الصين تقطع «طريق الشرق» على إيران!

الصين السعودية
بالتوازي مع اهتزاز النظام الديني الايراني من الداخل، بفعل الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد عقب مقتل الناشطة مهسا أميني قبل ثلاثة شهور، ضربت هزّة خارجية عمق السياسة الاستراتيجية في ايران القائمة على التوجه شرقا نحو العملاق الصيني، وذلك اثر صدور البيان الختامي للقمة الصينية الخليجية التي عقدت قبل اسبوع في العاصمة السعودية الرياض.

فقد استقبلت طهران بكثيرٍ من الذهول البيان الذي انحاز الى المُنافس الإقليمي السعودي، ورصد “مركز الامارات للسياسات” بتقرير خاص، مختلف الآراء الايرانية الاعلامية والرسمية التي اجمعت ان المواقف التي أبدتها الصين خلال الزيارة تجاوزت حدود كُلّ التوقُّعات.

ويقول التقرير ان ثمّة إجماع في التيّارين الإصلاحي والمعتدل في ايران على أن ما اعلنته الصين في القمة من تأييدها لعودة الجزر الخليجية الثلاث المتنازع عليها الى الامارات، ودعوة طهران لعدم التدخل في دول الجوار، يُعدُّ دليلاً واضحاً على انهيار استراتيجية “التوجُّه الشرقي”، التي يجب استبدالها باستراتيجية جديدة واقعية.

الاصلاحيون يهاجمون الصين

ويشير الى انه على المستوى الرسمي، جاءت الردود خجولة؛ ممّا أثار حفيظة الإصلاحيين والمحافظين على حدٍّ سواء؛ إذ اكتفى وزير الخارجية الإيراني بالتأكيد على أنّ: “الجزر (الإماراتية المحتلة) الثلاث جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية، ولا تقبل إيران مناقشة الموضوع بتاتاً”.

البلدان العربية استغلت مصالح اقتصادية واقعية وأرغمت الصين من موقف القوة على الخضوع لمتطلباتها السياسية

غير ان مستشار الرئيس السابق حسن روحاني الاصلاحي قال: “إن ما قامت به الصّين خلال زيارة شي إلى السعودية، أظهر أنّ بكين التحقت بركب مسار الدبلوماسية العالمية ضدّ إيران، خاصة بعد تأكيدها ضرورة التصدّي للبرنامج النووي الإيراني، ومعارضتها لمشاريع إيران للتوسع الإقليمي”. وأوضح أبوطالبي: “أن البلدان العربية استغلت مصالح اقتصادية واقعية، وأرغمت الصين من موقف القوة على الخضوع لمتطلباتها السياسية، والعزوف عن دعم طهران، مُبيّناً أنّ السلوك الصيني أظهر بوضوح، أن الدبلوماسية الإيرانية في رفض الغرب، والسعي للاندماج مع الصين، تعاني من سذاجة مفرطة، وأنه آن الأوان لنكون واقعيين في السياسة الخارجية”.

وتمحورت النقطة المركزية حسب التقرير المستقى من الصحف الإصلاحية حول فكرة العودة إلى الواقعية السياسية، وضرورة التعامل مع الصين من هذا المنطلق، والدعوة إلى تفادي الانصهار التامّ مع بكين. وأجمعت الجهات الإصلاحية والمعتدلة في تحليلاتها على أنّ دعم الصين للموقف العربي في وجه إيران، إنما يعكس واقع التبادل التجاري المتنامي؛ إذْ تُشير الأرقام إلى أنّ التبادل التجاري بين السعودية والصين، يتجاوز خمسة أضعاف التبادل التجاري الإيراني-الصيني، وأنّ التبادل التجاري بين بكين وأيٍّ من العواصم الخليجية، أكبر من تبادلها مع طهران.

المحافظون يدافعون

وخلافاً لهذا الموقف المنسجم الذي عبّر عنه الإصلاحيون والمعتدلون، جاءت ردود أفعال الصحافة المحافظة متباينة. فقد تجاهلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية الزيارة إلى حدٍّ كبير، وكان من اللافت قيام الوكالة بحذف البند الثامن (المثير للجدل إيرانياً) من البيان الختامي للقمة الخليجية-الصينية في خبرها لتغطية الحدث، أمّا صحيفة “إيران” التابعة للحكومة الإيرانية، فقد أكّدت على متانة العلاقات مع الصين، ودافعت عن التزام الصين بالتحالف الاستراتيجي مع إيران.

ثمّة شعورٌ عامّ بالصدمة في طهران من المواقف التي عبّرت عنها الصين بانتقادها أنشطة إيران الإقليمية وانحيازها للعرب في قضية الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث.

وفي موقفٍ لافتٍ، أكّدت كُلّ من صحيفتي “جوان” و”كيهان” خلال عدد اليوم التالي، أنّ الاتفاق الصيني-السعودي يضرب المصالح الأمريكية في المنطقة؛ ليَظْهَرَ بأنّ “الحرس الثوري” يحاول الترويج لفكرة مفادها أنّ الصين تعمل ضدّ المصالح الأمريكية في المنطقة، وأنها تُحقِّق تقدُّماً في نفوذها الإقليمي على حساب الولايات المتحدة.

وأجمعت الجهات الإصلاحية والمعتدلة في تحليلاتها، على أنّ دعم الصين للموقف العربي في وجه إيران، إنما يعكس واقع التبادل التجاري المتنامي؛ إذْ تُشير الأرقام إلى أنّ التبادل التجاري بين السعودية والصين، يتجاوز خمسة أضعاف التبادل التجاري الإيراني-الصيني، وأنّ التبادل التجاري بين بكين وأيٍّ من العواصم الخليجية، أكبر من تبادلها مع طهران.

بالمحصلة وحسب التقرير، تُظهر التغطية التي حظيت بها زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض، ان ثمّة شعورٌ عامّ بالصدمة في طهران من المواقف التي عبّرت عنها الصين في القمة، بانتقادها أنشطة إيران الإقليمية، وانحيازها للعرب في قضية الجزر الإماراتية المحتلة الثلاث.

وأظهرت التغطية الإعلامية والمواقف الإيرانية المختلفة، تنامي المخاوف بشأن عزوف الصين عن المضيّ قدماً، في تطبيق اتفاقية التعاون الاستراتيجي مع إيران، وبالتالي انهيار الجدوى الاقتصادية لسياسة “التوجه نحو الشرق” التي تبنّتها إيران، كبديل عن الانفتاح على الغرب.

وخلصت تحليلات إلى ان ثقة الصين بعدم وجود خيار آخر أمام إيران، هو ما جعلها تتمادى في إرضاء العرب وإثارة سخط طهران بحسب هؤلاء، فهي تعرف بأنّ طهران لا تمتلك خياراً غيرها.

السابق
«حزب الله» من «العم القوي» الى «الصهر المستقوي»!
التالي
خطّة بيل غيتس.. لِتَجَنُّبِ كارثةٍ مُناخية