Tom «حزب الله» وJerry الحريات في لبنان

حزب الله والبحر

من جديد شبكات التجسس الإسرائيلية، التي تتابعها منفردة تقريبًا وسائل إعلام “حزب الله” والتابعة له، هو قيام قناة “المنار” التابعة للحزب في عطلة نهاية الأسبوع بنشر “اعترافات الصحفي العميل”. ولم تتأخر القناة بتسمية هذا الصحفي والمؤسسات التي يعمل فيها ونشاطه على إحدى وسائل الإعلام الافتراضي، إلى درجة أنّ الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، الإدارة الرسمية لوزارة الإعلام، وزعت بيانًا باسم “رئيس بلدية ومختار وأهالي بلدة الشرقية” في منطقة النبطية بجنوب لبنان، يدين الصحفي لأنه ينتمي لأسرة في البلدة. وهنا لا بد من سؤال وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي، كيف يجوز نشر بيان يشهّر بمواطن بتهمة العمالة لإسرائيل عبر “حزب الله”، وكأنه صار المرجع القضائي الأخير في هذا البلد؟

في نهاية كانون الثاني الماضي، انفردت صحيفة “الأخبار” المقرّبة من “حزب الله” بنشر تقرير حمل عنوان “سقوط أكبر شبكة تجسّس لإسرائيل”. وقد جاء في مقدمة التقرير: “فكّك فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أكثر من ١٥ شبكة تجسّس إسرائيلية، كل منها منفصلة عن الأخرى، تنشط على مختلف الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى سوريا…” وبادرت قيادة قوى الأمن الداخلي إلى إصدار بيان نشرته “الأخبار” أخذت فيه على الصحيفة أنه “لا صحة لوجود أي خرق لدى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أو أي توقيف لضابط أو عنصر في هذه الشعبة، أو في أي جهاز أمني أو عسكري آخر”. وختمت بيانها بالقول: “يبدو أن كاتب المقال على علمٍ أكثر منّا، بأن هناك تورّطاً لشخص تابع لأحد الأحزاب تمّ توقيفه من قبلهم”. وكان بيان القيادة يشير إلى ما ورد في الصحيفة قولها: “تبيّن وجود خرق في حزب الله تمثل في تجنيد أحد عناصر “التعبئة” في الحزب (وهو من بلدة جنوبية) شارك في مهام في سوريا. وقد أوقف جهاز أمن المقاومة المشتبه فيه.”

إذًا، هناك خرق في “حزب الله”، لكن المعلومات حوله باتت بتصرف “أمن المقاومة”، فهل بات هذا الجهاز الحزبي، مرجعية قضائية موازية للقضاء في لبنان؟

بعد 20 يومًا، من نشر تقرير “شبكات التجسس لإسرائيل”، في صحيفة مقربة لـ “حزب الله”، أخذت قناة الحزب التلفزيونية في 19 شباط الجاري، على عاتقها نشر ما أسمته “اعترافات الصحفي العميل”. ولا داعي للتذكير، بأن أي متهم هو بريء حتى تثبت إدانته. وبالتالي، فإن ما أوردته “المنار” يندرج ضمن جرم تشويه السمعة.

ففي تقرير بثته القناة، ذكرت أن الصحفي الذي تقول أنه “متهم” يدعى (م.ش)، من مواليد صيدا عام 1985، وأنه قد عمل في أكثر من وسيلة إعلامية وموقع إلكتروني من بينها الموقع الإخباري Lebanon 24 الذي أصدر البيان الآتي: “يتناولُ بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي أخباراً تتعلق بشبكة جديدة للتعامل مع العدو الإسرائيلي، رغم أن أي خبر رسمي لم يصدر بعد عن الجهات المختصة. وقد عمد البعض إلى دس اسم الصحافي محمد شعيب من ضمن الموقوفين في الشبكة والقول إنه كان يكتب مقالات تحريضية ضد حزب الله في موقع “لبنان24”. ونظراً إلى حساسية الموضوع وأبعاده الخطيرة، يهم “لبنان24″ أن يوضح أن الصحافي شعيب، يتعاون مع الموقع منذ سنوات في مجال الأخبار الفنية حصراً…”

من خلال التحقق في أعمال الصحفي شعيب، يتبيّن أنه شارك في آخر إطلالته في برنامج فني للحديث عن الفنانة الراحلة مجدلا (نزيهة مكرزل)، التي وافتها المنية الشهر الماضي. أي أن توقيف شعيب تم في اليوم التالي تقريبًا لمشاركته في البرنامج الفني.

بالعودة إلى “مضبطة اتهام” قناة “المنار”، ففيها جاء أنه تواصل مع شعيب “من رقم بريطاني، شخص يدعى Tom وهو المشغّل الإسرائيلي”. وهذا الأخير، بحسب “المنار” طلب من الصحفي اللبناني، “إعداد تقارير عن قضايا سياسية هي محلّ خلاف وانقسام داخليين وأن يكتب هذه الموضوعات بما يصب في مصلحة دول الخليج وبلغة معادية لإيران وحزب الله وحماس… وكان يتقاضى عن كل مقال بين 50 و75” $…

وقد خلص تقرير “المنار” إلى القول إلى أنه “طلب منه (شعيب) إنشاء صفحة “مشروع لبنان” على فايسبوك لنشر كل ما هو مؤيد للسعودية ودول الخليج، وكان يتقاضى عن هذه الصفحة مقطوعية بقيمة 200 $ شهريًا.”

ومن خلال تتبع هذه الصفحة، التي يمكن الوصول إليها الآن (حتى إعداد المقال)، يتبيّن حسب المثال لا الحصر، أنه أورد في 29 كانون الثاني الماضي منشورًا: “أذرع #ايران في المنطقة.. وكيف تخوض حروب طهران بالوكالة؟

وفي 27 كانون الثاني الماضي منشور: “14 معملاً لإنتاج حبوب الكبتاغون، و13 مركزاً لإنتاج “الكريستال ميث” المخدر، و23 معملاً ومزرعة لإنتاج حشيش الكيف؛

مخدرات النظام و #حزب_الله تغزو #سوريا وتعبث بعقول الشباب السوري وتضاعف مأساة الشعب السوري المغلوب على أمره.”

ومثل هذين المثليْن، عدة أمثلة أخرى، تورد مواقف لقيادات من المعارضة لـ “حزب الله” وبينهم نواب وسياسيون وناشطون.

في آخر إطلالة إعلامية للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في مهرجان “إحياء ذكرى القادة الشهداء”، يقول: “…صحفي من هؤلاء الموقوفين، هو يعترف بأنه كان يدفعون له على المقال على ذمة ما نقل، ‏على المقال 300 دولار إلى 700 دولار، ومقال يتهم به حزب الله فقط، هؤلاء بدل ما يشتمونا عليهم ‏أن يشكرونا لأننا أصبحنا مصدر رزق لهم، لولانا لا يدفع لهم أحد أموال لكي يكتبوا.”

إذًا، ارتفع الرقم من 200 دولار إلى 700، (حسب الاتهام للصحفي). ووجد نصرالله وقتًا للمداعبة بدعوة من يهاجمون الحزب لشكره، “لأننا أصبحنا مصدر رزق لهم!”

ثم يقول نصرالله في كلمته، في تبريره لتبني انعقاد مؤتمر المعارضة البحرينية بطريقة غير مشروعة “هذا لبنان بلد ‏الحريات، منذ تأسيسه.”

في الخلاصة: لا بد لنا أن نعرف من الجهات الرسمية، وليس من “حزب الله” ووسائل إعلامه، من هو بالضبط “Tom المشغّل الإسرائيلي”، بحسب هذا الإعلام؟

وفي انتظار جلاء الحقيقة كاملة، نحن أمام استعادة لكارتون والت ديزني الشهير Tom وJerry. ما نعرفه حتى الآن أن Tom، أي القط الشهير هو تسمية من “حزب الله”. أما Jerry الفأر الشهير أيضًا، فهي الحريات في لبنان، التي يريدها الحزب وجبة يلتهمها كيفما يشاء!

السابق
البراكس يكشف لـ«جنوبية» عن إرتفاع جديد في سعر البنزين!
التالي
إقصاء أكثر من 41 الف أسرة من شبكة «دعم».. والسبب؟!