«غزوة» ايرانية فاقعة لمعرض الكتاب.. و«نكبة» ثمنه «تساوي» ١٠ ربطات خبز!

خيبة أكبر من نكبة، وربما خراب بيوت تتسبب بها زيارة معرض الكتاب (٦٣) في وسط بيروت اليوم. ذلك أن الضائقةالمالية والاقتصادية والمادية والمعيشية، التي تمر بها البلاد والعباد اليوم تقف عثرة كبرى بوجه كل من يسعى لتأمين وشراء حاجاته الحياتية، فكيف اذا كان الكتاب هو من ضمن هذه الحاجات للمواطن المُثقف، طالب العلم والمعرفة والتبضّع في أحسن الأحوال؟

بـ”حِسبةٍ” بسيطة وسريعة: زائر المعرض بهدف شراء الكتب يعجز عن الشراء وقبلاً يعجز عن الوصول الى صالة المعرض في الواجهة البحرية لبيروت، بسبب عجزه عن تأمين تكاليف المواصلات: تنكة البنزين تجاوز سعرها (٤١٠ الاف ليرة)، وسرفيس التاكسي تجاوز ال(٥٠ ألف ليرة)، وتاليا اذا قصد الزائر المعرض بسيارته سيتكبد دفع مئات الالاف من الليرات،واذا استعمل التاكسي سيتكبد دفع ليرات أكثر مما يدفعه ثمن بنزين لسيارته. فكيف ستكون حال من يقصد المعرض من مناطق بعيدة في الجنوب أو الجبل أو الشمال أو البقاع..؟

الوصول الى المعرض وشراء الكتب يتطلّب من الزائر دفع ملايين الليرات

أما الهدف المستحيل والاكبر، يبقى ويكمن في العجز الكلّي وعدم القدرة على شراء كتاب، بعدما بلغ سعر الكتاب على أقل تقدير، تجاوز ثمنه (المئة ألف ليرة) وصولا الى ما يفوق المليون ليرة. وتالياً، فإن الوصول الى المعرض وشراء الكتب يتطلّب من الزائر دفع ملايين الليرات.(يقول أحدهم إن المئة ألف ليرة التي سأدفعها ثمناً لكتاب، صحيح أن لا قيمة شرائية لها، لكنها تساوي ثمن عشر ربطات خبز؟!)

والمُبكي لا المُضحك، حين تتجوّل في صالات المعرض وتكتشف ضخامة الأزمة التي تمر بها البلاد، والمُنعكسة المُتعاكسة في المعرض نفسه: تتجوّل داخل المعرض ، فلا حركة ولا بركة ، تتلاشى أمام عينيك وروحك مقولة “في الحركة بركة”..

الناس في المعرض تتفرج، الحضور خجول ، يتفرّج على الواجهات والرفوف، لا يشتري، فقط إنه “سائح” في مكان يقصده ولا يطأه كما يريد!.. ويعود الى بيته خائباً، وفي قرارة نفسه أنه يمكنه تفادي “نكبة” تشليحه أمواله القليلة، لكنه عاجز عن تفادي خيبته!

وكان افتتح المعرض تحت شعار“بيروت الصمود، بيروت لا تنكسر”، وانطلق في ظلّ غياب دور النشر العربية والمحلية، والسبب يعود وفق ما تؤكد مصادر مواكبة للمعرض لـ”جنوبية” أنّ “بعض هذه الدور لم تكن مستعدة وجاهزة لإعداد أقسامها بسبب تقديم موعد الافتتاح”.

ولا ينفي المصدر أنّ “البعض الآخر من دور النشر، لم تعد تملك القدرة المالية بتحمل تكاليف استئجار جناح في المعرض، فضلاً عن إقفال عدد من دور النشر المحلية ما أدّى حكماً لغيابها”.

وفي جولة لـ”جنوبية” في أروقة المعرض، أوّل ما يلحظ البروز القوي لـ10 دور نشر إيرانية، ولا يمكن إغفال هذا (الغزو الثقافي)، فصورة “سليماني” التي تستقبل الزوار كفيلة لتقول للبنانيين إنّ المعرض محتل من ايران”.

زوار معرض بيروت للكتاب لم يشعروا أنّهم في بيروتهم

“الثقافة الاحتلالية “التي استباحت المعرض، حاربت أيضاً لغة الحياة وهذا ما حصل مع فرقة “بيكار”، التي كانت قد نظمت ثاني يوم الافتتاح ، أمسية موسيقية في المعرض بعنوان “جذور”. وفي التفاصيل أنّه ما إن بدأت الفرقة بأداء أغنية يا “لبنان دخل ترابك” للفنان وديع الصافي، حتى حصلت بلبلة غير طبيعية خلف الكواليس، وطلب أحدهم وقف الأمسية فوراً . فأثناء أداء الفنان حسام ترشيشي لأغنية من جدول الأمسية، وما إن وصل إلى موّال “مهما تدمر راجع يتعمر” حتى أتى شخص وطلب إيقاف الأمسية لأن بعض دور النشر هددت بالإقفال”. ورفضت مسؤولة فرقة بيكار الاستجابة لهذا الابتزاز، رفضت طلبهم، فكانت المضايقة اكبر ، وصلت إلى حد قيام الجهة المنظمة بقطع الكهرباء عن المعدات لمنع الغناء والحفلة.

وعليه، فإن زوار معرض بيروت للكتاب ، لم يشعروا أنّهم في بيروتهم، فهذا المعرض لم يحمل هوية المدينة وإنّما هوية من يحتلّها، ومن يعمل كل يوم على تدميرها.

السابق
آذار «الغدّار» يضرب لبنان.. الثلوج والأمطار عائدة!
التالي
بعدسة «جنوبية»: لا سقف لأسعار المحروقات.. و«الطوابير»!