«كيف تم قتل لقمان سليم»؟.. كُتيب لماري جو صادر يُجيب!

اغتيال لقمان سليم

ربما من خطط ونفّذ عملية خطف واغتيال لقمان سليم، كان يعرف تماماً، أن لا عدالة في لبنان، على الإطلاق، فقام بجريمته. وهذا ما توحى به قراءة كُتيّب، “كيف تم اغتيال لقمان سليم” للكاتبة ماري جو صادر.

اغتيل لقمان سليم (المفكر والناشر وقائد الرأي الشيعي البارز المعارض لحزب الله)، في العام 2021. وبعد مرور عام على اغتياله (ما زال يُشاع، قضائياً، أن التحقيقات في هذه الجريمة لم تصل إلى أي نتيجة تُذكر!”. فمن يا ترى يقوم بإحياء عظام العدالة وهي رميم (في لبنان)؟

وكتيّب: “كيف تم اغتيال لقمان سليم” أصدرته “دار الجديد” في بيروت، وقد أرّخت تاريخ إصداره على النحو التالي: “صدر هذا الكُتيّب يوم 3 شباط فبراير 2023، في الذكرى الثانية لاغتيال لقمان سليم”.

ويقول هذا الكتيّب (من جملة ما يقوله: إن كل ما تصبو إليه عائلة الشهيد لقمان سليم هو القبض على القتلة ومثولهم أمام العدالة.

وما تصبو إليه عائلة الشهيد لقمان سليم، ينبع من هذه القاعدة، هذه المرّة غلْقُ ملف هذه القضية ممنوع”، ومحتويات هذا الكتيّب منشورة باللغتين العربية والفرنسية معاً. ولقد جاء المحتوى العربي لهذا الكتيّب تحت العناوين الآتية: “على مبعدة 400 متر من منزل صديقه تمّ اختطافه”؛ “تم اغتياله في معقل حزب الله”؛ “أهمية كاميرات المراقبة (في رصد عمليتي خطف سليم واغتياله”؛ “هذه المرّة غلق الملف (ملف هذه القضية) ممنوع”.

وفيما يأتي النص الحرفي لمحتوى الكتاب:

كيف قُتل لقمان سليم؟

تمكنـت الأوريـان لوجـور مـن خلال تقاطـع معلومـات أدلت بهـا مصادر مطلعة من تتبع دقائق خطف واغتيال لقمان سـليم الناشـر وقائد الرأي الشيعي المعـارض لحزب الله في جنـوب لبنان.

بعد مرور عام على بدء التحقيق في خطفه واغتياله، لم ّ يتم القبض على أي شخص بسبب “عدم كفاية الأدلة” علماً أن علامات استفهام كثيرة ما زالت تحوم حول جدية التحقيقات التي أجريت في المنطقة التي يسيطر عليها الحزب.
يـوم الأربعـاء 3 شـباط 2021، حوالـي السـاعة 10:30 مساءً خرج شابان للســهر معــا مــن بلــدة تفّاحتــا جنــوب لبنــان.

علـى طريـق جانبـي مـؤدٍّ إلـى العدوسـية، بالقـرب مـن طريـق صيدا السريع، تنبّها لسـيارة سـوداء مركونـة إلـى الجانب الأيسـر من الطريـق، تباطـآ لمعرفـة مـا الخطـب.

داخل السـيارة، شـاهدا رجـلاً ملقـى علـى وجهـه فـي المقعـد الأمامـي، إحـدى أقدامـه بارزة تتدلى بلا مـداس مـن نافـذة السـائق. ظـن الشـابان أن الســائق ســكّير نام مــن الإرهــاق فتابعــا طريقهمــا. لم يخطر ببالهما قطّ أن من في السيارة هو لقمان سليم، الـذي اغتيـل بســتّ رصاصــات: خمســة فــي الرأس وواحــدة فــي الكتــف ـ ثـم تُـرك فـي سـيارته، مضرجاً بدمائه… هكذا لم يذع خبر الاغتيال قبل اليوم التالـي.

بحســب الروايــات المتقاطعة التي تم جمعهـا مـن مصادر قريبــة مــن الملــف، تنـاول لقمان ومجموعة مــن المعارف والأصدقــاء الغداء يوم السـبت الواقع فيه ٣٠ كانون الثاني (يناير) 2021 في منطقة صفريا (جزين) أي قبل أربعة أيام من الاغتيــال.

هنـاك التقـى لقمـان بمحمـد الأميـن الشـاعر، الـذي تربطـه بـه به معرفــة قديمة، فعـرض عليــه أن يــزوره بعــد أيام في منزله الجديد في نيحــا (الجنوب). إتّفقــا علــى تناول الغـداء مع شـبيب الأميـن، الشـاعر وهـو صديـق قديــم وحميـم للقمان. يوم الأربعـاء الموافـق الثالـث مـن شـباط (فبرايـر)، وهو يوم الدعوة، غادر سـليم منزله في حارة حريك جوار منتصف النهار متوجهاً نحو جنوب البلاد في سيارة كان قـد اسـتأجرها، كمـا كان يفعـل، وذلـك ليتـرك لزوجتـه سـيارتهما المشـتركة. تُظهــر صـور كاميـرات المراقبة التي حصـل عليهــا المحققون سيارة تويوتا كورولا، أي سيارة لقمان سليم المسـتأجرة في خلدة حوالي الظهيرة، تتبعها ثلاث ثم خمـس سـيارات. السـيارات المشـبوهة زوّدت جميعهـا بلوحات مزيفة وتم رصدها بشكل متفرّق من قبل كاميرات مراقبـة أخرى علـى طريــق صيــدا – صــور الســريع.

تبعت إحدى السيارات سـليم إلـى وجهتـه، إلـى منـزل محمـد الأميـن، حيـث وصـل حوالـي السـاعة الواحـدة والنصـف ظهـراً. لم يشــك ّ المجتمعـون بأي حركة غريبة و قـد سـارت أمــور الغـداء بسلاسة. لم يزعجهــم شيء خـلال الاجتماع ولا حتى المخابــرات الهاتفية.

لـم يتحـدّث سـليم عـن أي تهديـدات جديـدة في ذلـك اليـوم، بل بدا هادئاً مســترخياً، وطلب منهما أن يتركاه كي يأخذ قسطاً من الراحة. دامت قيلولته حتى السـابعة.
عندمـا اسـتيقظ، تنـاول كوباً من الشاي ودردش مع أحد أقارب محمد الأمين، الذي أطلّ بلا موعد كما يفعل عادة ولم يكن قد التقى بسليم من قبل.

على مبعدة ٤٠٠ متر من منزل صديقه تم اختطافه
حوالي السـاعة الثامنة مسـاء، قـرر سـليم أن الوقـت قـد حـان للعودة إلى بيـروت.
شكر مضيفَه الذي أعطاه علبة وكيساً يحتويــان بقــولاً وما تبقى مـن مطبوخـات.

لـم يشـهد صديقــاه اللـذان شـاركاه هــذا الغــداء الــودّي تلـك اللحظة المصيرية حين اسـتقلّ سـيارته قبل أن يتم اختطافه بعـد أقـلّ مـن دقيقتيـن مـن مغادرتـه، علماً أن المنطقـة مأهولة وتتمركـز فيهـا قـوات اليونيفيـل لحفـظ السلام.

وفــق المعلومات التي حصلت عليهــا الأوريــان لوجـور أنه في الســاعة 830 مساء اعترضت سيارة أحد الجناة سيارته وأرغمته على التوقف حيث لحقت بها أخرى. حوصرت سيارة لقمان، خُطف ووضع في سيارة أخرى.
تولى أحد المهاجميـن قيـادة سـيارة التويوتـا. اتجهـت السـيارات الثلاث نحو طريق صيدا – صور السريع، وقد رصدتها الكاميرات أكثر من مرة.

قاد الخاطفـون سـياراتهم مسـافة ٣٦ كيلومتـراً قبل أن يأخذوا طريقاً جانبياً يؤدي إلى العدوسـية، حيـث ارتكبـت الجريمـة على بعـد كيلومتـر واحـد مـن الطريـق السريع.
في هـذه الأثنــاء، كان القلــق يتصاعـد في منـزل العائلة في حـارة حريك ـ ضاحيـة بيـروت الجنوبية، فلقمان لا يجيب على هاتفه.
أخـذت شـقيقته رشـا الأميـر وزوجتـه مونيـكا بورغمـان تتصـلان بمحمـد وشـبيب الأميــن وذلـك لمحاولــة تحديــد موقعه عبـر هاتفه الخلوي.

وقـد عثـر علـى الهاتف في وقـت لاحـق مـن تلـك الليلة على جانب الطريق حيـث اختُطف في نيحا.
وعلى الرغم مـن إبـلاغ أجهـزة الأمـن عـن اختفـاء لقمان، لـم يعثـر على جثّتـه بالقـرب مـن صيـدا إلا في السـاعة 7:40 مـن صبـاح اليـوم التالي. كان عمـره 58 سـنة.

بعـد تشـريح الجثّـة تبين أنه توفي نتيجة نزيف حادّ نجم عن الطلقـات السـتة التـي اخترقـت رأسـه عـن مسـافة قريبـة – أقـل مـن متـر واحـدـ ومن الخلـف برصاصات مـن عيـار 7.65 ملـم. مـن المرجّح أن يكون لقمان قد أعدم في سـيارته المسـتأجرة وهـذا مـا تؤكّده ثقــوب في المقاعـد وقـد عثــر في الســيارة على خمس مغلّفات رصاص فارغة من أصل سـتّة.

بيّن مسـرح الجريمة أنّ قتلــة سـليم نفـذوا عمليّتها بسهولة ولم يشعروا بحاجة إلى “التعزيـل” خلفهـم

بيّن مسـرح الجريمة أنّ قتلــة سـليم نفـذوا عمليّتها بسهولة ولم يشعروا بحاجة إلى “التعزيـل” خلفهـم إذ تركوا السـيارة بموجوداتهـا المذكّـرة بـذاك الغـداء الـودّي مـع الأصدقـاء: كيـس الخضار وعلبة الأكل الهديّة وكتـاب ودفتـر لتدوين مـا يخطـر بالبـال.

تم اغتياله في معقل حزب الله

صِيـتُ لقمان ومؤسسـاته ـ دار الجديـد وأمـم للتوثيـق والأبحـاث وهيّا بنـا وأفلامـه ـ تجـاوز حـدود بلاد الأرز. لـذا أثـار خبـر اغتيالـه، حيـن ذاع، يـوم ٤ شـباط موجـة اسـتنكار لبنانية وعالمية.

كان ينتقــد الحـزب بصراحــة ولا يخفي علاقاته الودودة بالديبلوماســيين الغربييــن. لذا اتّهمه المتعاطفـون مع حـزب الله بـ”الخيانة”

نـددت الولايـات المتحـدة وفرنسـا وجامعـة الـدول العربيـة بهـذا “العمـل البربـري”، مطالبـة بتقديـم الجنـاة إلى العدالة. هكـذا وبعـد سـتة أشـهر مـن الانفجـار المدمـر الـذي وقع في مرفأ بيروت، عاد شبح الاغتيالات السياسية ليلــف لبنان وعـادت الشــبهات تحـوم حـول حـزب اللـه.
ينحــدر سـليم مــن عائلـة شــيعية عريقـة مـن ضاحية بيـروت الجنوبية، معقـل حـزب الله، حيث اختار أن يسـكن.

كان ينتقــد الحـزب بصراحــة ولا يخفي علاقاته الودودة بالديبلوماســيين الغربييــن. لذا اتّهمه المتعاطفـون مع حـزب الله بـ”الخيانة” وبأنه من “شـيعة الســفارات”.

يوم ١٣ كانـون الأول (ديسـمبر) 2019 وُجـدت ملصقـات تهدده بالقتـل منشـورة علـى مداخل منزله، يومها كتـب بياناًّ نشره على صفحته الفايسبوكية قال فيه إنّ ما قـد يســتهدفه أو يستهدف أسرته مسؤولية زعيم حزب الله حسن نصر الله ورئيـس البرلمان نبيه بري رئيــس حركة أمل وإنه يضع الـدارة في عهـدة قـوى الأمن والجيـش اللبناني.

حيـن ذاع خبـر مقتــل لقمـان، ســارع نجـل نصـر الله، جـواد، إلـى كتابة تغريـدة حول هـذا الموضـوع، أعطـت انطباعـا بأنه مبتهـج لاغتيـال سـليم

وبعـد عام، اغتيـل في منطقـة تابعـة للحزبيـن الشـيعيين، ممـا يؤجج الشـكوك حـول تورط حزب اللـه فـي الجريمة.
حيـن ذاع خبـر مقتــل لقمـان، ســارع نجـل نصـر الله، جـواد، إلـى كتابة تغريـدة حول هـذا الموضـوع، أعطـت انطباعـا بأنه مبتهـج لاغتيـال سـليم. لكنـه بعـد لحظـات سـارع إلـى حذفهـا. من جانبه، دان حزب الله الجريمة داعياً إلى تحديد مرتكبيها.

ثم، ردّاً على الاتهامات الموجهة إلى حزبـه لم ينكر حسـن نصر الله بشـكل قاطع في خطاب متلفـز تورطـه كما فعل بعد انفجار الرابع من آب 2020 مكتفياً بالقول: “أكلّما وقع حادث في منطقة محسـوبة علينـا نتهم بلا براهين؟ هــذا الاتهام خـارج عـن كلّ الأعــراف والشــرائع والقوانيــن. أيطبّق هـذا المنطق في أي بلد آخـر؟”.

أهمية كاميرات المراقبة

بعـد مـرور عـام علـى الاغتيـال لـم يتـم القبض على أي مشـتبه وتضاءلـت الآمـال في أن يصل التحقيق إلى نتائج ملموسة. عُثـر على الجثة في منطقـة الزهراني، وقـد أوكلت التحقيقـات للنيابـة العامة في صيـدا بإشـراف مدعـي عام الجنـوب رهيـف رمضان.

أمـر رمضـان بـأن تجـري الشـرطة المحلية التحقيقات الأولية فقامـت بتعقـب كافَّة الآثـار والقرائـن وحصلـت على جميع الوثائق والأدلـة التي عُثـر عليهـا في مسـرح الجريمة لتحليلهـا وإجـراء التحقيقات الأولية الخاصة بالقضية.

بعد انقضاء أسبوع على الجريمـة طلب القاضي مـن مكتب المعلومات المركزي التابع لقوى الأمن الداخلي، المعـروف بخبراته التقنيـة النظـر في الملف.
بعــد مـرور ثلاثــة أشـهر، عندما رُفع للمدعي العام ملف المعلومـات، خلـص إلى عدم وجـود أدلة كافيـة لتحديد هويـة الجناة أو المتهميـن. ثـم أحيلـت القضية إلـى قاضي التحقيـق الأول في صيـدا لمواصلة التحقيق فيها.
ماذا يسـتطيع عاقـل التوقع من تحقيق تم في منطقة واقعة تحـت سـيطرة حـزب اللـه وحركة أمل؟

بعــد أيام قليلــة من الاغتيــال، أبـرزت “المفكــرة القانونية” تضـارب مصالـح مـن أنيـط بهـم التحقيـق فـي القضيـة، فرهيـف رمضــان معــروف بعلاقاته الوطيــدة برئيــس البرلمــان.
هذا وقد أعربت “المفكرة القانونية” عـن قلقهـا مـن احتمـال إخفاء الأدلة ومن أن يفرّغ التحقيق من جوهره ويضلّل بغية إخفاء الحقائق.

في اتصال مع الأوريان لوجور صرّح القاضي رمضان أنه تمكن من تحقيق اختراق في القضية، بيد أنه رفض التعليق حين سـألناه عـن عـدم القبـض علـى أي شـخص.

اسـتمرار التحقيـق فـي الجنـوب يشـكل “خطـراً على الأمـن العام”، ممـا دفع السـلطات القضائيـة إلـى نقـل الملـف إلى بيـروت

واعتبـر أن اسـتمرار التحقيـق فـي الجنـوب يشـكل “خطـراً على الأمـن العام”، ممـا دفع السـلطات القضائيـة إلـى نقـل الملـف إلى بيـروت في حزيـران (يونيـو) 2021.
وصـل الملـف ّ إلـى مكتـب المحقـق الأول فـي بيـروت، شـربل أبو سمرا الذي وجد نفسه أمام مهمة كفاكاوية: التعويـض عـن نقص الأدلة التي وصلت إليها التحقيقـات التـي أجرتهـا أجهـزة البلاد الرئيسـية.
تم تأجيـل التحقيق لبضعـة أشـهر بسـبب الإضرابـات والعطلات الصيفية على خلفية الأزمة الاقتصادية الحادة، التي شلت مسار القضاء ككل وقضية لقمــان بالتحديــد.

التحقيق سري والقاضي يعد باستئناف التحقيقات. ولكـن، بعـد سـنة مـن الاغتيـال المـروِّع، لـم يعـد مسـرح الجريمة موجوداً، كما أن كثيراً من الأدلة قـد تكـون قـد فُقدت.
“كما في لعبة الورق، إن ضاعــت ورقة أو ورقتان يتعــذُر الاستمرار في البحث”. هذا ما صرّح به مصـدر قضائـي مطلع علـى القضيـة للأوريـان لوجـور.

لكــن قــد لا يضيــع المعنــى إذا تمكـن القاضي مـن الحصول على وثائق مكتب المدعي العام في صيـدا.
إذا تمكن أبو سـمرة مـن الوصـول إلى مـا صورتـه كاميـرات المراقبة المنتشـرة علـى طول مســار ســليم يوم ٣ (فبراير) شـباط 2021، يكـون قـد حقــق نتائـج ملموسة. بحسـب رواية بعض المصادر المطلعة، يبدو التحقيــق في الطريق الذي سلكه القتلة غيـر مكتمل فلا ذكر لحركة السيارات التي تتبعـت الضحية حين خرج من بيته ولا ذكر لها وهو يتناول الغـداء في نيحا.

أيـن كانـت السـيارات؟ هل خـرج منهـا من فيهـا ولو لدقائق؟ هل سجّلت الكاميرات المثبتة أمام المحال التجارية حركتهـم وذلـك لتكملـة مـا تم جمعه من قرائن قـد توصل إلى وجوه القتلة؟
كاميــرات كثيــرة مركّــزة أمـام البيـوت والدكاكين قد تفيد التحقيــق لتحديــد هوية القتلة.
هـذا ويعـول الإدِّعـاء على تعـاون قـوات اليونيفيـل، التي تقـع ثكنتهم التي يتمركز فيها 650 عسكرياً من الوحـدة الفرنسـية في صريفــا، على بعــد أقــل مــن كيلومتريــن مـن موقــع الاختطــاف.

ناشــدت زوجــة ســليم، مونيــكا بورغمــان، الســلطات الفرنســية علّهــا تساعد التحقيــق للحصـول على مــا سـجلته كاميــرات مراقبــة كتيبــة الأمــم المتحــدة.

وجــاء رد ً فرنســا والأمــم المتحــدة متطابقــا: الســلطات المحلية هي من يقرر بالنسـبة للتحقيقـات الجنائية.
وأكـدت اليونيفيـل، فـي اتصـال أجرتـه معهـا الأوريـان لوجـور، أنهـا لـم تتلـق طلبـات مـن السـلطات القضائيـة ولـم تتابـع التحقيـق فـي الاغتيـال، مضيفـة أن نظـم المراقبـة خاصتهـا لا تغطي سـوى محيــط قواعدهــا، ممــا يعني أن كاميراتها غيـر منتشـرة في القرى المحيطة.

“هذه المرّة غلق الملفّ ممنوع”

تكهنات كثيـرة ســرت لمحاولــة فهم الدوافع التي حثّــت المحرّضين على عملية الاغتيــال.
تذكّـر كثيـرون مقابلـة لقمـان سـليم عبر قنـاة الحدث السـعودية، قبل شهر من اغتياله.

لقــد تم اغتيــال لقمــان بعــد أســابيع مــن اغتيــال جوزيــف بجّانـي، المصــوّر الـذي قتــل بالرصــاص وسـُـرق هاتفه


إذ تحدّث عـن تورط الحكومة السـورية وحـزب الله في اسـتيراد نتـرات الأمونيـوم الـذي أدى إلـى انفجـار بيـروت القاتـل عـام 2020.
هل كان يعرف الكثير عن هذه القضية؟
لقــد تم اغتيــال لقمــان بعــد أســابيع مــن اغتيــال جوزيــف بجّانـي، المصــوّر الـذي قتــل بالرصــاص وسـُـرق هاتفه يوم 21 كانون الأول (ديسمبر) 2020.

حُفـظ ملـف مقتـل المصـور جـو بجانـي، 37 عامـاً، ووفقـا لما أوردتـه وسـائل الإعلام، يبدو أن تصويـره للمرفـأ قبيـل انفجـاره هـو السـبب.

فور اغتيال لقمان أدلت الصحافية منى العلمي بتصريح أثار كثيراً من الجـدل بيـد أن مـا تقدمـت بـه لـم يثـر اهتمـام المحققيـن.
وقـد قالـت العلمـي للأوريـان لوجور إنـه لـم يتـم الاتصـال بها في إطـار التحقيق.

وقد بيّنـت وجـود صلـة بيـن اغتيـال سـليم وبيـن مـا يعرفـه مـن معلومـات مهمـة وحساسـة عـن اقتصـاد حـزب الله الموازي. وأضافـت: “كان يحـاول التواصـل مـع الإدارة ألأميركية الجديدة لمسـاعدة أحـد ممولـي الحـزب علـى الانشـقاق”. وحين سألناها عن احتجابها بعد هذا التصريح قالت: “لـم ألتـزم الصمـت خوفًـا، ولكـن كلامـي تعـرض لحملة تشويه” مؤكدة أنها لم تكن الصحافيـة الوحيـدة التـي شـاركها سـليم هـذه المعلومـات، “وهـذا دليـل، علـى شـجاعته فهـو لـم يكـن يســعى فقــط لمحاربة الحـزب الشـيعي بالكلمـات، بـل أيضاً بالأفعــال”.
لا ترغـب عائلـة سـليم التعليـق علـى كلام العلم وتعتبـر أن القبــض علـى القتلــة ومثولهــم أمــام العدالــة هــو مــا تصبــو إليه.

بالطبـع، لـدي ّ فكـرة حـول القتلـة، ولكـن لا يكفـي أن أسـميهم. أحتــاج إلــى إثباتــات دامغــة إلــى محاكمــة حقيقيــة. العدالــة هدفـي”، قالـت مونيـكا بورغمـان للأوريـان لوجور.

“أعـرف لقمـان منـذ 20 سـنة. العمـل الـدؤوب لمكافحـة الإفلات مــن العقــاب كان أســاس نشــاطنا، اليــوم ســوف أتابــع هــذا الطريــق بدونــه، ولكـن من أجله”.

أما رشـا الأميـر شـقيقته فتقـول: “يـوم اسـتجوابي سـئلت: بمـنّ تشــكّين؟ هـل لشــقيقك أعـداء؟ فأخرجـت رســالته التي كتبهــا يوم عُلّقت على أبـواب دارتنـا ملصقـات تهـدده بكاتـم الصـوت. وقلـت اقـرأوا… لسـت بشـجاعته”.

فــي ظــل حالــة الجمــود والعدوانية اللتين مورستا لكف يد القاضـي طـارق بيطـار فـي تحقيـق انفجـار المرفـأ تسـعى عائلـة سـليم إلـى قـرع أبـواب العدالـة الدولية.

وقــد أرســل المجتمــع الدولــي إشــارات قويــة إلــى الســلطات اللبنانيــة للمســاهمة فــي التحقيــق.
مـن جانبهـم، يسـتطيع مقـررو الأمم المتحدة التدخل لفاعلية أكبـر فـي سـير التحقيـق.

أضافــت مونيــكا بورغمــان بتصميــم: “هــذه المــرة ســتختلف الأمـور”. مشـيرةً إلـى أكثـر مـن 200 اغتيـال سياسـي أدمـوا البلاد وسـرعان مـا طويـت ملفّاتهـم بـلا محاكـم ولا عقـاب… العائلات والـرأي العـام يعرفـون أنّ عجـز العدالـة مـدوٍّ كالقـدر.

“من يتوقع تحقيقاً عميقاً أو تحقيقاً ولو صغيراً يفترض أن حــزب اللــه لا يتحكــم بلبنان«. هــذا مــا يؤكّــده رونــي شــطح، الصحفــي ونجــل وزيــر المــال الســابق محمــد شــطح، الــذي اغتيل بسيارة مفخخـة عـام 2013. “كلّ الأصـوات التـي تجـرأت وتحدت المنظومة الأمنية السورية والإيرانيّـة اغتيلت”. يضيف ابن المغـدور.

أمّــا جيــزال خــوري زوجــة ســمير قصيــر، المــؤرخ والصحفـي البارز، الذي عبّر بصراحــة عــن رأيــه بالنظــام الســوري فقُتِــل حين فُخخت سيارته عام 2005 فتقــول: “ولكــن، أيمكــن لمحكمــةٍ محاكمــة نظــام؟ قــد ننجح حين ســتهدأ الأمــور، حيــن ســتبدأ هزيمتهــم”.
قبـل أكثـر مـن خمسـين عامـاً، أدرك رجـلٌ أهميـة إدانـة العقـل السياسي المدبّر لا الشـخص الـذي يضغـط علـى الزنـاد.

هـذا الرجــل هــو النائــب محســن ســليم، والــد لقمــان ســليم، ومحامـي عائلـة الصحفـي كامـل مـروة، أحـد أوائـل الصحافييـن وقــادة الـرأي الذيــن قتلـوا فـي لبنـان عـام 1996.

نجـح محسـن سـليم فـي اسـتصدار حكـم بسـجن قاتـل مؤسـس صحيفــة الحيــاة وصحيفــة الديلــي ســتار. وقــد اشــتبه بــأن المحرّضين الذين أمروا بارتكاب الجريمة مقرّبون من النظام الناصري. هؤلاء، بالطبع، عاشوا حياتهم بلا قلق يُذكر.

السابق
لقمان باقٍ.. والطغاة إلى زوال!
التالي
الى ارتفاع جنوني يُحلّق الدولار.. ويُقارِع الـ٦٥ الفاً