قراءة مفصلة لسامي الجواد حول الانتخابات في ندوة «شؤون جنوبية».. هذه العوامل عززت فرص خرق المعارضة!

سامي جواد

عقد منتدى صور الثقافي ومجلة “شؤون جنوبية” ندوة حوارية امس (الجمعة) حول نتائج الانتخابات النيابية ٢٠٢٢ بعنوان: “قراءة في نتائج الانتخابات النيابية في جنوب لبنان”؛ وخلال الندوة القى الناشط السياسي سامي الجواد مداخلة اشار فيها الى ان “العوامل التي ساهمت في تحقيق الخرق في الجنوب الثالثة كانت وحدة المعارضة؛ وهو العامل الأبرز الذي عزز حظوظ النجاح الذي يشكل منعطفا أساسيا في الحياة السياسية الجنوبية منذ اتفاق الطائف”. 

اقرأ أيضاً: «قراءة في نتائج انتخابات الجنوب».. ندوة لـ«شؤون جنوبية» و«منتدى صور الثقافي»: إنجاز كبير يحصنه وحدة المعارضة

ولفت إلى أن “فوز كل من النائبين الياس جرادة وفراس حمدان، هو نصر مبين وكسر العرف الذي تكرس في نفوس الجنوبيين.

ورأى ان “الثورة تخرق السلطة، عنوان يكتنف إشكالية ومسلمة في آن، فأنا ومنذ قيام تحرك ١٧ تشرين كنت قد اسميته انتفاضة وليس ثورة. لأنها، أي الإنتفاضة، وإن كانت رافضة للمنظومة بأسرها، إلا أنها كانت انتفاضة مطلبيه تبنت مطالب شعبية وشعبوية، وتوجهت الى السلطة ضاغطة لتنفيذها، مثل تشكيل حكومة تكنوقراط وإلغاء الطائفية السياسية وإقرار قانون انتخاب جديد وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وما شابهها من مطالب. في حين أن الثورة تهدف قبل كل شيء الى استلام الحكم تم تنفيذ وتحقيق مطالبها”. 

الثورة تخرق السلطة عنوان يكتنف إشكالية ومسلمة في آن

واشار الجواد الى انه “هذه كانت الإشكالية، اما المسلمة فهي الخرق. فإنه نعم، لقد استطعنا بجهودنا، بنكران ذواتنا، باتحادنا وصدقنا في العمل الجماعي ولو نسبيا عدا بعض محاولات الابتزاز والتسلق، استطعنا خرق هذه السلطة المجرمة بمقعدين يمثلان جزءا من طموحنا في التغيير والتصحيح، لأن التغيير وإن لم يكن تصحيحا، فإنما يبقى تغييرا شكليا فولكلوريا لا جدوى منه ولا ثمر”. 

استطعنا خرق هذه السلطة المجرمة بمقعدين يمثلان جزءا من طموحنا في التغيير والتصحيح

وقال “بما انا المنظمون قد حددوا النتائج كعنوان للندوة، فإن الحديث يجب أن لا يتمحور حول الأسباب. إلا إنني ولكي أسهل على تفسير ترابط الحديث والفكرة أراني مضطرا للمرور سريعا على تحديد بعض النقاط والأحداث التي سبقت عملية الإقتراع في ١٥ أيار الفائت ودون الولوج في تفاصيلها”:  

  1. حتى الساعه صفر من تاريخ يوم الانتخابات كأن تأجيلها واردا في أذهان الجميع وعلى قائمة احتمالاتهم.
  2. استنفذ شهر رمضان المبارك ثلاثين يوما ونيف من فترة التحضير للعملية الإنتخابية.  
  3. بينما كانت قوى التغيير تجهد لتأسيس ماكينة انتخابيه شبه تطوعيه، كانت لوائح السلطة قد اتمت تشكيل ماكينتها على نحو مضخم وموسع من حيث اتساع الكادر البشري المأجور والمتطوع بالأجر إلى التجهيزات اللوجستيه ذات الكلفة العالية وكيف لا تفعل، وكل مقدرات الدولة تحت تصرفها في المزرعة اللبنانية ودون ان ننسى الروافد الإقليمية السخية. 
  4. رغم تشابه الظروف نسبيا، ومع تطابق القوى السياسية في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة، فقد نجحت تلك القوى في الدائرة الثالثة بإختبارالوحدة كشرط أساسي للنجاح، بينما فشلت هذه القوى في تحقيق ذلك في دائرة التانيه لظروف ذاتيه وموضوعيه نعرفها جميعا، فأصبحت المعركة فيها، معركة موقف تجاه السلطة، وتنافسا بينيا على اثبات الوجود بين قوى التغيير والاعتراض وذلك بصرف النظر من موقفي الشخصي من هذه وتلك تسمية وتكوينا. 
  5. حظيت احدى لوائح الدائرة الثانية بدعم وتبين من قبل منصة نحو الوطن وربما من غيرها بينما لم يحظ غيرها في كلتا الدائرتين وذلك لأسباب لم أتمكن من معرفتها.
  6. كان لوجود المنصات الانتخابية قبل وخلال عملية الاقتراع دوره الإيجابي في دعم بعض اللوائح لوجستيا وفنيا وماليا واعلاميا، الا ان اختلاف هذه المنصات فيما بينها في التقييم وفي النظرة الشاملة كما في الأسلوب، انعكس سلبا على حركة التغيير، فجاء تعدد اللوائح وتعدد مكاييل التوصيف بين تغييري ومعارض وبين تغييري وآخر، وانعكس بالتالي على النتائج العامة للانتخابات.
  7.  
خلال الندوة الحواري التي عقدها منتدى صور الثقافي ومجلة “شؤون جنوبية” حول نتائج الانتخابات النيابية ٢٠٢٢

في تقسيم الأصوات 

انقسمت الأصوات في الجنوب بين خمس فئات: 

أ- صوت الولاء المطلق للسلطة السياسية بتفرعاتها كافة، ولمنظومة المصالح المتصلة بها. 

ب- الصوت التغييري و الذي لا يمكن بسهولة فصله عن صوت الاعتراض، لوجود التباس مفهومي حول الإثنين كخيار او كوسيلة .

ج- الصوت العقابي، هو صوت الذين كانوا سابقا من جمهور السلطة ثم اتخذوا موقفا معارضا جراء حالة الإنهيار العتيدة  

د- الصوت الخاضع لإرهاب الدين و المصلحة ووهم الكثرة، وهو الذي صوّت تصويتا مشبوها، فقدم ولاءه للسلطة بدخوله قلم الإقتراع، وارضى ضميره بورقة بيضاء او لائحة ملغاة .

ه- الصوت الممتنع الذي حرم لوائح التغيير من تأثيره. وهو بدوره اما صوت اليائسين من التغيير واما صوت المتواطئ مع السلطة سرا او علنيا. 

في الدائرة الثالثة كانت وحدة اللائحة هي العامل الأبرز بل الأجمل الذي عزز من حظوظ النجاح

العوامل التي ساهمت في تحقيق الخرق :

  1. في الدائرة الثالثة كانت وحدة اللائحة هي العامل الأبرز بل الأجمل الذي عزز من حظوظ النجاح (مع احترامنا للائحة الثالثة التي لم تكن داخل المنافسة لا سياسيا ولا انتخابيا).
  2. الإنهيار الإقتصادي و المالي و الاجتماعي الشامل، الذي افقد السلطة اي قدرة على الإقتناع فالاستقطاب.
  3. التوليفة الجنوبية المميزة والحقيقية التي تضمنتها لائحة معا نحو التغيير، في محاكاة كل الأطراف والشخصيات المتماهية والمتلاقية مع مشروع التغيير و الرافضة للواقع القائم.
  4. التراكم النوعي – لو نسبيا- للوعي الإنتخابي خاصة و للوعي السياسي عامة، فانتخابات ٢.١٨ كانت بمثابة مرحلة انتقاليه او تجريبية بين نظامين انتخابيين مختلفين (الأكثري والنسبي).
  5. الخطاب الانتخابي الهادئ و الهادف و الموزون، الذي استطاع ان يحاكي آمال و آلام الجنوبيين، كل الجنوبيين، دون الوقوع في فخ العناوين الكبيرة (على أهميتها).
  6. 6-    نوعية المرشحين و سجلاتهم الحافلة بالإنجازات العلمية و الأكاديمية و العملية، و انتماؤها الحقيقي الى مفاهيم إنتفاضة ١٧ تشرين، المحرك الأول للتغيير .

في السياسة

ولفت الجواد الى انه “إذا كان الإنتخاب – كحق- هو وسيلة لتحقيق حق آخر أسمى وأهم وهو حكم الشعب لنفسه و بنفسه، فإن هذا الحق، حق الإنتخاب إياه ، إنما يرتكز من حيث المؤدى المرتجى منه ، إلى وعي المواطن إزاء ممارسته لهذا الحق، والى توفر ظروف شخصية وعامة ، من شأنها ان تجعل من ممارسة هذا الحق ممارسة سليمة لا تشوبها شوائب الترغيب والترهيب بأشكالها كافة. هذه الظروف هي ما تجمعه و تختصره كلمة حرية، وهي في هذا الموضع وسيلة وغاية في آن”. 

هذا التراكم هو تراكم عشوائي تساهم الأحداث المتتالية في خربطة موازينه إذا صح التعبير

وتابع “في الجنوب، وبلحاظ مسألة الوعي كشرط من شروط صحة الاختيار، والانتخاب اختيار ، فإن هذا الوعي يراكم تقدما نوعيا ولو بشكل نسبي. لكن هذا التراكم هو تراكم عشوائي تساهم الأحداث المتتالية في خربطة موازينه إذا صح التعبير. والسبب في ذلك، إنما يعود الى غياب محركات التوعية السياسية و الوطنية، أعني بذلك الأحزاب الوطنية غير المسلحة راهنا أو سابقا، وغير المذهبية وتلك المرتبطة بإجندات خارجية، معلنة او مضمرة. وعليه، فإن هذا الوعي، بقي في رأيي وعيا نخبويا ولم يتسع ليكون وعيا جماعيا يمكن الركون إليه في عملية التغيير وآلياته. فالوعي  الجماعي  لم يخرج بعد ولم يسلم من تأثير الفتوى الدينية و الحقن المذهبي ولا من شرنقة المصالح الشخصية التي ارستها سياسات الزبائنية السياسية المتبعة من قبل السلطة، والتي تحولت بدورها من وسيلة استقطاب إلى أسلوب حياة لدى الجماهير . 

اما الحرية، بحسب الجواد فهي “الشرط والغاية الأسمى، فحدث ولا حرج فلا حرية لجاهل، ولا حرية لجائع ولا حرية لمحروم يجد قوت يومه مرهونا بالوقوف على أبواب الزعامات المستحدثة، التى طالما استمدت وجودها من دماء شعبها ومن ماله الحلال، لا بل من العبث بكرامته الشخصية و الوطنية ورهنها في أسواق المطامع الشخصية والارتباطات الخارجية كشرط لتحقيق تلك المطامع”.

لا حرية لجائع ولا حرية لمحروم يجد قوت يومه مرهونا بالوقوف على أبواب الزعامات المستحدثة

   كذلك شدد على انه ” بناء على ما سبق، فإن نتيجة الانتخابات في الجنوب ، تحديدا في الدائرة الثالثة، على تواضعها، فهي تشكل منعطفا أساسيا في الحياة السياسية الجنوبية اللبنانية منذ اتفاق الطائف . فالفوز بنائبين من لائحة معا نحو التغيير، التي قابلت لائحة مدججة بكل انواع القوة و تمثل السلطة بمكوناتها كافة ،كما تمثل احدى ضفتي النزاع السلطوي في لبنان وامتداداتهما الإقليمية، هو لا شك نصر مبين، هو كسر لعرف بات مكرسا حتى الأمس في نفوس الجنوبيين، بأن لا صوت يعلو فوق أصوات المحادل والبوسطات وما شاكلها من وسائل القمع  الجماعي والاستئثار القاتل”. 

نتيجة الانتخابات في الجنوب تحديدا في الدائرة الثالثة على تواضعها فهي تشكل منعطفا أساسيا في الحياة السياسية الجنوبية اللبنانية منذ اتفاق الطائف

من الناحية النفسية الإجتماعية psycho – social، لفت الى انه “تم هدم كل اسوار الفئوية. فكان فوز فراس حمدان فوزا لأبناء حاصبيا و النبطية ، تماما كما كان فوز الياس جرادة فوزا لأبناء مرجعيون و العرقوب و بنت جبيل وكل الجنوب. ومن الناحية نفسها، لم يبق في السياق نفسه اي مجال ووجود  ومبرر للخضوع والاستسلام ، بأن النتيجة معروفة سلفا . لقد “فاجأهم اهل الجنوب بوحدتهم التي لا تشبههم”. لقد سقط خطاب الكراهية ، خطاب تخويف الأخ لأخيه ومن أخيه، لقد سقط خطاب الاستقواء بالسلاح، ولم يسقط السلاح، لأن الجنوب، كل الجنوب، يقدس السلاح الموجه الى العدو ، منذ أن كان الجنوب ومنذ أن كان العدو . لكن الجنوبي يرفض أن يتحول هذا السلاح الى مصدر خوف أو تخويف ازاء اي مكون من مكونات الاجتماع اللبناني”. 

سقط خطاب الكراهية خطاب تخويف الأخ لأخيه ومن أخيه، لقد سقط خطاب الاستقواء بالسلاح ولم يسقط السلاح

من الناحية السياسية ، رأى الجواد ان “انتفاضة ١٧ تشرين والتي شكلت لوائح الجنوب على اختلافها، قدمت تجسيدا لقيمها و شعاراتها ، قدمت نموذجا يحتذىى، في أن من يستحق أن يتولى السلطة والسياسة، فأما  أن يكون كمرشحي معا للتغيير وإما لا يكون ، فلا مجال للفاسدين بعد ولا مكان للقتلة واللصوص ولا مجال للمنافقين وصيادي الفرص.

كسرت هذه الإنتخابات وهذا الخرق بالتحديدK كل المحظورات

واضاف ” فقد كسرت هذه الإنتخابات وهذا الخرق بالتحديد ، كل المحظورات. فلا قدسية لأحد ولا حصانة لأحد ولا حقا مكتسبا لأحد ، خارج إطار المصلحة الوطنية العليا الناصعة و الواضحة وتحت مجهز المحاسبة”. 

وتابع “بما أن الشيء بالشيء يذكر، فقد انكسر ايضا احتكار التمثيل ، فحتى لو لم يتمكن الجنوبيون من الفوز بنائب شيعي، فرسالتهم قد وصلت الى حيث يجب أن تصل، بما يزيد على 14 ألف صوت شيعي خارج معادلة الاستئثار والمحميات المذهبية، ربما أكون قد أطلت البحث فيما جرى ويجري وعليّ الإنتقال مباشرة إلى ما يجب أن يجري، بل ما يجب أن نفعله نحن، واشدد على كلمة “نحن” فلا مكان للأنا بيننا ولا مكان للفئة ولا للحزب ولا للطائفة”.

وشدّد الجواد على “اننا مدعوون ، بناء على الأمانة وضعت بين أيدينا اليوم، أمانة التغيير والتصحيح، للبدء ومنذ اليوم باستكمال التواصل والتحاور والتشارك فيما بيننا ، كنا شطين و منتفضين ، وثوار وكتاب وأصحاب رأي، وأحزاب تغييرية، كنواب وكمرشحين كان حظهم أن يكون لهم شرف انجاح زملائهم وإنجاحنا جمعيا، و ذلك للتأسيس للمرحلة المقبلة وما ينتظرنا فيها من تحديات على مختلف المستويات والصعد. مدعوون للعمل على تلافي كل اخطاء الامس ،والى الاستفادة من كل النجاحات والإخفاقات كي نستطيع ان نقدم لشعبنا وأهلنا نموذجا جديدا في التواصل والمتابعة المسؤولة ، نموذجا يكون حافزا مؤثرا في الوعي الجماعي لأبناء الجنوب، بأن نجاحنا مرهون بوحدتنا، وان وحدتنا مشروطة بصوابية الخيار ونقاء الهدف”. 

وختم بالقول “بما ان هذه الندوة لا تحمل أي طابع تنظيمي أو تقريري، فأني آمل مشاركتهم في الدعوة و التحضير الى اجتماع موسع لكافة أطياف وأطراف المعارضة الجنوبية لمواكبة عمل نوابنا الجدد ومؤازرتهم من جهة والتحضير للمستقبل من جهة أخرى”.

السابق
حفل التخرج الثاني والثلاثون لعام 2021-2022 لطلاب جامعة سيدة اللويزة
التالي
بعد إتهامه بمحاولة لفلفلة الإختلاس في مستوصف برالياس..النائب الحشيمي يوضح!