جيلبير الشاغوري..«رجُل ظِلّ» يطلّ مع كل استحقاق رئاسي!

جيلبير شاغوري

أكثر الغائبين حضوراً في الملف الرئاسي اللبناني رجلُ أعمالٍ يتسلل إسمُه في تقارير إعلامية وتضجّ بها الكواليس كواحدٍ من طبّاخي التسويات العابرة للحدود.

فليستْ أول مرة يتردّد إسم جيلبير الشاغوري في ميدان صناعة الرئيس في لبنان… رجل الأعمال الذي لم يتقدّم إلى الواجهة السياسية من بوابة المَناصب في الداخل، يحرص أن يكون له، كما يقول المَثَل اللبناني «قرص في كل عرس» فيدخل إلى الأروقة السياسية المحلية من الباب الخارجي، عبر علاقاته الدولية ولا سيما الأوروبية منها.

هو رجل أعمالٍ من أصل لبناني وُلد في نيجريا، عائلتُه من بلدة مزيارة الشمالية التي تنتمي إليها زوجته كذلك. وُلد من أبوين مُهاجِرَيْن، إلا أنه رجع إلى لبنان ودرس فيه، قبل أن يعود إلى نيجيريا حيث برز كرجل أعمال في قطاعات مختلفة، من البناء إلى الفنادق، والمصانع على إختلاف أنواعها، إضافة إلى القطاع الزراعي والإتصالات والتكنولوجيا.

ربطتْه علاقاتٌ مع نظام الحُكْمِ في نيجيريا في عهد الرئيس ساني أباتشا، وعُرف بصلته القوية به الأمر الذي تَسَبَّبَ له بمتاعب وإشكالات بعد تغيير الحُكْم هناك، وتَرَدَّدَ أنه اضطر إلى دفْع أموال طائلة لاحقاً لتسوية أوضاعه.

مع الشغور الرئاسي الحالي وبدء الكلام عن تسويقٍ فرنسي لإسم فرنجية وإعلان بري و«حزب الله» دعْمهما له عاد الشاغوري ليكون لاعباً أساسياً في مسار تسويق فرنجية

أَسَّسَ أمبراطوريةَ أعمالٍ مترامية مع عائلته، وتوسّعت علاقاتُه الدولية من الولايات المتحدة إلى فرنسا والفاتيكان، إذ عُيّن سفير جزيرة سانتا لوسيا لدى الفاتيكان واليونيسكو والأمم المتحدة. وقد أثار تمثيلُه ردات فعل في سانت لوسيا وكُتب الكثير حينها عن «هبوطه بالمظلة» على الجزيرة الواقعة في البحر الكاريبي وعن علاقاته التي سمحتْ له بأن يحوز أرفع الأوسمة فيها ويصبح سفيراً لها.

حاز عدة أوسمة من فرنسا ولبنان والفاتيكان نتيجة أعماله الخيرية ومساهماته المالية في مؤسساتٍ تُعنى بالتربية والصحة وأمراض السرطان، وهو قدّم لوحات وقطعاً فنية إلى متحف اللوفر الفرنسي، وأُطلق إسمه واسم زوجته على كلية الطب في الجامعة اللبنانية – الأميركية في بيروت.

مفكرته حافلةٌ بأسماء لامعة في السياسة والأعمال. اشتهر بعلاقاته الدولية والأميركية تحديداً وخصوصاً مع عائلة الرئيس بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، لكن إسمه أحيط بشكوك أميركية منعتْه من دخول الولايات المتحدة قبل أن يرفع دعوى قضائية مضادة لإسقاط القرار، ومع ذلك ظلت علاماتُ استفهامٍ أميركية تتردّد لدى دخوله كل مرة إلى الولايات المتحدة.

في الأخبار المتداوَلة عن الشاغوري أنه لا يحبّذ إعطاءَ مقابلاتٍ صحافية ولا يطلق آراء علانية في الحفلات أو في اللقاءات العامة، وأنه يفضّل إحاطةَ أعماله وتحركاته بستار من الكتمان، ولا سيما أنه رجل أعمال له استثماراته وعلاقته في مجالات النفط، وهو الأمر الذي فَتَحَ العيونَ على علاقته برئيس البرلمان نبيه بري خصوصاً في مرحلة التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل والتنقيب عن الغاز. لكن فريقَه عرف كيف يدير له شبكةَ علاقاتٍ إعلاميةٍ واسعة لإلقاء الضوء على مآثره وعطاءاته في لبنان وفي بلدته مزيارة التي يزورها في شكل دائم.

إقرأ أيضاً: «فتنة الساعة» تشظي العلاقة بين بري وميقاتي وجنبلاط..و«حزب الله» يُروّع عرمون عسكرياً؟

إبن البلدة الشمالية الواقعة في قضاء زغرتا، نَجَحَ في مدّ شبكة علاقات لبنانية من بوابة العلاقات العامة والأعمال. تربطه علاقة جيدة بالرئيس بري ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، وبالكنيسة المارونية التي كان الناطق بإسمها في محافل فاتيكانية، وساهم أكثر من مرة في تعزيز مواقع أساقفة لدى الكرسي الرسولي، وغالباً ما كان يقدّم طائرتَه الخاصة لرحلات البطاركة والأساقفة إلى الفاتيكان، إضافة إلى مساهماتٍ مالية متنوعة في مؤسساتها.

في السياسة كان مقرَّباً من العماد ميشال عون، لكنه ابتعد عنه تدريجاً ويقال إن العلاقةَ بينه وبين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لم تكن ودّية. ويعود التوتر بينهما إلى علاقة الشاغوري بفرنجية وتأييده ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية قبل انتخاب عون في العام 2016.

وليس سراً أن الشاغوري قريب من فرنجية، ويقدّم له طائرته الخاصة في رحلات صيد وفي زيارات سياسية خارج لبنان. وقد وظّف علاقتَه في باريس من أجل تسويق رئيس «المردة» إبان مرحلة الشغور الرئاسي الذي أعقب إنتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان (بين 2014 و 2016). وهو الذي ساهم في توسيع حلقة تأييده مع الرئيس سعد الحريري آنذاك وبدعْمٍ من الرئيس بري. ضغط الشاغوري في تلك المرحلة من خلال علاقاته لتسويق إسم فرنجية في لبنان وخارجه، لكن وساطته فشلت وإتجهت التسوية إلى مكان آخَر، وغاب إسم رجل الأعمال ستة أعوام إلى أن عاد اليوم مجدداً.

كل الكلام الحالي يدور في لبنان عن مساهمة الشاغوري في تزكية فرنجية لدى دوائر الإليزيه والمستشارين الذي يؤدّون دوراً في الإتصالات العربية والأميركية ولدى الكرسي الرسولي حيث لديه نفوذ قوي

مع الشغور الرئاسي الحالي وبدء الكلام عن تسويقٍ فرنسي لإسم فرنجية وإعلان الرئيس نبيه بري ومن ثم «حزب الله» دعْمهما له، عاد الشاغوري ليكون لاعباً أساسياً في مسار تسويق رئيس «المردة». وكل الكلام الحالي يدور في لبنان عن مساهمته في تزكية فرنجية لدى دوائر الإليزيه والمستشارين الذي يؤدّون دوراً في الإتصالات العربية والأميركية ولدى الكرسي الرسولي حيث لديه نفوذ قوي، من أجل الدفع بالملف الرئاسي إلى الأمام. لكن تَرَدُّد إسم الشاغوري وما يحوطه من ستار من الكتمان، يعطي للملف الرئاسي بُعْدَ الصفقة الرئاسية ومَلاحقها. فالشاغوري رجل أعمال، يتعاطى السياسة من باب العلاقات العامة، وهو في هذا المجال يستفيد منها في كلا الإتجاهين.

فهل تُكلَّل وساطته هذه المرة بالنجاح كما تتكلّل أعماله، أم يفشل مرة أخرى في تسويق الزعيم الزغرتاوي الذي تربطه به علاقات قديمة؟

السابق
بالفيديو: جريمة مروعة في حي السلم!
التالي
رقعة الفقر تتسع في لبنان..وحلويات رمضان للمحظوظين فقط!