الأسد يستعيد «التاريخ» ويَغمز من «جغرافيا» لبنان!

بشار الاسد

كثيرة هي الشعارات والعناوين، التي رفعتها “مدرسة” حزب “البعث العربي السوري” في زمن الوصاية السوريّة على لبنان، التي دلّت على أطماع النظام السوري وسعيه على الدوام، إلى جعل لبنان أشبه بمُحافظة للدولة السورية تابعة مثلها مثل أي مُحافظة أخرى. وكانت أبرز شعارات تلك المرحلة هي التي تحدثّت عن تاريخ البلدين وجغرافيتهما “الواحدة”، بالإضافة إلى عناوين عدّة من بينها “وحدة المسار والمصير”، الأمر الي خلّف هواجس عدّة لدى الشعب اللبناني، خشية تجديد الأطماع السورية، التي أعلن فيها المؤتمر السوري في العام 1920 وحدة سوريا، والتي تضمّ “لواء” طرابلس وعكّار وإجراء إستفتاءات في مناطق لبنانية أخرى.

المُشكلة في النظام الحالي في سوريا أنه لا يُريد الإعتراف بنهائية لبنان كدولة مُستقلة لها قوانينها ودستورها وجيشها ومؤسساتها

مع بداية الحرب الروسيّة على أوكرانيا، إستعاد اللبنانيون، تاريخ أطماع النظام السوري بلبنان ومساعيه لتطبيق مقولة وحدة “المسار والمصير”، وذلك عندما ذهب رئيس هذا النظام بشّار الأسد إلى حد وضع هذه الحرب في خانة “تصحيحٌ للتاريخ وإعادةٌ للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفياتي”. وكان سبق كلام الأسد، كلام مُشابه للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي جاء فيه “إن لبنان أحوج إلى سوريا في تنسيق الأمور الأمنية والاقتصادية”، ثم استتبعه بكلام أخر من وزن “الفضاء اللبناني والسوري واحد وهناك رئة واحدة يتنفس منها البلدان.”

لا تستغرب مصادر سياسية بارزة كلام لـ”جنوبية” الأسد عن تاريخ الدول، وتلميحه في الوقت نفسه إلى علاقة سوريا بلبنان، والأطماع التي يعرفها القاصي والداني بما يتعّلق بجغرافية البلدين، خصوصاً أنه قبل إصرار لبنان على تعيين سفراء بين البلدين، كانت وجهة نظر الأسد قائمة على أن العلاقة بين لبنان وسوريا، لا تستدعي تعيين سفراء بينهما، وذلك وفقاً للرؤية السورية لطبيعة هذه العلاقة القائمة على التابع والمتبوع”.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: ترشيح نُخب من العائلات البيروتية بإشراف نادي الرؤساء ومباركة مراجع محلية وإقليمية!

وتُضيف المصادر عينها”: المُشكلة في العقل السوري أو النظام الحالي في سوريا، أنه لا يُريد الإعتراف بنهائية لبنان كدولة مُستقلة لها قوانينها ودستورها وجيشها ومؤسساتها، وهو يُصرّ نقض مُعاهدة “سايكس بيكو” والتلميح بشكل دائم ومُستمر، من قبل مدرسة “البعث” عن الوحدة السورية بما فيها لواء طرابلس وعكار والأقضية الأربعة، وإجراء استفتاء في المناطق الأخرى التي ضمت الى جبل لبنان، وذلك وفقاً للمادة الثانية من الدستور السوري عام 1928، وقد ظلّت الأطماع على حالها حتّى في الميثاق الوطني الذي أعلنته الكتلة الوطنية في سوريا عام ١٩٣٦ الداعي إلى “تحرير البلاد السورية المنفصلة عن الدولة العثمانية من كل سلطة أجنبية وجمع أراضيها المجزأة في دولة واحدة ذات حكومة واحدة”.

الورقة الوحيدة التي ما زال نظام الأسد يتلاعب بها إنطلاقاً من لبنان هي ورقة ترسيم الحدود وتحديداً الشقّ المتعلّق بمزارع شبعا

وتلفت المصادر، إلى أن الورقة الوحيدة التي ما زال نظام الأسد يتلاعب بها إنطلاقاً من لبنان، هي ورقة ترسيم الحدود وتحديداً الشقّ المتعلّق بمزارع شبعا، ففي حين أكد وزير الخارجية السابق فاروق الشرع لبنانية هذه المزارع وذلك في العام 2005، إلّا أن الأسد عاد وأكد أمام مُستشار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما للشؤون السوريّة فريدريك هوف أن “رأي حزب الله” بلبنانية مزارع شبعا ليس صحيحاً وذلك في ردّه على مٌطالبة لبنان باسترجاع المزارع”.

وتختم المصادر”: هذا الأمر يُعيد مُجدداً إلى حلقة الأطماع السورية بلبنان والذي يتوضح الجزء القليل منه من خلال ما يجري بين الحين والاخر مع قرية الطفيل الحدودية، والتي تحوّلت هي الأخرى إلى نقطة صالحة للقضم عسكرياً وجغرافيّاً”.

السابق
خاص «جنوبية»: ترشيح نُخب من العائلات البيروتية بإشراف نادي الرؤساء ومباركة مراجع محلية وإقليمية!
التالي
بعد أيام على أزمة مفتعلة من «الثالوث النفطي»..أبو شقرا لـ«جنوبية» الإنفراجات تبدأ غداً!