حين يعود «حزب الله» إلى «صدر الإسلام»!

بالعودة قليلاً إلى الماضي القريب، جرى توثيق كلام بالصوت والصورة يعود للأمين الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، حول ما أسماه يومها، “بلاد” جبيل جازماً، بأنّها “تعود في الأصل للمُسلمين وستعود كما كانت، إضافة إلى سرد أخر يؤكد فيه أن “ليس لنا مشروع نظام في لبنان، فنحن علينا ان نُزيح الحالة الإستعمارية الإسرائيلية من لبنان وحينئذ يُمكن أن يُنفّذ مشروعنا، وهو قيام دولة إسلامية وحُكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزء من الأمُة الإسلامية الكُبرى التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه الولي الفقيه، الإمام الخُميني”. هذا الكلام أو الإعتراف، يُترجم اليوم على أنه أحد أبرز ركائز ودعائم مشروع الحزب، والذي لا يُمكن تحقيقه في ظلّ دولة سيادية، لديها نظامها الخاص والمُستقلّ.

لا شيء يشغل “حزب الله” عن معركته الأساس، وهي في تحقيق مشروعه القائم على إضمحلال الدولة ومؤسّساتها، وجعلها غير قادرة على القيام بدورها، على غرار ما هو حاصل اليوم، من تعطيل لانتخاب رئيس جمهورية ومنع تأليف حكومة إلّا بشروط مُسبقة، تضمن إستمرار نهج التعطيل الذي يقوم عليه هذا المشروع.

يبدو أن الخُطّة البديلة الخاصّة بأجندة الحزب، قد بدأ فعلاً العمل عليها

ومن هنا، يبدو أن الخُطّة البديلة الخاصّة بأجندة الحزب، قد بدأ فعلاً العمل عليها بحيث تقوم أوّلاً، على إستعادة ما خسره من تأييد ودعم في الشارع العربي ـ الإسلامي، ليس في لبنان فقط إنّما على امتداد مساحة المنطقة.

اللافت في مشروع “حزب الله” اليوم، هو العودة إلى “الإسلام”، ليس كعقيدة كونه حزب قائم عليها، إنّما كممارسة وذلك بعد سنوات من مُحاولات لبننة نفسه لضرورات واعتبارات، تتعلّق باستمرارية مشروعه الذي كاد وفي محطّات عديدة، أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، لولا وجود بيئة حامية وداعمة.

اللافت في مشروع “حزب الله” اليوم، هو العودة إلى “الإسلام”، ليس كعقيدة كونه حزب قائم عليها، إنّما كممارسة

هذا مع العلم، أن مُحاولاته لبننة “حزب الله” نفسه، قد باءت جميعها بالفشل لأسباب عدة أبرزها، أن مشروعه الرامي إلى السيطرة على لبنان، يفوق قُدرة تحمّله السكوت عن مشاريع ممُاثلة يرى أن أطرافاً لبنانية أُخرى تمتلكها، خصوصاً حليفه النائب جبران باسيل الذي يرفع شعار “إستعادة حقوق المسيحيين”.

بالعودة إلى الخُطّة التي بدأ “حزب الله” العمل على تنفيذها، كشفت مصادر سياسيّة بارزة مواكبة لحركة “حزب الله” لـ”جنوبية: أن “هناك مساع يقوم بها الحزب هدفها إعادة وصل ما انقطع، طيلة السنوات الماضية مع “الجماعة الإسلامية” والتي كان سبقتها مساعيه لطي صفحة الخلافات بين حركة “حماس” والنظام السوري”.

مُحاولاته لبننة “حزب الله” نفسه، قد باءت جميعها بالفشل

ولفتت إلى “وجود معلومات تؤكّد بأن المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق لدى الحزب، يعمل مع حركات إسلامية في لبنان والخارج، على الإعداد لندوات ونقاشات فكريّة مُشتركة، عنوانها توحيد النظرة الإسلامية، حول من هو الصديق والعدو والخصم، لكن مضمونها يندرج ضمن عودة الحزب، إلى المفهوم الإسلامي الواسع، بهدف إستعادة ما خسره بفعل انزلاقاته في سوريا والعراق واليمن ولبنان”.

واوضحت المصادر أن “كلام السيّد نصرالله ما قبل الأخير، والذي استشهد فيه بآداب النبيّ مُحمّد، بما يتعلّق باليد الممدودة تجاه النائب باسيل، بالإضافة إلى إستخدامه جملة “نحن المُسلمون”، بعد غياب طويل عن إستخدام هذا النوع من العبارات، بالإضافة إلى تخوّف المسيحيين وعلى رأسهم البطريرك مار بشارة الراعي من عملية تفريغ للمواقع المسيحية، جميعها إشارات واضحة تدلّ على أن ما يُخطّط له “حزب الله” بالنسبة إلى لبنان، يتعدّى بكثير مسألة تفريغ الدولة من مؤسّساتها، بحيث يصل إلى إعادة التفكير بهيكلية لبنان ونظامه، والدفع باتجاه مؤتمر تأسيسي جديد، يقلب المقاييس السياسية والمؤسساتية رأساً على عقب”.

السابق
إعلان تفاصيل الاحتفالات بتتويج الملك تشارلز الثالث في بريطانيا
التالي
حادثة مؤلمة تهزّ الجنوب.. طفل يسقط في غرفة مصعد ويتوفى!