حارث سليمان في وداع السيّد محمد حسن الأمين.. كان إماماً للشعر والحداثة والتَّقوى

حارث سليمان

في حديث اذاعي للمحلل والكاتب السياسي الدكتور حارث سليمان مع الاعلامي يقظان التقي عبر اذاعة “الشرق”، قال سليمان إنه “بغياب العلاّمة السيّد محمد حسن الأمين، خسرنا هامةً وطنيّة كبرى ومرجعاً دينيّاً كبيراً . مشيرا الى ان السيد الأمين ينتمي إلى تلك القامات الدينيّة التي خَبِرت الإجتهاد الدّيني والفِقه ، والشَّريعة على أصولها . 

ولفت الى انه “نَجَفِيُّ القلب والهوى ، ونَجَفيّ التعليم . وهو ينتمي إلى رعيلٍ من رجال الدين  الرّوّاد في لبنان ، أمثال : ألسيّد هاني فحص ، والسيّد علي الأمين والشيخ محمد مهدي شمس الدين ، والسيّد موسى الصدر . هؤلاء وغيرهم من رجال الدين الشيعة ، أسّسوا عِلمَهم ودورهم حالديني في حوزات النَّجف ، وأمضوا سنواتٍ دراستهم طويلاً ، بمعنى أنّهم خضعوا للتدرّج الفِقهيّ والتّشرِيعِيِّ ، ولِفَهم عِلم الكلام وتفسير القرءان ، أي بأنّهم خضعوا لمنهج التعليم الديني الكامل في النّجف الأشرف ؛ على عكس بعض رجال الدين اليوم الذين لديهم شهرة بسبب السياسة أو بسبب انخراطهم بالأحزاب ، وهم أقلّ عِلماً وأقلّ فَهماً للدين ، وأقلُّ تبصُّراً في الفقه والشريعة . وبالتالي ، نحن نفتقد إلى قامةٍ بلغت مرحلة الإجتهاد الديني ، بلغت مرحلة فَهم الإسلام بطريقة حديثة ، بلغت مرحلة الانفتاح على مفاهيم العصر وإعادة قراءة الدين . يعني إعادة قراءة الإسلام والتّشيّع في القرن الواحد والعشرين ، وجعلِه موصولاً بعصر النّهضة وبالتنوير وبالحداثة ، وبإعادة تأصيل المفاهيم”. 

نفتقد إلى قامةٍ بلغت مرحلة الإجتهاد الديني ، بلغت مرحلة فَهم الإسلام بطريقة حديثة

وتابع “السيّد محمد حسن الأمين كان يدعو ، ليس فقط إلى الدولة المدنية ؛ وإنّما إلى الدولة العَلمانيّة . وكان يقول إنّ الدولة العلمانية تحمي الدين . هذا من ناحية دوره كمرجعٍ دينيّ كبير وكفقيهٍ شيعيّ متمكّنٍ ، وأيضاً من حيث موقفه السياسي الذي انحاز إلى القضيّة الفلسطينية مبكراً ، وهو الذي كان في مرحلة الاحتلال ، قاضي الشرع في مدينة صيدا”، مشريا الى انه “شكّل غطاءً ، مع مجموعة من الشخصيات في صيدا ، أثناء الاحتلال الإسرائيلي، وشكل نوعاً من الغطاء السياسي والإجتماعي للمقاومة اللبنانيّة الوطنيّة التي كانت تقوم بعمليّاتها في الجنوب اللبناني”. وأضاف “أثناء ما قبل الاجتياح سنة ال82 ، كان السيّد محمد حسن الأمين منفتحاً على القضية الفلسطينية ، وله علاقات بالقيادات الفلسطينية جميعاً . وقد انحاز مبكراً إلى دعم قضية الشعب الفلسطيني ، وإلى التعامل بإيجابيّة مع الفصائل والثورة الفلسطينية . وهو كان أيضاً منفتحاً على أحزاب اليسار ؛ بل كان أيضاً منفتحاً على كل الأحزاب ، كونه شاعراً . كان على علاقة ممتازة بنوادي الفكر والشعر والأمسيات الشعرية والأدبية . وفي تاريخه ندواتٌ وأمسياتٌ شعرية مع سعيد عقل وغيره من الشعراء ، ولديه صداقات مع الشاعر حمزة عبود ، وغيره “.

كان أيضاً منفتحاً على كل الأحزاب ، كونه شاعراً 

وتابع سليمان “لا أريد أن أعدّ أسماء فيغضب منّي مَن أنساهم ؛ ولكن ، هذا الرَّجُل كان عقدةً تتلاقى فيها الخِبرة الدينية مع الآنفتاح على العصر ، مع الأدب ، واللغة العربية الفصيحة التي يَسكُبُها من ذهب ، مع الشعر . أنّه شاعر كبير ، مع نوعٍ من البُعد الفلسفيّ الإنسانيّ ، الذي يستطيع أن يمزج ويقولب لغته التي يسكبها من ذهب مع موقفه السياسي الصَّلب والوطنيّ ، مع سِعة اطِّلاعه وتبصُّره في أمور التّشيّع ، وفي التاريخ الإسلاميّ ، وفي فَهمِه العميق للدين وللفِقه والشريعة . وكان إماماً للشعر وللحداثة وللتقوى وللبلاغة وللتّمدّن” . 

وفي سؤال حول وجود احترام كبير من إيران لشخص السيّد محمد حسن الأمين . وأنّه كان ثَمَّة صورةُ العلاَّمة الذي ممكن أن يكُون ، في محلٍّ ما ، صورة جامعة ، أيضاً ، في الوسط النهضويّ للطائفة الشِّيعية، قال سليمان انه “الانطباع ليس نِسبيَّاً . فمَعروفٌ أنَّ التَّعازي  (بوفاة السيّد الأمين ) قام بها الإيرانيُّون ، وقامت بها كل الأطراف ، بما في ذلك ، حزب الله والسيّد هاشم صفيّ الدين والرئيس نبيه برّي”

وتابع “فهم لا يستطيعون تجاهُل قامةٍ مثل قامات محمد حسن الأمين ، لا يستطيعون ، حتّى لو كانوا يريدون تَجَاهُله لا يستطيعون ، وبالتالي، قاموا بما يتوجَّب عليهم . هو في حياته ، حاولوا أن يحاصروه ، يعني ،أن يجعلوا موقعه هامشيَّاً . حاولوا يقاطعوه . حاولوا أن يوجِّهوا إليه كثيراً من الانتقادات، لكنّهم كانوا يعرفون في قرارة أنفسهم أنّ هذا الرَّجُل ثروةٌ كبيرةٌ ، وكانوا يخاصمونه رغم أنّه ثروةٌ فكريَّة وفقهيَّة وأدبيّة كبيرة . أنا أدعو، في حفلة وداعه ، لأن يعودوا عن خطئهم ، أعتقد” .

السابق
«لا معنى للتخوين».. جنبلاط بعد فوزه بالانتخابات: صمدنا ونجحنا!
التالي
اليكم أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الأربعاء في 18 أيار 2022