ذكرى رحيل محمد عبد الحميد بيضون في ندوة «دار الحوار».. درباس: كلماته مسنونة كنصال الحق

سنة مضت على رحيل الوزير والنائب السابق محمد عبد الحميد بيضون “المحنّك” صاحب البصمة المتميّز في سياسته النقدية وجرأته في التعبير عن مواقفه ومواجهته لقوى الأمر الواقع في رحلة النضال حتى الرمق الأخير.

تكريماً للراحل على شجاعته التي قلّ نظيرها، نظّم “دار الحوار” ندوة فكرية تناولت سيرته ومسيرته أدارها الاعلامي الدكتور يقظان التقي، بحضور الوزير السابق النقيب رشيد درباس وعائلة الراحل، كما تخلّلها شهادات لأصدقائه الاعلاميين علي الأمين، كريم مروة، غالب ياغي، يوسف مرتضى، أسعد بشارة، عماد موسى، مروان الأمين ومنى خويص، معبرين بكلماتهم عن افتقار الساحة اللبنانية لتميّز وبصمة بيضون.

خيرالله : رؤية تستشرف المستقبل

بعد الترحيب والوقوف دقيقة صمت عن روح الراحل، شدد الاعلامي بشارة خيرالله على ضرورة الاستفادة من رؤية محمد بيضون التي كانت متقدمة جدًا، تستشرف المستقبل وتحاكي المصلحة اللبنانية الصافية.

خيرالله: رفاق محمد بيضون هم نخب عابرة للمناطق والطوائف والمذاهب

وأعلن خيرالله أن “دار الحوار” وجدت لتستذكر الكبار بفكرهم، مؤكدًا أن رفاق محمد بيضون هم نخب عابرة للمناطق والطوائف والمذاهب، وهذا النهج الذي اجتمعنا حوله مرات ومرات في دارة الراحل.

درباس: لم أرَ قلبًا جسورًا كقلب بيضون

بين شجاعة الرأي والديماغوجية حدٌّ قاطع اسمه محمد عبد الحميد بيضون، بحسب درباس الذي لفت الى أنه ” وإذا كان الرأي الشجاع بحاجةٍ إلى قلب شجاع، فأنا لم أرَ قلبًا جسورًا أعزلَ من أيِّ حماية كقلب الراحل العزيز”.

وقال:”كلماته مسنونة كنصال الحق، لا تحتمل تأويلاً أو التباسًا، ولا تنطوي على تورية أو تأويل، لأنها خلاصة فكر مشع صهرته التجارب، وصقله العلم، وأطلقته الموهبة”.

أضاف:” إذا أردنا أن نُعَرِّفَ الألمعية بشخص، فهو المعرف الذي لا يُعَرَّف. تابعت حضوره نائبًا في مجلس النواب، يعتلي المنبر ليناقش الموازنة بتفاصيلها كلها، فيفندها بندًا بندًا من دون أن يقرأ في ورقة، حتى إنَّ الرئيس رفيق الحريري، رئيس الوزراء آنذاك، كان يعبر عن انزعاجه بابتسامة إعجاب عريضة. ثم التقيته في السراي الكبير عندما كنت في زيارة الرئيس الشهيد، الذي دخل علينا فاندلعت بينهما ابتسامتان دالتان على عمق التقدير المتبادل”.

وتابع: “بعد ذلك، تكرم علي الدكتور يقظان التقي واستضافني في إذاعة الشرق في برنامجه المرموق “الماغازين السياسي” شريكًا في حوار مع الدكتور محمد، فتمنيت لو بقيت منصتًا طوال المقابلة لشدة الاستمتاع، وكنت كلما توجَّهَ إلي السؤالُ أجيب باقتضاب، شغفًا بالعودة إلى المتعة، توثقت صلتنا بعد ذلك، وأصبحنا ثنائيًّا متكررًا عند يقظان الذي كان بلباقته وذكائه يستخرج منا المواقف بجدلية فائقة البراعة واللطف، فإذا خرجنا من المقابلة انهالت علينا المكالمات تعليقًا وتقويمًا”.

وشدد درباس على “أن هناك ناس برعوا في لغة الأرقام، وحلقوا في الرياضيات العليا، ومنهم من توغلوا في أمور المال وهندساته، فأحرزوا المقام المعلَّى وتوزعوا بين الأستاذية الجامعية وإدارة البيوت المالية؛، لكن محمد عبد الحميد بيضون، الدكتور في الرياضيات، كان ظاهرة لافتة، لأنه، قبل دخوله في ميادين الاختصاص الأكاديمية، كان سياسيًّا ومناضلاً طلابيًّا، ومن رعيل متقدم في حركة المحرومين، وكان أيضًا متنوع الثقافات، وخبيرًا اقتصاديًّا، فجمع وأوعى، إذ استطاع أن يُنطِقَ الأرقام لغة السياسة، في أقصر العبارات وأدقها، فرحنا نقرأ من خلاله الأوضاع العامة بمعادلة مبسطة، لكنها عميقة الدلالات”.

درباس: ربما كان فراقه عن حزبيته ناجمًا عن استقلالية نفسية وشخصية تأبى لفكره أن يقبع في المصنفات والتعليب، وهذا ما جعله خارجًا عن مناصبه بلا ندم

وقال:”ربما كان فراقه عن حزبيته ناجمًا عن استقلالية نفسية وشخصية تأبى لفكره أن يقبع في المصنفات والتعليب، وهذا ما جعله خارجًا عن مناصبه بلا ندم، جاهرًا بما أوصلته إليه بصيرته النفاذة، غير آبه بما قد يتعرض له، صامدًا على حاله في وجه مخاطر السياسة وآلام المرض الذي كتمه إلى أن صرح الموت عنه على بغتة منا”.

وختم: “أحيي دار الحوار، والاعلامي الصديق بشارة خيرالله على ما أتيح لي من تعبير متأخر عن تقديري لمن كانت هذه الندوة بسببه وعلى نيته، وأنتهز الفرصة لأستذكر الرجل بطرفة تبلل الحزن بابتسامة، وهي أننا عندما كُلِّفَ الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة بعد فوزه في انتخابات العام 2009 زرناه معًا للتهنئة، فتبادلنا الأحاديث والآراء، إلى أن باغتني الدكتور محمد بأن طلب من الرئيس الحريري حقيبةً لي، فأحرجني الأمر كثيرًا؛ لكن البداهة أهدتني إلى أن أقول للرئيس، نعم أريد حقيبة كرافتات. غادرت بيت الوسط، عائدًا إلى طرابلس، ففوجئت بأن حقيبة تحتوي على مئة ربطة عنق سبقتني إلى البيت، فشعرت أن ما طوق عنقي هو محبة الراحل الذي فقدته الحياة السياسية والصداقة الصادقة”.

رسالة من نجل الراحل

شكر عائلة الراحل على لفتة الدار التكريمية اختصرها نجل الراحل جهاد محمد عبد الحميد بيضون المتواجد في الخارج برسالة نوّه فيها “بالمبادرة الجميلة المغمورة بالمحبة والوفاء لتكريم والده”.

الرئيس ميشال سليمان: صاحب مواقف شجاعة

كان للرئيس ميشال سليمان مداخلة عبر الهاتف شدّد فيها “على أهمية الحوار دائمًا لأنه السبيل الوحيد للخروج من الأزمات كما في لبنان كذلك في الإقليم”.

سليمان: انوه برؤيته اللبنانية ومواقفه الشجاعة

واستذكر الراحل الذي تعرف إليه منذ قيادة الجيش ثم رئاسة الجمهورية وبعد انتهاء الولاية، منوهًا “برؤيته اللبنانية ومواقفه الشجاعة بعيدًا من الحسابات الضيقة”.

رئيس تحرير موقع جنوبية الصحافي علي الامين
السابق
احتجاجات على مشاركة الأسد في قمة جدّة.. تظاهرات تعم مدناً سورية
التالي
لبنان في الاعلان الختامي للقمة العربية.. ودعوة هامة