حرب المخدرات: «حزب الله» وعون في «سلّة» واحدة!

سيكون التفتيش عن نبأ ما حدث من مواجهات بين الجيش اللبناني والمطلوبين من تجار المخدرات في منطقة الشراونة ببعلبك، في وسائل اعلام “حزب الله” ، مضيعة للوقت. بينما نجد على سبيل المثال، ان موقع “العهد الاخباري” الالكتروني التابع للحزب مهتم بقضية إطلاق النار في الولايات المتحدة الأميركية. ولم يقتصر تجاهل الحزب لهذه المواجهات، التي إستشهد فيها العريف زين العابدين شمص فحسب، بل ذهب بعيدا في التعامل مع الجيش، وكأنه قوة احتلال، وليس احد اركان ثلاثية “حزب الله” الشهيرة. وهذا السلوك ظهر ولو مواربة، خلال لقاء الشيخ محمد يزبك ، مسؤول منطقة البقاع في الحزب، مع فعاليات من عشيرة زعيتر على رأسهم عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ شوقي زعيتر.

اقرأ أيضاً: الجيش اللبناني يهزّ..«جمهورية الشَرّ»!

ليست هي المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، الذي يتعامل فيها “حزب الله” مع الجيش على القطعة ، كما تقتضي مصالحه. لكن الحزب ليس وحده في هذا السلوك، فقد جاراه في احداث منطقة الشراونة، رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي وللتذكير هو قائد سابق للجيش. فالاخير، ووفق خبراء أمنيين تحدثت اليهم “النهار”، لم يتأخر يوما عن دعوة الجلس الأعلى للدفاع للانعقاد في ظروف عادية جدا، مثل البحث في إجراءات امنية عشية الأعياد، لكنه بدا أخيرا غائبا عن السمع كليا.
بالعودة الى هؤلاء الخبراء، فهم يرون ان تطور الموقف الى مواجهات دامية، يعود الى ان المطلوب الرئيسي الذي ذهبت قوة لإعتقاله ، والملقّب ب”أبو سلة،” له صلة بقضايا مخدرات في منطقة الفنار احد الضواحي الشرقية لبيروت. ولم يزل هذا المطلوب طليقا، وسط تكهنات ان النائب غازي زعيتر ، عضو الكتلة النيابية للرئيس نبيه بري ، قد يكون وراء فراره بعد دخول هذا النائب المثير للتساؤلات الى منطقة المواجهات أثناء احتدامها.

يستعيد هؤلاء الخبراء كيف تعامل الرئيس فؤاد شهاب خلال عهده في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي وبنجاح، مع ما سميّ قضية “الطفّار” ، أي الخارجين عن القانون، في منطقة بعلبك-الهرمل. وأشاروا الى ان خبرة ذلك العهد الناجحة التي لا تزال مطلوبة اليوم ، تستدعي مراجعتها بعد مرور نحو 6 عقود. وفي هذه المراجعة، يتبيّن ان هناك مسألة المساواة العشوائية اليوم بين المطلوبين، أي هناك مثلا مساواة بين مطلوب بمخالفة سير وبين مطلوب بجرائم قتل، ما يتطلب فرزا للقضايا وإصدار عفو عن كل القضايا ذات طابع الجنح. لذلك، يوضح الخبراء، انه عندما يبادر الجيش وسائر القوى الأمنية لتعقب مطلوب، كحال الأخير في منطقة الشراونة، يفرّ من أمام القوى الأمنية كل المطلوبين ، أيا تكن القضايا التي هم ملاحقين بها، ما يخلق إضطرابات لا مبرر لها. ويصل الخبراء الى جوهر المسألة التي هي “دولة الرعاية” التي غائبة في لبنان. ففي ظل الدولة الحالية، يجري دفع المواطنين الى مواجهة القانون، سواء عن حق أو غير حق، في حين ان هناك أحوالا مزرية في الحرمان في منطقة عكار مماثلة لبعلبك-الهرمل، فلا تقدم الدولة على ما يعالج هذا الحرمان، ما يجعل المواطنين هناك مشاريع ضحايا قوارب الموت كما ظهر أخيرا.

عندما يجري الحديث عن الدولة ، لا يعني ذلك الكلام على كائن خرافي. بل يتناول تحديدا مؤسسات ومسؤولين. وعلى رأس هؤلاء المسؤولين حاليا، ولو نظريا ، الرئيس عون. وعلى المستوى الفعلي ، هناك مسؤول فعلي هو “حزب الله” الذي يقبض على ناصية الدولة بكل ما في الكلمة من معنى.
بالنسبة للرئيس عون، الذي غابت دعوته الى المجلس الأعلى للدفاع للانعقاد عن السمع، تصرّف بما تمليه علاقته الوثيقة ب”حزب الله” في مواجهات منطقة الشراونة ، كما تصرف كذلك حيال الضجة المثارة حول بدء عمل السفينة ENERGEAN
POWER في المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية، وهذا التطور لم يستدع كذلك من الرئيس عون ان يدعو المجلس الأعلى للدفاع؟

أما “حزب الله”، فقد دلّ سلوكه منذ ان ترسخ وجوده في لبنان منذ ثمانينات القرن الماضي ، انه غير معنيّ بحل معضلة الحرمان في كل مكان وتحديدا في بعلبك الهرمل، حيث خرجت لائحته النيابية مع حركة “أمل بانتصار كامل في الانتخابات الاخيرة. وفي تقدير الخبراء الذي جرى الاعتماد عليهم لكتابة هذا الموضوع ، ان ما يهم الحزب فعليا ، هو الا يعود المواطنين الى حياتهم الطبيعية التي تعني سيادة القانون ووحدانية سلطة الدولة وإنتهاء دويلة الحزب.
في نهاية المطاف، بدا الجيش في منطقة الشراونة يقاتل نفسه، أما المطلوب الحقيقي فهي “السلة” التي يقبع فيها عهد مع حزب لا علاقة له ابدا بسيادة القانون.

السابق
طقس ربيعي يسيطر على لبنان.. والحرارة دون معدلاتها الموسمية
التالي
بري يُعلن عن موعد زيارة هوكشتين!