عبده وازن يستذكر لقمان سليم: هذا ما قاله لحظة نهوضه!

عبده وازن

كتب الشاعر والكاتب والصحافي والناقد عبده وازن على صفحته على الفايسبوك يستذكر الناشط والمفكر لقمان سليم والذي قتل غيلة وغدراً في 4 شباط 2021.

وكتب وازن يقول :

ثلاثة ملثمين أوقفوني على الطريق
أنزلوني من السيارة
في هزيع ليل ينتشر في مآقيهم
سألوني هل انت لقمان سليم
هم يعرفون جيدا من أنا
لكنها سخرية قدرهم

من شفاههم تفوح رائحة معدن
وفي أصواتهم بحة حمراء
ربما من شدة ما غرفوا من نجيع
كبلوا معصميّ وقادوني الى سيارة اخرى
هذا ما اذكره جيدا.
رموني على المقعد الخلفي
ثم انهالوا عليّ ضربا ورفسا
حنجرتي مخنوقة خوفا، ربما
ربما كآبة،
تألمت كثيرا ولمرة أولى اختبر مثل هذا الالم
ألم المخطوفين المعذبين في السجون
في الاقبية المعتمة.

انقض أحدهم على اصابعي بمسدسه
تمزقت أصابعي وفهمت.
تتالت اللكمات على وجهي
حتى كادت عيناي تنفقآن
لما سقطت نظارتي داسها أحدهم بحذائه
فهمت ايضا رغم كل الوجع.

تذكرت الحسين وكيف قطعوا رأسه

تذكرت المسيح على الصليب والرمح يطعن خاصرته
تذكرت الحلاج واشلاءه المقطعة

تذكرت حسين مروة العجوز والرصاصات التي اخترقت احتضاره

تذكرت سمير قصير وكيف هوى رأسه فوق مقود السيارة

تذكرت لوركا الذي أعدم برصاص الديكتاتور

أذهلتني صور هؤلاء كيف تتوالى في عيني الجريحتين.

راح احدهم يقرأ لي جملا كتبتها على الفيسبوك

باسم “صديقتي الشريرة”

كان يضحك كلما قرأ واحدة

لا أذكر اي جمل قرأ

كنت منهكا، خائرا كحمل لحظة الذبح

روحي كئيبة حتى الموت

من جبيني يسقط عرق بارد.

أدخلوني الى السيارة

ثم شرع كل منهم يطلق رصاصة

الاولى اخترقت كتفي فنبتت وردة

الثانية اخترقت صدري فطار عصفور

الثالثة اخترقت وجهي فسال ماء

الرابعة اخترقت رأسي فهبت فكرة.

رموني على الارض

الدم ينزف من جروح لا أحسها

العشب تحت فمي كان آخر ما بلل شفتيّ اليابستين

لكنني لم أمت
لعلني مت ولكن بلا موت

مت بالحياة التي تملأ جوارحي.

لعلني الان امام جهازي أكتب جملا

بعدما خانتني “صديقتي الشريرة”

لعلني بين كتبي انحني عليها بتؤدة

لعلني الان أزور السيدة سلمى والدتي في نومها

لعلني امسح وجه شقيقتي رشا بماء الورد

لعلني أحلق فوق دارتنا وحديقتها تحت المطر

انطر الى القبر الذي سيدفنون فيه جسدي

فقط جسدي.

إقرأ أيضاً: نايفة نصار فنانة تمحو «سواد» المدينة بطيب عطرها وأنفاس جدِّها!

السابق
نايفة نصار فنانة تمحو «سواد» المدينة بطيب عطرها وأنفاس جدِّها!
التالي
«ميّاس» اللبناني يقترب من قطف «الحلم» الأميركي