فتحة لادخال الطعام.. اليكم مصيره!