«تيار التغيير في الجنوب»..ماذا عن الذهنية والأسلوب؟!

مؤتمر التغيير في الجنوب
بين الحين والاخر، وفي فترات متقاربة او بعيدة، يتم إطلاق مجموعة من هنا وتيار من هناك ، وتتكرر تقريباً ذات الاسماء ولكن تحت عناوين مختلفة، فتلتقي لردحٍ من الزمن فتُطلقُ شعارات وتُصدر بيانات، ثم تلفها رياح الشيخوخة، فتعقد مؤتمراً صحفياً هنا وتُنظم ورشة عملٍ هناك، وتُطلق برنامجاً جديداً او بياناً سياسياً تُضمنهُ عناوين عامة، او شعارات مختلفة ، لكن دون ان تُقارب اساس المشكلة، وهي وجود السلاح غير الشرعي الذي يُعطل الاصلاح ويحمي الفاسدين.

عصر امس تم إطلاق تيار التغيير في الجنوب، من خلال مؤتمر صحافي تم فيه تلاوة بيان سياسي، يتضمن عناوين عامة وشعارات، اقل ما يُقال فيها انها شعارات تتردد على مسامع المواطنين منذُ لحظة انتفاضة ١٧ تشرين، لكنها لم ترتق بعد لتُشكل ورقة سياسية ذات رؤية سياسية اقتصادية تحمل حلولاً، بل ترداداً لشعارات وبيانات، سبق أن تم إطلاقها على مدى فترات مُتقاربة او مُتباعدة وباسماء مختلفة.

وهنا لابُد من التطرق الى بعض الملاحظات التالية:

في الشكل:

لايُمكن لاي حراك ان يُطلق باسم الجنوب وهو لا يتضمن مُشاركة من كل مناطق الجنوب.

كيف لتيارٍ تغييري يتم الاعلان عنه باسم الجنوب، ويتم إطلاقه خارج بوابة الجنوب وعاصمته صيدا.

في البيان:

لم يتضمن البيان السياسي، والذي تم تلاوته من قِبل احد مؤسسي تيار التغيير د. علي مراد، اية رؤية سياسية او اقتصادية او اجتماعية، تحمل حلولاً قد تصلح لتبنيها من اكثر من جهة او طرف او مجموعة من مناطق الجنوب المختلفة، لتُشكل فعلاً تياراً تغييرياً على مستوى الجنوب، بتلاوينه المناطقية والسياسية والفكرية .

لم يتضمن البيان السياسي والذي تم تلاوته من قِبل احد مؤسسي تيار التغيير مراد اية رؤية سياسية او اقتصادية او اجتماعية تحمل حلولاً

مؤسسو التيار التغييري هم انفسهم ممن شاركوا سابقاً في تشكيل مجموعات، واطلقوا تسمياتٍ مختلفة، توحدوا حيناً وتفرقوا احياناً اخرى، بدءاً من لحظة طلاقهم مع الحزب الشيوعي في فترة ماقبل العام ٢٠٠٥ فكانت أولى تجمعاتهم في اليسار الديمقراطي، ثم تفرقوا مع بدايات انتفاضة ١٧ تشرين، فالبعض اسس عامية ١٧ اشرين، والبعض الاخر اسس او التحق في مجموعة نبض الجنوب، واليوم اصبحوا تيار التغيير في الجنوب.

إقرأ أيضاً: ثلاثة أيام «حاسمة» حكومياً..و«حزب الله» يراهن على «صفقات الترسيم الجانبية»!

تتغير الاسماء والشعارات لكن الذهنية والممارسة ثابتتان لا تتغيران ، وهذا ما يتناقض مع مبدأ التغيير بحد ذاته، لان اساسيات التغيير هو النقد لما تم تبنيه سابقاً، من حيث النهج والفكر والممارسة وإصلاح ماهو ضروري وتغيير ما قد عفا عنه الزمن، ولكن ان تحمل شعارات التغيير، من دون ادنى مقومات التغيير وتقتصر الامور على الماضي فتُجملهُ ببعض الشعارات، والتي من الضرورة بمكان ان تحمل فعلاً تغييراً او تطويراً .

في الممارسة:

ان تُطلق شعارات التغيير من دون ادنى تطوير او نقد للممارسات التي سبقت او تلت ما تم بناءه ،فهذا مؤسف ولن يًساهم في اي تغيير او تطوير على الاطلاق.

لذا ، المطلوب في الاساس تغيير مايلي:

اسلوب التعاطي مع الاخرين ليُصار بعدها، الى بناء تجمع او تيار فعلاً، يتجه نحو التغيير بجدية ومن دون أية مواربة او فوقية.

اي طرح لأي مجموعة ومن دون مشاركة الاخرين واخذ ملاحظاتهم ومن ثم دعوتهم للانخراط فيه انانية ضيقة او فوقية بالتعاطي مع الشركاء

فمثلاً ان تجتمع مجموعة بذاتها فتطرح وتناقش بياناً او خطةً او رؤيةً ما، من دون مشاركة الاخرين واخذ ملاحظاتهم او مقارباتهم للتغيير المنشود، ومن ثم تدعوهم للانخراط في هذه المجموعة او ذاك التيار، فهذا امرٌ يُظهر عن انانية ضيقة او فوقية بالتعاطي مع الشركاء، لا بل تمنع عليهم مناقشة البيان وطرح بعض التعديلات، فذلك امر لا تجري ممارسته إلا في الاحزاب الشمولية، او المنظمات المليشيوية العسكرية.

واخيرا لابد من من تغيير في النهج والفكر والممارسة، حتى تستطيع إنتاج تغيير جدي، قد يوصل الى ما تصبوا اليه الجماهير من تغيير حقيقي، اي ان التغيير قد اصبح يحتاجُ الى تغيير جذري وجدي.

السابق
مأساة في كفرمان..وفاة طفل سوري بعد سقوطه من الطبقة الخامسة!
التالي
هل يوحّد الترسيم مجموعات ١٧ تشرين رغم مظاهر الانقسام اليوم؟