عام الخيبات و«النكبات» القضائية…

القضاء

هو عام “الخيبات” و”النكبات ” القضائية، خيبة اللبنانيين من قضاء أُُعجز عن حلّ ملفين تصدرا هذا العام، ملف “تفجير المرفأ” وملف”حاكم مصرف لبنان” ، وما بينهما من ملفات تتصل بالفساد، ونكبة القضاة الذين “هجّروا” من قصور العدل، و”شرّدوا” من ديارهم بفعل أزماتهم المتفاقمة ، بحيث يدخل اكثر من نصف قضاة لبنان العام الجديد وهم لا زالوا على اعتكافهم عن العمل،رغم الحديث عن عودة “خجولة” بدءا من النصف الاول من سنة 2023 .

هو عام “الخيبات” و”النكبات ” القضائية خيبة اللبنانيين من قضاء أُُعجز عن حلّ ملفين تصدرا هذا العام ملف “تفجير المرفأ” وملف”حاكم مصرف لبنان” وما بينهما من ملفات تتصل بالفسا


وفيما يكاد القضاء يلفظ انفاسه الاخيرة، فانه مع مطلع هذا العام وحتى النصف الاول منه، يواجه فراغا في مراكز متقدمة فيه، بفعل احالة اكثر من 10 قضاة على التقاعد لبلوغهم السن القانونية، وابرزهم في محاكم التمييز العسكرية والجزائية وفي النيابات العامة وفي قضاء التحقيق، وفي محاكم الجنايات، ما يطرح اشكالية جديدة تزيد من ازمات القضاء، نتيجة شغور هذه المراكز، الامر الذي بات مطلوبا وبإلحاح، إجراء تشكيلات قضائية شاملة، كان آخرها تلك التي صدرت في العام 2017 ، واُطلق عليها “تشكيلات جريصاتي” لما كان لوزير العدل آنذاك سليم جريصاتي اليد الطولى في تعيين “قضاة العهد” بمراكز متقدمة للامساك بمفاصل القضاء، وتعطيل مشروع التشكيلات الذي اعده مجلس القضاء الاعلى في العام 2020 الذي نام في أدراج القصر الجمهوري”نومة اهل الكهف”.
ويدخل ملف تفجير المرفأ الذي تصدر الملفات القضائية هذا العام، نفق التعطيل في العام الجديد، مع استمرار “المعركة” في هذا الملف على كافة “الجبهات” لابعاد المحقق العدلي طارق البيطار عنه، فيما الاخير متمسك حتى الآن بقراره في الاستمرار بتحقيقاته بعد تذليل كافة العقبات التي تعترض هذا الامر ، والتي قد تتفاقم، ما قد يدفع البيطار الى اتخاذ موقف “تاريخي” ، فهل يتنحى في العام الجديد؟


يدخل ملف تفجير المرفأ الذي تصدر الملفات القضائية هذا العام نفق التعطيل في العام الجديد مع استمرار “المعركة” في هذا الملف على كافة “الجبهات”

ومع بداية العام 2023 ، يكون “ملف حاكم مصرف لبنان” رياض سلامة قد دخل شهره السادس، بعدما احاله النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الى النائب العام العام الاستئنافي في بيروت زياد ابو حيدر للادعاء عليه وآخرين بجرائم جنائية، وتنصل الاخير من مسؤولياته حين آثر التنحي ورفْض طلبه ليُعاد اليه، ويصطدم بطلب رده من سلامة نفسه. لكن اعتكاف القضاة فرمل البت بالطلب الاخير ، وهو المطلب الذي ابتغاه الحاكم لوقف إندفاعة ملاحقته القضائية، التي قابلها إندفاعة القاضية غادة عون في ملاحقته بمداهمتها اكثر من مكان “يشتبه” بوجود الحاكم فيه من دون ان تعثر عليه.
وما طرأ على هذه القضية ، هو دخول وفود اوروبية قضائية على الملف، متجاوزة القضاء اللبناني الذي أخفق الى الآن في اتخاذ اي قرار قضائي فيه، لكن تدخل القضاء الاوروبي الذي يملك ملفات ضد سلامة ، يعتبره القضاء اللبناني احد اوجه التعدي على سيادة الدولة وعلى صلاحياته، متخوفا من ان ينسحب هذا الامر على ملفات اخرى ، داعيا الى تشكيل لجنة تحقيق دولية ترعى العلاقة بين القضاءين.

شهد هذا العام “ظاهرة” اقتحام المصارف بالسبل المتاحة من المودعين بالسلاح الحقيقي وغير الحقيقي وبالمواد الملتهبة التي حملها المودعون الى المصارف المستهدفة للمطالبة بودائعهم


وفي الموازاة، شهد هذا العام “ظاهرة” اقتحام المصارف بالسبل المتاحة من المودعين، بالسلاح الحقيقي وغير الحقيقي وبالمواد الملتهبة التي حملها المودعون الى المصارف المستهدفة للمطالبة بودائعهم، ومنهم من نجح بالحصول على جزء من ودائعهم بتلك الوسائل دافعين ضريبة لذلك بتوقيف عدد منهم لايام قبل اطلاق سراحهم، وهؤلاء لا تزال ملفاتهم “نائمة” ولم يصدر اي قرار بحق اي منهم بعد.
وقبل ان تتساقط آخر اوراق العام 2022 ، إنبرى قضاة في مكافحة الفساد من”بوابة النافعة ” والسجل العقاري بتوقيف عشرات الموظفين والسماسرة ومعقبي المعاملات وابرزهم مدير عام هيئة ادارة السير هدى سلوم، فيما النيابة العامة المالية المعنية بهذه الملفات لارتباطها باختلاس وهدر المال العام تغط في سبات عميق من دون ان يكون لها اي بصمة لهذا العام في اي ملف فساد احيل اليها ، حتى باتت تعرف ب”مقبرة الملفات”.
اكثر من ملف يرحّل الى العام الجديد، من دون ان تصل التحقيقات الى خواتيمها، ولعل ابرز هذه الملفات جريمة اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم في شباط العام 2021 ، التي لا تزال التحقيقات فيها في طور سماع شهود، من دون ان تسجل اي تقدم يذكر على صعيد معرفة هوية المرتكبين، وإنْ كانت الجهة التي تقف وراء الجريمة معلومة.
وفيما المحاكم العسكرية”حبلى ” بالملفات التي تجاوز عددها هذا العام الالف و300 ملف ، فان ابرز تلك الملفات لا تزال عالقة من الاعوام السابقة والتي شغلت الرأي العام ، ومنها “احداث قبرشمون” واحداث خلدة” فضلا عن جرائم الارهاب والتعامل مع العدو الاسرائيلي، لتبرز مع نهاية العام جريمة قتل الجندي الايرلندي في العاقبية بعد تعرض دورية من اليونيفل لاطلاق نار. وهذه الحادثة لا تزال قيد التحقيق لدى مديرية المخابرات، والتي شهدت أخيرا “تقديم” حزب الله احد “مؤيديه” على انه مطلق النار، فيما الادلة تثبت بما لا يقبل الشك ان اكثر من اربعة مسلحين تعرضوا للآلية العسكرية بالرصاص .

شهد هذا العام تزايدا في حالات السرقة التي نتج عن عدد منها جرائم قتل ذهب ضحيتها العشرات فيما جرائم القتل المتصلة بملفات قضائية لا تزال مجهولة الفاعلين


ومع تفاقم الازمة الاقتصادية ، شهد هذا العام تزايدا في حالات السرقة التي نتج عن عدد منها جرائم قتل ذهب ضحيتها العشرات ، فيما جرائم القتل المتصلة بملفات قضائية لا تزال مجهولة الفاعلين منذ اكثر من عامين، كجريمة قتل جو بجاني والعقيد الياس سكاف والعقيد منير ابو رجيلي وغيرها..
وشهد هذا العام مسلسل الفرار من السجون، حيث سجّل اكثر من ست عمليات فرار جماعية، معظمها من المخافر والنظارات وسجون في المناطق، اما اسباب تفشي هذه الظاهرة، فتعود الى افتقار السجون لادنى متطلبات العيش ، فضلا عن التأخير في البت بالملفات القضائية واكتظاظ الموقوفين في النظارات والسجون نتيجة اعتكاف القضاة.
إعتكاف القضاة الذي تخطى وقعه السلبي على المحامين ، شمل ايضا “مسجونين” في وطن ينتظرون العدالة ممن تخلوا عن مسؤولياتهم، ويدخل العالم بعد ايام عاما جديدا ، فيما القضاة المعتكفون في”عالم” آخر، وهم إنْ عادوا الى مكاتبهم مع بداية السنة الجديدة، فانهم يعودون والقضاء مترنّح وهيبته مفقودة.

السابق
مطلع الـ2023.. إليكم ما سيحصل في لبنان صحياً !
التالي
ليس لبنان.. بلدٌ عربي قد يتعرّض للإفلاس عام 2023 !