المفكر الإماراتي يوسف الحسن.. تأمُّلات نَّقديَّة في الثَّقافات الرّديئة

يوسف الحسن

تأمُّلاتٌ نقديّةٌ بإمتياز ، هي تأمُّلاتُ الكاتب والمفكِّر والدبلوماسي الإماراتي الدكتور يوسف الحسن ، في مجموعةٍ من الثّقافات الرَّديئة ، بلغ عددها سبع عشرة ثقافة ، تلك التي جَمعها في كتابه الجديد الصادر ، حديثاً ، عن ” شركة المطبوعات ” ، في بيروت ، ( طبعة أولى 2022 ) . تحت عنوان : تأمُّلاتٌ في ثقافاتٍ رديئة “.

يسعى هذا الكتاب إلى تعريف عددٍ من أنماط الثّقافات الرّديئة والتّأمُّل فيها وفي ظلالها الإجتماعيّة والسياسية

إذاً،نحن ، في هذا الكتاب ، أمام سبعة عشر تأمُّلاً ، كلّ تأمُّلٍ منها ، مُختصٌّ بثقافةٍ معيَّنة ، بحسب خصوصيّة الحالة ، التي هي مَحطُّ تأمُّلٍ مستقلٍّ ، وذلك تِبعاً لِما اقتضتهُ استقلاليّة ” مواجهتها ” بمفردها . ويضمّ هذا الكتاب سبعة عشر فصلاً ، تسبقها مقدّمة الكتاب ، وتليها خاتمته ( خلاصة الكتاب ) .
وتأمّلاتُ هذا الكتاب – وعبر الترتيب التسلسلي لفصوله – تستهدِفُ نَقدِيَّتُها الثّقافات الآتية :

17 ثقافة رديئة

1: ثقافة التّفاهة ؛ 2 : ثقافة الاستبداد ؛ 3 : ثقافة الفساد ؛4: ثقافة الاستعلاء ؛ 5: ثقافة الكراهية ؛ 6: ثقافة الوعي الزّائف ؛ 7: ثقافة ” تويتريّة ” ؛ 8: ثقافة ” الاعتذار المقلوب ” ؛ 9 : ثقافة البلادة السياسية ؛ 10: ثقافة طغيان الوهم على الواقع ؛ 11: ثقافة غفلة العقل ؛ 12: ثقافة الأساطير اللاّهوتية المتعصّبة ؛ 13: ثقافة الاستيطان ؛ 14: ثقافة ” فرّاخة ” التّكفير ؛ 15: ثقافة حوار ” الطرشان ” ؛ 16: فيروسات ثقافة الحرب ؛ و17 : ثقافة ” المُحلِّل ” المستعار .

مشهدٌ عربيّ لا يسُرّ

ومما يقوله الكاتب في مقدمة الكتاب :
” شغلتني في السنوات القليلة الماضية ، خواطر وتأمّلات في ما لحق السياسة من تجريفٍ وتيهٍ وتفريغٍ لمحتواها ، وبلادةٍ وربّما مواتٍ أيضاً ، وما أصاب الثّقافة من رداءةٍ وتخلٍّ عن وظائفها الإجتماعية والإبداعية والفكرية ، وغياب لمعاييرها الأصِيلة ، من ذائقةٍ وقيمٍ جماليّة وأخلاقية ، وأحاسيس رسوليةٍ بالوجود الإنساني ، في شتّى أبعاده وأشكاله.

لِنُربِّ الأمل ونُنعِش الوعي ولنطرُدِ التّفاهة والرَّداءة ونُنقِذ الثقافة ونُطهِّرها لتسمو بها حياتنا ومجتمعاتنا

” كتبتُ هذه التّأمُّلات ، وأنا مُدرِكٌ أنّ هناك نماذج مضيئة في السياسة وفي الثقافة ، إن في بيئتنا العربية أو في بيئاتٍ خارجية أخرى . إلاّ أنّ المشهد العربيّ لا يسرّ ، حينما نُعمِلُ الفكر في سياق الزمن العربي الجَمعي الراهن ، المُبتلى بالمواجع والفواجع المتلاحقة ، وبالحيرة الشديدة والاضطراب ، والأسئلة الكثيرة المعقّدة.

إقرأ ايضاً: محمد بن سلمان في الجنوب!

” تُوضّح التّأمّلات في هذا الكتاب ، كيف تمكّنت الثقافة الرديئة ومسوّقوها ، من إغرائنا بقبول ” تسلياتها ” النمطية السلبية والرخيصة ، وتشجيعنا على الإغفاء بدلاً من التيقُّظ والتركيز ، واللامبالاة وإشاعة البلاهة ، بدلاً من الوعي والتفكير النّقدي ، وإغرائنا بالنظر إلى ما هو مُبتذَل وَمَقيت وغير مقبول ، وغير خاضعٍ للقواعد الجماليّة ، والمعايير الأخلاقية الإنسانية ، والذّائقة السّويّة ، وكأنّه حتميٌّ وضروريّ، ومنسجمٌ مع ” الموضة ” والعصر .

سَعيُ الكتاب

ويسعى هذا الكتاب إلى تعريف عددٍ من أنماط هذه الثقافات الرديئة والتأمُّل فيها وفي ظلالها الإجتماعية والسياسية ، والتي إذا كانت قد خدعت بعضنا ، فهذا أمر سيّئ ومذموم ، وأمّا إذا كانت تحفّزنا على كشفها ونقدها ونبذها ، فهذا أمر مطلوب ومحمود وجيّد.

نحتاج اليوم إلى ثقافةٍ لا يغيب عنها الإنجاز الحضاري والإنساني

ويقول الكاتب: ” إنّ فائض الرداءة يسهم في حجب الإبداع الثقافي ، ويُفسد الذائقة ، ويعرقل دَور الثقافة في قيادة الوعي العام المجتمعي . وفي غياب اللّقاح الواقي ( الوعي والفكر النقدي ) ، تنتشر ” عدوى ” الرداءة والتفاهة .
ويضيف: ” إنّها ثقافات رديئة ، لها سلبيّاتها المؤثّرة في سلوكيات بشرٍ ومجتمعات ونُظُم ، ويجب نقدها وتجاوزها ، بإبداع ثقافةٍ أكثر إنسانيةً ، وحرّيةٍ مسؤولة وعدلٍ وأملٍ واستنارةٍ وقيمٍ عُليا .

ما نحتاجه اليوم

ويؤكد: ” نعم … نحتاج إلى كشف الغطاء عن الرداءة ، وعمّن يُلام على وجودها وتغذيتها ، وتعريتها قبل أن يتّسع الثّقب الأسود ، ويلتهم قِيم الإبداع والجَمال والمسؤولية ، ويُطفئ أضواء الحلم والطموح والأمل .
ويقول: ” أتطلّع إلى أن يكون هذا الكتاب ، محاولة لتفسير المعاني والآثار السلبية للرداءة وأنماطها الثقافية ، وظواهرها ، ولمدركات أصحابها وسلوكياتهم ،… نعم نحتاج اليوم إلى ثقافةٍ لا يغيب عنها الإنجاز الحضاري والإنساني ، ثقافة قادرة عل طرد الرداءة والتفاهة”.

وتنتهي خاتمة الكتاب بالتّنبيه التالي : لنُرَبِّ الأمل ، ونُنعِش الوعي ،ولنطردِ التفاهة والرداءة ، وننقِذِ الثقافة ونُطهّرها لتسمو بها حياتنا ومجتمعاتنا .

السابق
محمد بن سلمان في الجنوب!
التالي
«الشؤون» و «عامل» ومنظمات اهلية تطلق حملة التضامن مع متضرري الزلزال في سوريا