حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ايران «ترتخي» في العراق و«تهادن» في اليمن و«تشتد» في لبنان!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

ان يقول وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين من العاصمة الايرانية، ان بلاده لن تسمح باستخدام اراضيها كمنطلق للاعداء على دول الجوار، فهو موقف يشكل الى حد كبير، اعترافا من رأس الدبلوماسية العراقية بالاتهامات الايرانية، بوجود قواعد اسرائيلية في اقليم كردستان العراق مسؤولة عن عمليات عسكرية وامنية تستهدف العمق الايراني، ما يسمح لطهران باعتبار الضربة الصاروخية، التي قامت بها ضد موقع قالت انه احد المراكز لانشطة جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الموساد، عملا مسوغا بناء على هذا الموقف. 

وان كان موقف الوزير العراقي، جاء في معرض الرد على موقف الرئيس الايراني، فهو يكشف حجم القلق الايراني من التطورات التي تشهدها الساحة العراقية، وما نتج عنها من تراخي قبضة طهران وفقدان السيطرة، وتفلت الامور وصعوبة فرض ارادتها على القوى والاحزاب السياسية، المؤثرة في العملية السياسية، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد ازمة حقيقية، وانسدادا واضحا لا يوحي بوجود مخرج قريب، يساعد على ترتيب حلول لازمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، واختيار شخصية تتولى رئاسة الحكومة المقبلة. 

زيارة الوزير العراقي، تأخذ بعدا اكبر من كونها محطة جديدة، في اطار التنسيق العراقي الايراني حول العلاقات الثنائية، خاصة وان الوفد العراقي لم يقتصر على الطابع الدبلوماسي، بل اخذ طابعا اوسع، على علاقة بملفات سياسية واقليمية، لجهة مشاركة مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي، والفريق اول احمد ابو رغيف وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية. لان هذه الزيارة، جاءت بالتزامن مع زيارة وفد ايراني برئاسة الجنرال في حرس الثورة، السفير الايراني الاسبق في العراق حسن دانائي، فر وعدد من جنرالات من هذه المؤسسة الى لزعيم اقليم كردستان الرئيس مسعود بارزاني،  بمحورية العلاقة بين ايران والاقليم، على ضوء التطورات الامنية والضربة الصاروخية، بالاضافة لبحث مستقبل العملية السياسية في بغداد، والتأثير والدور الذي من الممكن ان يقوم به بارزاني، في التأثير على زعيم الشيعي مقتدى الصدر، من داخل التحالف الثلاثي “انقاذ وطن”، لتعديل مواقفه التصعيدية على حساب وحدة “البيت الشيعي”، ومساعيه لاستبعاد قوى الاطار التنسيقي عن العملية السياسية، وما ينتج عن ذلك من عرقلة للعملية السياسية. 

وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، كان واضحا امام نظيره العراقي والوفد المرافق، بان بلاده لن تتهاون في التعامل الجاد والحاسم، مع اي تهديد لامنها القومي في اي مكان كان، في اشارة الى العملية العسكرية الصاروخية، التي قامت بها القوة الصاروخية لحرس الثورة ضد هدف “اسرائيلي” في اربيل.

وفي ظل الاجواء التي تتحدث عن دخول المفاوضات النووية “غرفة الانعاش” وما يعنيه ذلك، من غياب افق التوصل الى اتفاق في المدى المنظور، فان التأجيل يبدو انه لن يكون مقتصرا على جهود احياء الاتفاق النووي، بل يشمل ايضا جميع الملفات والجهود الدبلوماسية والسياسية، التي تعنى بالازمات الاقليمية، خاصة فيما يتعلق بالحوار الايراني السعودي ونتائج الحوار اليمني، الذي استضافته الرياض، برعاية من الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي. 

فعلى الرغم من المواقف الايجابية التي سمعها الوزير العراقي من نظيره الايراني، حول الدور الايجابي والمتقدم الذيج قامت به بغداد، باستضافتها الجولات الاربع الماضية بين طهران والرياض، وتأكيد رغبتها في استمرار الحوار وعقد الجولة الخامسة في اقرب وقت ممكن، وعدم الجهود العراقية لتقريب وجهات النظر وتسهيل الحوار، بما يساعد على خفض التوتر، والتوصل الى حلول ايجابية للعديد من الازمات، خاصة في الموضوع اليمني.

المواقف التصعيدية التي صدرت من النظام او الدولة العميقة للنظام، سواء في الداخل الايراني او في الاقليم، تحمل على الاعتقاد بعدم رغبة طهران في تفعيل هذا المسار في المرحلة الحالية

الا ان المواقف التصعيدية التي صدرت عن جهات اخرى، من النظام او الدولة العميقة للنظام، سواء في الداخل الايراني او في الاقليم، تحمل على الاعتقاد بعدم رغبة طهران في تفعيل هذا المسار في المرحلة الحالية، بانتظار ما ستسفر عنه التطورات على الساحة الدولية وموازين القوى التي ستفرزها الحرب الروسية في اوكرانيا وتأثيرها على المعادلات والتحالفات السياسية، وان التأجيل الذي قد تدخل به المفاوضات النووية، ينسحب على الملفات والحوارات والمفاوضات، التي تدور حول ملفات وازمات اخرى من بينها الحوار مع السعودية والازمة اليمنية. 

المرشد الاعلى للنظام، بالتزامن مع بدء الهدنة اليمنية وتوقف الاعمال القتالية، الذي اعلن عنه من الرياض وصنعاء، عاد الى لغة التحدي مع السعودية عندما اعتبر ان الرياض لن تستطيع تحقيق النصر في اليمن، مشددا على عدم امكانية استثناء الحوثيين من عملية السلام، والحوار السياسي حول مستقبل هذا البلد، في اتهام للجانب السعودي في اخراج  هذه الجماعة من معادلات اليمن المستقبلية.

رفع قائد قوة القدس، الذراع الاقليمية للنظام والجهة المعنية بالساحة اليمنية، سقف التهديد مع الرياض من خلال العودة الى استخدام “اللغة الصاروخية”

وفي السياق نفسه، رفع قائد قوة القدس، الذراع الاقليمية للنظام والجهة المعنية بالساحة اليمنية، سقف التهديد مع الرياض من خلال العودة الى استخدام “اللغة الصاروخية”، متحدثا عن امتلاك الحوثيين لصواريخ بعيدة المدى قادرة على استهداف العمق الاستراتييجي للسعودية، ما يعني ان هذه الجماعة وبالتنسيق مع قوة القدس بمقدورهما خلط الاوراق، في حال تم استبعاد هذه الجماعة عن الحل والحوار السياسي، او محاولة فرض معادلة اقليمية جديدة على حساب الدور الايراني وحلفائه. 

الحلقة الابرز في التصعيد  الايراني، جاءت من بيروت وعلى لسان نصرالله بالعودة الى تأكيد التزامه بدعم الحوثيين في حربهم ضد السعودية

الحلقة الابرز في التصعيد  الايراني، جاءت من بيروت وعلى لسان الامين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله، الذي استغل عودة الانفتاح السعودي على لبنان والذي ترجم بعود السفير وليد البخاري الى مقر عمله، بعد قرار قطع العلاقة بين بيروت والرياض، بالعودة الى تأكيد التزامه بدعم الحوثيين في حربهم ضد السعودية، ومؤكدا بان اي ضغوط سعودية على ايران او اصدقاء الحوثيين، حسب تعبيره في موضوع الازمة اليمنية، لن يوصل الى نتيجة، وان الحل في اليمن لا بد ان يمر بالحوار السعودية الحوثي المباشر. 

فهل يؤدي التأجيل المتوقع في الاتفاق النووي من جهة، وتأجيل المحتمل للحوار السعودي الايراني من جهة اخرى، الى تأجيل الحلول في الاقليم، خاصة مع حالة الانسداد السياسي في الوضع العراقي. قد يكون على الجميع انتظار الثلث الثاني من شهر أيار المقبل للوقوف على ما ستؤول اليه الامور؟

السابق
إثر الإعتداء على مشاركين بإطلاقها في الصرفند.. أيّوب لـ«جنوبية»: «معا للتغيير» أكثر قوة ولن ترهبنا بلطجية الميليشيات!
التالي
«الكينغ رولودكس» يتسبب باشكالات خلال اعلانه لائحته في بيروت.. وحديث عن توزيعه «دولارات»