قاطيشا لـ«جنوبية»: لبنان خسر حقل كاريش نهائيا!

وهبي قاطيشا
يعود ملف ترسيم الحدود البحرية إلى الواجهة مجددا، من باب بدء إسرائيل التنقيب عن الغاز في حقل كاريش المتنازع عليه مع لبنان. طبول المواقف اللبنانية المنددة والمهددة تُقرع في كل الاتجاهات، في محاولة لتحصيل الحقوق.

ما أن تمّ الاعلان عن عبور سفينة “أنرجين باور” التي ستقوم بإستخراج الغاز من حقل كاريش قناة السويس قبل يومين، حتى تأهب لبنان الرسمي ومعه “حزب الله” “كلامياً” لمواجهة هذا التطور في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وتأثيره على حصة لبنان من الثروة النفطية والغازية. فتوالت المواقف المناشدة للأمم المتحدة والولايات المتحدة الاميركية الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي) لوقف عمليات التنقيب والاستخراج والعودة إلى طاولة المفاوضات، والمُهددة (إقتراح النائب محمد رعد بإستقدام شركة للتنقيب تحت حماية حزب الله)، مع تسجيل مفارقة أن كل التحضيرات لوصول السفينة وإستخراج النفط، كانت تتم في العلن وتحت أعين ومسامع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بهذا الملف خلال الاشهر والسنوات الماضية، بالاضافة إلى انه من غير المنطقي أن تصل السفينة إلى الحدود المتنازع عليها من دون حصولها على ضمانات(أميركية) بأن الخط 29 بات خارج سياق التفاوض مع الجانب اللبناني.                                                                                                          

ما يجعل هذه الفرضية أقرب إلى الحقيقة هو بيان شركة أنرجين اليوم (صاحبة سفينة أنرجين باور التي ستقوم بإستخراج الغاز من حقل كاريش)، أشارت فيه إلى “انها ستسلم الشحنة الاولى من الغاز المستخرج من هذا الحقل في الربع الثالث من هذه السنة أي نهاية شهر تشرين الاول المقبل”، بالاضافة إلى  تصريح لوزيرة الطاقة الاسرائيلية إعتبرت فيه “أن الكلام الذي يجري في لبنان حول هذا الموضوع والنزاع القائم في المنطقة هو بعيد عن الواقع”. 

اما الضفة اللبنانية فقد صدر بيان (متفق عليه بين الرئيسين عون وميقاتي) ذهب إلى القول أنه قد يكون هناك إعتداء على الحقوق اللبنانية في حال تم الاستخراج من حقل كاريش، وعلى هذا الاساس تمت دعوة هوكستين للعودة إلى لبنان وإستئناف المفاوضات بينه بين وإسرائيل، من أجل إيجاد حل يتعلق بهذا الموضوع  وإعتبار كل عمل تقوم به العدو في منطقة متنازع عليها، هو عمل إستفزازي وعدواني ويُهدد الامن والاستقرار في المنطقة، لكن اللافت في البيان لم يأت على ذكر المرسوم 6433/11 ( الخط 29 ) الذي له علاقة بالحدود البحرية وضرورة تعديله.

وعلى خلفية هذا البيان بدأ نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب تحركا، وأجرى إتصالا بهوكستين من أجل التباحث معه بإمكانية زيارته لبنان ومتابعة هذا الموضوع لإيجاد حلول تتعلق بهذا التوتر المستجد، كما عقد النواب التغييريون مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب اليوم “دعوا فيه المواطنين للتوجه يوم السبت المقبل إلى الناقورة من أجل الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتعديل المرسوم المتعلق بالخط 29 على إعتبار أنه ضرورة وطنية  تمهد لخطوات أخرى”.

إذا الساحة اللبنانية تغلي على نار هذا الملف من دون التيقن ما إذا كان هذا الغليان سيؤدي إلى نضوج الحلول أم إحراقها، فكيف يمكن قراءة هذه التطورات وهل ستساهم في تعويض ما فات لبنان نتيجة سوء إدارة هذا الملف من قبل المسؤولين فيه؟

يجيب النائب السابق والخبير العسكري العميد وهبة قاطيشا “جنوبية” على هذا السؤال بالقول:”هذه المشهدية تدل على أن الدولة اللبنانية سقطت للأسف، لأن ملف ترسيم الحدود تم طرحه منذ 10 سنوات لكن الدولة لم تأخذ على عاتقها مهمة حله سواء مع الامم المتحدة أو عبر وسيط دولي، بل إتبعت سياسة المماطلة كما أن الاطراف الداخليين كانوا مختلفين على تحديد الخطوط التي ترسيم حدودنا”، معتبرا أن “هذا ما دفع العدو الاسرائيلي إلى التجرؤ على حقوقنا لأنه رأى أننا دولة سائبة، وأن هناك طرفا يُهدد من دون جدوى وهذا ما يقوم به حزب الله وبرز على لسان النائب رعد مؤخرا”.

ما دفع العدو الاسرائيلي إلى التجرؤ على حقوقنا لأنه رأى أننا دولة سائبة

يرى قاطيشا أن “كل ما يحصل هو غش للبنانيين لتعبئتهم، لتمرير شيئا ما من تحت الطاولة وربما بالاتفاق مع العدو الاسرائيلي، وللأسف تحولنا إلى دولة فاشلة لا قيمة لمواقفنا في المحافل الدولية حتى و لو صدرت عن رئيس الجمهورية”، مشيرا إلى أنه “لو كنا دولة حقيقية لكنا إستطعنا إيقاف العدو الاسرائيلي عند حده، حتى ولو كانت إمكاناتنا محدودة، إلا أن الموقف الموحد و الواضع والمرتكز على القوانين والثبات هو من يعيد إلينا حقوقنا”.

كل ما يحصل هو غش للبنانيين لتعبئتهم لتمرير شيئا ما من تحت الطاولة

ويؤكد أن “الموقف الرسمي من عون و ميقاتي جاء متأخرا، و السؤال لماذا يضعون المرسوم المتعلق بتعديل الخط 29 في الأدراج ولا يتم التصديق عليه وإرساله إلى الامم المتحدة؟  والجميع يعلم أن العدو الاسرائيلي يقوم بكل الترتيبات اللوجستية والتقنية لإستخراج الغاز وتحت أعين العالم بأجمعه وليس في السر؟

الاختلاف الحاصل بين الموقف الرسمي وبين موقف الوفد التقني المفاوض خدم إسرائيل

يضيف:”للأسف الاختلاف الحاصل بين الموقف الرسمي وبين موقف الوفد التقني المفاوض خدم إسرائيل، والسبب هو تسابق بعض القوى على أن تظهر نفسها وكأنها الطرف المنقذ للبنان الذي إستخرج الغاز والنفط في عهده، وإسرائيل تخاف من الدول وحقوقها ولكنها لا تخاف من الصواريخ التي يتحدث عنها النائب رعد”، معبرا عن إعتقاده أنه”فات الاوان لتحصيل لبنان كامل حقوقه، ولا شك أن أي تسوية إنقاذية ستحصل ستكون على حساب لبنان الذي يمكن أن يحصل على جائزة ترضية، أما ردة فعل حزب الله عسكريا فلن تكون كبيرة وقد تقتصر على إرسال مسيّرات إلى منطقة التنقيب ، ناهيك أن الظرف الدولي لا يسمح بالتصعيد العسكري”.

زيارة هوكشتين لن تقدم الكثير في الملف بل قد تحمل جائزة ترضية على الاكثر

ويشدد على أن “لبنان خسر حقل كاريش نهائيا لأننا اهملنا حقنا لأسباب سياسة ولأنانية بعض الاطراف، ناهيك عن أن لبنان متأخر جدا في تأمين البنية التحتية التي تتيح له إستعمال ثروته من الحقل حتى ولو حصل على جزء منها، على غرار ما فعلت إسرائيل لجهة تمديد الانابيب التي تنقل الغاز المستخرج”. ويختم:”زيارة هوكشتين لن تقدم الكثير في الملف بل قد تحمل جائزة ترضية على الاكثر”.

السابق
قاسم يُحرج «عون».. ويُعلن عن استعداد «حزب الله» الردّ على اسرائيل
التالي
بإنتظار توقيع مرسوم التشكيلات.. البيطار يواجه دعوى جديدة من بدري ضاهر في ملف المرفأ