يشوعي لـ«جنوبية»: على الاكثرية النيابية في المجلس الجديد إعادة درس خيارات لبنان الاقتصادية

ايلي يشوعي خبير اقتصادي
يبشر الخبراء الاقتصاديون اللبنانيين أن الاسبوع المقبل، سيشهد شحا في مادتي البنزين والمازوت بسبب إستخدام القوى السياسية 2 مليون صفيحة بنزين كرشوة لدفع الناخبين لإنتخابهم. وهذا يمكن أن يفسر السبب الذي دفع القوى السياسية لعدم التحرك لمواجهة كارتيل النفط، في عز أزمة المحروقات التي كان يكتوي الشعب اللبناني بذلها على المحطات. إنها المصالح المتبادلة التي تدفع إلى الاعتقاد، أنه بعد سكرة الانتخابات سيستفيق اللبنانيون على فكرة الازمات الاقتصادية المستمرة، وأن تناتش الحصص على حساب الفقراء مستمر في المرحلة المقبلة و لأسباب عدة.

ليس تفصيلا أن يُصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عشية الانتخابات النيابية، تعميما يُخبر فيه اللبنانيين بأن الودائع الموجودة لدى المصرف بالدولار يحق للمصارف ردّها للبنانيين بالليرة اللبنانية، تحت عنوان “توازي الصيغ والاصول” وإستنادا لأحكام المادتين 754 و761 من قانون الموجبات والعقود. ما يعني أنه بعد طي صفحة الانتخابات اللبنانية الاسبوع المقبل، فإن الوضع الاقتصادي والمالي سيعود إلى الواجهة من باب المزيد من التأزم والشرذمة، خصوصا في ظل بقاء رموز الطبقة السياسية، ممسكة بمفاصل الدولة ومؤسساتها، وإن تغيرت بعض الوجوه النيابية في هذه الدائرة أو تلك.

من المرجح أن لا تحمل الانتخابات النيابية تغييرا سياسيا جذريا، وان لا تؤدي إلى إنفراج كبير على الصعيد الاقتصادي طبقا لمبدأ “دق المي وهي مي”، بمعنى أن زعماء الطوائف سيتعاركون على الحصص، في تشكيل الحكومة المقبلة وعلى تقسيم المغانم، قبل خوض الاستحقاق الرئاسي المقبل. لكن مقابل هذه الترجيحات لا يحبذ الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي رسم المشهد الإقتصادي المقبل بناءا على إفتراضات، بل يفضل الانتظار لإتضاح الصورة التي سيكون عليها المجلس الجديد، ويشرح ل”جنوبية” أن “كل التطورات الإقتصادية التي ستحصل يتوقف على من سيفوز في الإنتخابات يوم الاحد، وإذا بقيت هذه الوجوه الاساسية في الطبقة السياسية في الحكم، فلن تتغير ممارساتهم وأسلوبهم في إدارة شؤون البلاد والعباد، مشددا على أنهم “يعيشون في مكان آخر، بمعنى أن شد الحبال والنزاعات وتغليب المصالح الخاصة والزبائنية في التوظيفات ستستمر، وهذا يعني أنه لن يتم تشكيل حكومة بسهولة أو إنتخاب رئيس للجمهورية بسلاسة”.

على السياسيين أن يتحلوا بالواقعية وأن لا يعتقدوا أن الحصانة من المحاسبة يمكن أن تدوم طويلا

يضيف:”هذا البلد تحول بوجود هذه الطبقة إلى بلد عاجز وقاصر، وهذا سيظهر قريبا في تشكيل الحكومة ثم في الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن هناك ضرورة لوجود قوة خارجية تفرض الحل، أو بوجود طبقة شرفاء غير مرتهنين، عندها يمكن بناء تحالفات في مصلحة لبنان وليس للمصالح الشخصية والمحاصصة”، معتبرا أنه “طالما نحن في هذه العقلية فالوضع الإقتصادي من سيء إلى أسوأ، ولبنان لديه أزمة دولار بسبب من نهب الدولارات، ولن يمكن أن ينهض إلا بإرساء العدالة التي تعطي كل صاحب حقه حقوق”.

في المقابل يرى يشوعي أنه “على أي الاكثرية النيابية في المجلس المقبل، أن تعيد درس خيارات الاقتصادية للبنان، والتي هي الآن تحت المظلة الغربية أي الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية”، معتبرا أن “لبنان إختبر الغرب منذ إستقلاله، لكنه لم يجن من هذا الخيار سوى الحرب الاهلية، وعملية نهب منظمة لشعبه وإفقاره و تذويب دور لبنان ونموذجه في المنطقة”، ويشدد على أنه “أيا كان الفريق السياسي الذي سينال الاكثرية، وأي حكومة ستتشكل، يجب عليها القيام بمراجعة تاريخية للبنان وتحديد الاطر التي سنبني عليها سياستنا الخارجية وتحالفاتنا لضمان مسنقبل أفضل للأجيال المقبلة”.

ينصح يشوعي “أي أكثرية نيابية أن تصحح هذه السياسية، وتبدأ تحالفا جديدا مع روسيا و الصين، ولكن هذا الامر يتطلب منهم التحلي بالقليل من الاخلاق، أي أن يكون لديهم واقعية سياسية، وأن لا يستمروا في العيش  في عالم آخر، ويعتقدوا أن الحصانة من المحاسبة يمكن أن تدوم طويلا، لأن ستظهر عدالة ما ولو أن شكلها غير واضح الان، ولا يمكن الاستمرار على هذا الوضع”.

تقرير الامم المتحدة الاخير يثير الخوف لأنه يحمل المسؤولية الكاملة للإنهيار للطبقة السياسية

وبعتبر أن “تقرير الامم المتحدة الاخير يثير الخوف، لأنه يحمل السؤولية الكاملة للإنهيار للطبقة السياسية في لبنان، ويشير إلى أن الشعب اللبناني مهدد بالزوال، وأنا اشاطر اللبنانيين الخوف من إستمرار الطبقة السياسية في الحكم، لأنه عندها قد لن يتمكن الكثير من الشعب اللبناني من تلبية حاجاتهم الاساسية”.

يضيف:”شخصيا لو كان لي القرار، ما كنت إستمريت في وضع لبنان في مأزق الغرب والعلاقة معه، بل أتوجه إلى دول مثل روسيا لأنه سيمكنني من التحرر بشكل كبير من الصهيونية، خصوصا أن الرئيس فلاديمير بوتين قد أقفل كل المحافل الصهيونية في روسيا في العام 2017، وكانت الصين قد سبقته على ذلك، وهذا يعني أن الحلف الروسي- الصيني (صحيح انه يتعاطى مع الصهاينة) إلا أنهما ليسا مرتهنين لسياساتهم”.

 ويرى أنه “حان الوقت كي يغير لبنان تحالفاته السياسية الاساسية، وهي ضرورية في هذا الوقت وفي ظل الحرب الروسية- الاوكرانية، لأن الاوروبيين وقعوا في فخ نصته لهم الصهيونية العالمية والولايات المتحدة الأميركية “، مبديا “خوفه الكبير على سقوط أوروبا والذي كان ينوي تفكيك الاتحاد الروسي، لكن الواقع أنه هو من سيقع في دوامة التفكك، لأسباب عديدة أهمها أسباب إقتصادية تربط روسيا بدول أوروبا”.

السابق
استقرار بدولار «صيرفة» على عكس الدولار «الأسود».. كم سجل؟
التالي
«علماء المسلمين» في الأشرفية يدعون إلى الاقتراع بكثافة.. ويحذّرون من تقسيم بيروت