لا تتعب نفسك في ايقاظ الموتى

مع الصبح إذا تنفس يرحل عنّا، صاحب النظرة الثاقبة، والهامة الصامتة، تاركا ً بصمة عجز عن معرفة صاحبها المتخصصون في رفع البصمات، لأنها غيرُ مراءة، وغير ُ همازة، ولا تعمل لأجل اصطناع المعروف…
رأى البغي في وقت كثر فيه المتلبسون، فحاول وعظهم، وجاهد في نصحهم، فما زادوا إلا بغيا، وهم يعتقدون أن الذين يرحلون ليس لهم في أفئدة الناس أو في قلوب الغيارى أي منقبة تذكر، أو شاهد ٍ يبقى…
همُ اعتقدوا أن الذين يرحلون لا تبقى لهم باقية، لا في الأرض ولا عينٌ حارسة من السماء، لأن الحقد بلغ من الأنفس أعلاها، والمرض قارب على أنهاء صفحة فطرتهم. إذا كان كذلك فمعناها أن الجنس البشري قد تلوث وعدُمَ عن انجاب حراس القيم ِ النجباء المضحين…إذا فلننتظر البلاء .
لا ندري من همْ الذين يقيموننا، من هم الذين يخطفوننا، من هم الذين يضعون شارة ً على اسماءنا.
لا ندري من أين أتوا وإلى أي طريق سالكون، لا ندري إن كان فيهم: أبا ً أو أخا ً أو أختا ً غيارى
لا ندري أين نُعملُ أنظارنا لكي نراهم، لكي نلقاهم، لكي نقول لهم لماذا أنتم مدمرون وحاسدون وحاقدون…لكي نقول لهم كفى وكفى وكفى…
لأجل ِ منْ تصرون على حفر طرقات الخير، ولأجل منْ لا تعبدونها بغرس هامات أصحاب الهمم.
لأجل ِ من ثقافة الإلغاء، ولأجل من إشاعة التهمة، لأجل منْ…
ألأجل التأمر ندمر فرص العطاء، ونقفل أبواب التكافل، ونهدم مضايف الخير…
لأجل ِ أن لا أكون المتلبس بالتأمر بالزور والتهتك والبهتان، أدمر بنيان الفضيلة والعطاء والتضحية.
لأجل كل هذا خسرتم وخسرنا، لأن البنيان بأجمعه سيهدم على رؤوسنا والسبب : كثرة السفهاء فينا وبيننا.
ولكن من يعوضنا…لعلها الموعظة في السطر الأخير، فيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله….:
” إذا ساد القوم فاسقُهُم . وكان زعيم القوم أذلهم, واكرم الرجل الفاسق ….فلينتظر البلاء. التحف، ص؛ 35.
فلننتبه ونحذر أن يكون البلاء قد وقع .

إلى الذين ضحوا بصدق واعطوا بحب، وجاهدوا بصبر، بصمتك في قلوب محبيك الكثر ناطقة بإذن الله تعالى رغم مرارة الفراق وأسى التجربة.
كتبت في وداع صديق عزيز قرر ترك لبنان دون عودة، لأنهم أوصلوه إلى درجة عدم شعوره بالانتماء.

السابق
بالفيديو.. سعد: موازنة 2022 تكرّس نظام الخوّة في لبنان!
التالي
محمد علي شمس الدين «نصف قرن من الشعر»