«الغرف السوداء» تُهدّد الحريات العامة في لبنان!

على الرغم من تحلل الدولة اللبنانية وغياب النظام السياسي القوي القادر على الامساك في السلطة، والذي يُعطيها القدرة على قمع الحريات العامة، إلا ان منظومة الحكم والتي على رأسها “حزب الله” واتباعهِ، لا زالت قادرة على تقييد حريات المواطنين على اختلاف طبقاتهم، عبر الترهيب والترغيب التي تستعمله كما انها وعبر ما لها من ايدٍ خفية في الاجهزة الامنية والنقابات، قادرة على إرهاب كل من يُخالفها الرأي، كم هو حاصل على صعيد إستدعاء الصحافيين عبر الاجهزة الامنية، تحت حجة القدح والذم حيناً، والجرائم الالكترونية احياناً اخرى، مع العلم ان في الامر مُخالفة واضحة وصريحة جداً لقانون الصحافة اللبنانية، والذي يخضع له جميع الصحافيين، في ان يُحال المخالف امام محكمة الطبوعات او امام قاضي التحقيق، وليس لدى الاجهزة الامنية كما هو معمولٌ به في بعض الدعاوى، التي يتقدم بها نواب ووزاراء ورؤساء احزاب في وجه الصحافيين ، ولقد شهد العهد العوني المُنتهي تقديم اكبر عدد من الدعاوى ضد الصحافة والصحافيين وفي تُهمٌ مُختلفة ، كما انه في العام الماضي ٢٠٢٢ شهد اكبر عدد من الدعاوى والاعتداء على الصحافة والصحافيين بتاريخ لبنان، من خلال السيلٍ الكبير من الدعاوى والتي بلغ عددها ١١٦ إدعاء واعتداء ومنع من النشر ، على صحافيين ومواقع إعلامية الكترونية.

منظومة الحكم والتي على رأسها “حزب الله” واتباعهِ لا زالت قادرة على تقييد حريات المواطنين على اختلاف طبقاتهم


ولم تكتف منظومة الحكم بهذا القدر من التضييق على الاعلاميين وغيرهم من شرائح المُجتمع في مُحاولة فاضحة لكم الافواه، الى ان دخلت نقابة المحامين على هذا الخط، وكأن احداً ما يُحرك خيوط تضييق الخناق على المٌجتمع وطبقاته وصولاً الى نقابة المحاماة .

لم تكتف منظومة الحكم بهذا القدر من التضييق على الاعلاميين وغيرهم من شرائح المُجتمع في مُحاولة فاضحة لكم الافواه الى ان دخلت نقابة المحامين على هذا الخط

نقابة المحامين والتي تشكلت في العام ١٩١٩، كانت تُعتبر من ابرز حصون الحريات والمُدافعة عنها، الى ان قام مجلس النقابة الحالي في اواسط شهر اذار المنصرم الى تعديل المواد ٣٩ و٤٠ و٤١ و٤٢ والتي تتعلق بنظام اداب المهنة ، حيث كانت المادة ٣٩ تنص على الاستحسان في الحصول على إذن من النقابة في الاطلالات الاعلامية، او المشاركة في المؤتمرات او ورش العمل التي تتعلق بكثير من امور الشأن العام.
ولكن في التعديل الجديد، اصبح إلزام المحامين على الحصول على إذن مسبق من النقيب، وليس من مجلس النقابة او لجنة مُشكلة لهذا الامر على وجه الخصوص، وهنا تكمن المُفارقة ان نقابة المحامين في بيروت، والتي تضم ما يُقارب الثلاثة عشر الف محام، يُناط طلب الإذن فقط من النقيب، مما يجعل منه الامر الناهي والحاكم بأمره، يعطي الاذن او يحجبه وفقاً لرغباته او ما يراه مُناسباً .

اتت استدعاءات بعض المحامين وعلى رأسهم الاستاذ نزار صاغية لتصبح القضية ليست قضية محام او عدداً من المحامين بل اصبحت قضية رأي عام


وقد اتت استدعاءات بعض المحامين وعلى رأسهم الاستاذ نزار صاغية، لتصبح القضية ليست قضية محام او عدداً من المحامين بل اصبحت قضية رأي عام .
كما ان عدداً من المنظمات الدولية المهتمة بالامر، قد استنكرت هذا الامر، ودعت نقابة المحامين الى التراجع عن التعديلات الاخيرة .
وفي هذا الخصوص يُصبح الامر ليس مجرد تدبير داخلي تتخذه نقابة المحامين، بل وكأنه هناك شيئاً ما يُدبر في غُرف سوداء مُظلِمة، الهدف من خلفه هو تقييد الحريات، والقضاء على كل من يُخالف الرأي او يرفع الصوت.

حتى لا يُصبحُ لبنان كباقي الانظمة العربية الممانعة على وجه الخصوص تُكمم فيه الافواه

من هنا تأتي قضية الحريات العامة، كونها لاتخص قِطاع على وجه الخصوص، بل قضية حُريات مطلوبٌ الحفاظ عليها، وعدم التهاون في إدارة هذه المعركة، للحفاظ على ما تبقى من حرياتٍ عامة في لبنان، تجعل منها متنفساً للبنانيين التواقين الى الحرية، وحتى لا يُصبحُ لبنان كباقي الانظمة العربية الممانعة على وجه الخصوص، تُكمم فيه الافواه ويُصبحُ الجميع من ضمن القطيع، الذي يُنادي بطول العمر للقائد المُفدى المنتصر دوماً وراعي الحياة السعيدة.

السابق
الفنان سامي خياط «خيّط» الضحكات وطرّز البسمات على الوجوه والبلاد وغاب!
التالي
هل يدعو بن سلمان إلى مؤتمر إقليمي دولي لإنقاذ دول في المنطقة من الانهيار؟