صليبي: الزلزال يسخر من الحدود بين سوريا وتركيا ومن البشرية جمعاء

غسان صليبي


تعليقا على الزلزال المدمر الذي وقع في تركيا ووصلت تداعياته الى سوريا التي كانولها حصة كبيرة من هذه الكارثة، اشار الكاتب غسان صليبي عبر حسابه على فيسبوك الى التالي:

لا يعترف الزلزال الا بالفالق، ولا يعير اي اهتمام لما فوقه، من بشر وعمران وبلدان وحدود.

لم يسمع لا بتركيا ولا بسوريا ولا باردوغان ولا بالاسد، ولا بجرائمهما وعنجهيتهما. ولم يتابع المفاوضات الجارية بينهما
من اجل تطبيع العلاقات بين البلدين، وخاصة في المناطق الحدودية التي ضربها.

لم يحسب الزلزال الحساب لتوقيت فعلته على الحدود بين البلدين، التي ستساهم بدون شك، في تسريع المفاوضات بين العدوين السابقين، مضيفة الى الحاجة اليها، الطابع الانساني الملح. الزلزال لا يميّز اصلا، بين جنوب تركيا وشمال سوريا، ولا بين تركي وسوري، او بين عربي وتركي وكردي، او بين مناطق للنظام ومناطق للمعارضة.

هو يدمّر ويقتل فحسب. لا ارادة للزلزال، فهو يخضع لمشيئة الفالق. الفالق يتحرك وهو بدوره يزلزل الأرض تحت اقدامنا. هو يسخر من حياتنا، والفالق يسخر من طاعته العمياء، اذ يتحرك عند اشارة الفالق، ونحن تُشَلُ حركتنا عند اشارة الزلزال.

تعوّد المؤمنون أن يُرجِعوا كل أمر يحدث، الى حكمة في نفس الله. فأي حكمة من تكوين الارض من فوالق تتحرك، فتدمر بثوانٍ ما بنته البشرية خلال قرون؟

لا يريد المؤمنون اتهام الله بالقسوة والظلم، بسبب قبوله بحدوث كل هذه الكوارث الإنسانية. كما لا يريدون الاعتراف ان الحياة عبثية والصدفة تحيينا او تقتلنا، فيسلّمون إن وراء كل ما يحدث حكمة إلهية، ولا حاجة لنا، او لا حق، في معرفة ما تقوله هذه الحكمة.

لن يتساءلوا بالطبع انه اذا كان هناك من حكمة إلهية وراء هذه الكارثة، فلماذا يضرب الزلزال المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا، التي عرفت الحروب ومساكنها متصدعة بسببها، ولا يزال يسكنها نازحون مشردون؟ الا يكفي هؤلاء المصائب التي حلّت بهم، وهل يحتاجون للمزيد ولماذا؟ لا اطرح هذه التساؤلات عن عبث، فقد قرأت الكثير من التعليقات العربية، المسيحية والاسلامية، تفسّر ما حصل بأعمال انتقامية ينفذها الله، لهذا السبب او ذاك، ضد هذا الطرف او ذاك.

من صفات الأرض، “ان شبكة هائلة من الصدوع تمزق غلافها الصخري، وتقسمها الى حوالي ١٢ لوحا، تتسبب بالزلازل كلما اصطدمت ببعضها.” هذه الألواح ” تطفو فوق طبقة لدنة
شبه منصهرة وعالية اللزوجة والحرارة. وحينما تدور الأرض حول محورها أمام الشمس، تؤدي إلى انزلاق هذه الألواح
فوق هذه الطبقة اللزجة مما يؤدي أحياناً إلى تباعد الألواح بفعل تيارات الحمم الصاعدة من أسفل إلى أعلى. وفي المناطق
التي تهبط فيها تيارات الحمم، تؤدي إلى تصادم بعض هذه الألواح ببعضها، وهو ما ينتج عنه وقوع الزلازل”.

لاحظوا معي هذه العلاقة اللئيمة، بين دوران الأرض حول الشمس وحصول الزلازل من جهة، وحقيقة ان لا حياة على الارض بدون دورانها حول الشمس، من جهة ثانية.

انه صدع في التكوين، او في الحكمة الالهية، ولا مجال لرأبه. وعلينا تقبله كما هو، على بشاعته وظلمه، ولو تسبب الصدع بالمآسي البشرية الدورية، وبصداع وجودي لا شفاء منه.

السابق
زلزال تركيا: لبناني عالق تحت الأنقاض منذ 30 ساعة.. ولا من مجيب!!
التالي
دعاوى من اهالي ضحايا المرفأ بحقّ عويدات