«حزب الله» يحول بعلبك الهرمل الى «مستعمرة إنتخابية».. «المؤيد» مولود و«المعارض» مفقود!

انتخابات 2022 حزب الله اقتراع

مع بدء العد العكسي للإنتخابات النيابية في الخامس عشر من أيار، رفع “حزب الله” من منسوب أجواء الرعب، في المناطق التي تتعالى فيها أصوات معارضة شيعية، مبتكرا أساليب وأدوات تتناسب مع المرحلة، في ظل وضع معيشي ضاغط وغياب “حرب عسكرية ودماء” يستثمر بها في تحشيد الشيعة.

الدخول الى بعلبك الهرمل كالداخل الى مستعمرة عسكرية، أجواء الحرب خيّمت على المكان، الرايات الصفراء تحتل كل الأعمدة والأماكن العامة، لا أثر لحركة أمل واللوائح الأخرى، الا ما “رحم حزب الله”، سيارات عسكرية مراقبة تابعة للحزب منتشرة على مداخل القرى ومفترقاتها، اضافة الى سيارات رباعية الدفع من دون لوحات يستقلها مسلحون تجوب الأحياء، في محيط المجمعات والجوامع والمراكز تجمعات باللباس العسكري الحزبي.

إنها المرحلة الثانية من “حرب تموز السياسية” التي بشّر بها “حزب الله” في إفتتاح ماكيناته الانتخابية

يستحضر “حزب الله” كل الدعاية الحربية المشمولة بشهدائه وجرحاه، ويستعين بيد قاسم سليماني تحمل ورقة إقتراع “باقون نحمي ونبني”.

إنها المرحلة الثانية من “حرب تموز السياسية” التي بشّر بها “حزب الله” في إفتتاح ماكيناته الانتخابية. انه شكل جديد من أشكال الترهيب، بعد سلسلة الضغوط والإعتداءات التي مارسها وطالت عددا من المرشّحين الشيعة المعارضين، إنها طبول الحرب على الناخبين بعد المرشحين.

المرحلة الأولى أو المعركة، بدأت بخطابات صاروخية عنوانها أن الانتخابات كحرب تموز سياسية، لضرب كل اشكال الحياة المدنية والديموقراطية،١ وتغييب الدولة وإسقاط أي مشهد للقانون والنظام، باعتبار بعلبك الهرمل منطقة عسكرية “للمقاومة” يمنع الاقتراب منها، وتبدأ الحرب الميدانية بغارات على المرشحين الشيعة المعارضين، استسلم بعضهم، وتعرض من صمد لحصار وترهيب بالرصاص الحي، كما حصل في قرية الخضر وتعلبايا، أو الاعتداء الجسدي كما حصل مع المرشح الدكتور حسين رعد في احدى حسينيات بعلبك، أثناء تقديمه واجب العزاء بأحد أقربائه، وتعرض للضرب المبرح من “ذو الفقار” أحد مجاهدي “حزب الله”.

إضافة الى هذا، يستخدم الحزب حرب “المقاطعة” ليس للبضائع الاميركية او الاسرائيلية، إنما لمواطنين يملكون محالا تجارية أو مطاعم أو غيرها قرروا عدم التصويت للائحة “الثنائي”.

ما يجري في بعلبك الهرمل غريب عن أهلها وشنيع

أساليب “حزب الله” لم يعتد عليها أبناء العشائر والعائلات في منطقة، لطالما حكمتها عادات وتقاليد يفتخر بها الجميع، الى أن دخلها “حزب الله” بثقافة غريبة، اذ يتخوّف مراقبون من عمليات إلغاء وتنكيل يقوم بها “حزب الله” بحق شريحة كبيرة من المجتمع العشائري والعائلي في بعلبك الهرمل، الذي يقول بأغلبيته، “لا” للجهل والسلاح المتفلت والفوضى ونعم “للانماء والعلم والدولة.
يقول أحد وجهاء العشائر ل”جنوبية” أن “جاره يملك محل خضار وهو معروف بكرمه واسعاره التي تتناسب مع الاوضاع المعيشية، و”ما خصو بالسياسة”، الا أن “حزب الله” قرر وضعه على اللائحة التي يحرّم الشراء منه، واصبح محله فارغا من الزبائن بين ليلة وضحاها بعد ان كان يعجّ بالناس، والسبب أن أحد أبنائه قرر أن يكون ثائرا والى جانب “التغييريين”.
واضاف” ما يجري في بعلبك الهرمل غريب عن أهلها وشنيع، “طول عمرنا أهل والجار لجاره وما بعمرنا تصرفنا بهالنفس العدائي مع بعضنا، الا وقت اجا حزب الله وادخل ثقافة غريبة وبشعة وفرّق البي عن ابنه والخي عن خيو” وفكك الروابط الاسرية والعشائرية، وما بقا نمون عحدا.”

لم يوفّر الحزب أي فرصة لاستقطاب أكبر عدد من الناخبين، وهو يتصرف مع المعارضة كأعداء وليس كخصوم

لم يوفّر الحزب أي فرصة لاستقطاب أكبر عدد من الناخبين، وهو يتصرف مع المعارضة كأعداء وليس كخصوم، وترافق الترهيب مع ترغيب للفئة الصامتة، التي لا تتجرأ، في أغلب الأحيان، على رفع صوتها أمام “المشهد المرعب”، كما يصفه أحد الاساتذة الجامعيين الذي كشف ل”جنوبية”، عن “عمليات ابتزاز يتعرض لها الأستاذ والموظّف والطبيب والمحامي وكل أصحاب المهن الحرة، حيث يعدون من يرضخ لهم بتحسين وضعه الوظيفي، أما من يرفض الاستجابة للضغوط فهو معرض لخسارة وظيفته”. ويتابع “نحن ممسوكون “بوظيفتنا” ومهنتنا، ولا نستطيع التعبير عن رأينا والتصويت بحرية، فاذا انتخبنا ضدهم واكتشف أمرنا، سنتعرض لمضايقات في عملنا وقد نخسر وظائفنا”.

كما يستغل “حزب الله” حالات الفقر والجوع ويمسك هؤلاء في أمعائهم. ولهذه الغاية يكلف “القطاع” بهذه المهمة، عبر عملية مسح شاملة لكل ناخبي البيئة عبر اتصالات وزيارات الى المنازل”.
“علي” مواطن من اللبوة وأحد سكان الضاحية شارك في عدة إحتجاجات، يقول ل”جنوبية”، أنه “تلقى اتصالا من شخص عرّف عن نفسه “الحاج جعفر” من حزب الله، واستشف من حديثه أنه يملك معلومات وافرة عن وضعه الاجتماعي و”تردده” السياسي وسأله عن وسيلة انتقاله الى قريته يوم الاقتراع وبرفقة من”. ويتابع علي:” كان الحاج كثير الود الى أن سمع ما لم يعجبه، وهو أنني لن أنتخب لائحة حزب الله، فأنهى حديثه وتقديماته، وأقفل الخط” .

من وسائل الرشى الانتخابية التي يمارسها حزب الله حجز “الهويات” للناخبين المترددين حتى يوم الانتخابات

ومن وسائل الرشى الانتخابية التي يمارسها حزب الله حجز “الهويات” للناخبين المترددين حتى يوم الانتخابات، ويصل سعر “الهوية” الى مليون ليرة اضافة الى “بونين” بنزين وبعض الخدمات، كما حصل مع أحد المواطنين الذي أعطاهم هويته مقابل ٥٠٠ الف ليرة، وبعد الاقتراع يحصل على ٥٠٠ الف، شرط أن يصوّر لهم اللائحة التي تظهر أنه اختار “لائحة الامل والوفاء” قبل الاقتراع بها.

كما يجول “الحجاج” على ” بعض المنازل في القرى خاصة ممن هم غير محزبين، ويوزعوا عليهم الحصص الغذائية ويسألونهم عن أحوالهم ويستشفون أهواءهم الانتخابية، قبل أن تنال كل عائلة ظرفا يحتوي على مبلغ يتراوح بين ٥٠٠ الف ليرة و مليون ليرة، حسب عدد الناخبين في كل منزل.

السابق
كم بلغت نسبة اقتراع المغتربين حتى الساعة؟
التالي
بالفيديو: «البلطجة البرتقالية» تصل لندن.. وتعتدي على الناشط «توفيلوك»!