الشرق الأوسط «بين الأيادي».. الإيرانيّة والتركيّة!

كتاب

ألسٍّياساتُ الخارجيّةُ التُركيّة والإيرانيَّةُ التي تُمارسها هاتان الدّولتان في الشرق الأوسط ، تتناولها ، مجتمعةً ، ألباحثة ماريانا خاروداكي في كتابها الصادر حديثاً بعنوانه الرئيس : ” إيران وتركيا ” وعنوانه الفرعي : ” ألتّدخّل الدولي والإقليميّ في الشرق الأوسط ” ، وفي طبعته الأولى 2022 لدى ناشٍرَيه : ” دار الفارابي ” في بيروت ؛ و” دار آراس ” في أربيل / كردستان (العراق) . ولقد عَرَّب هذا الكتاب : عوف عبد الرحمن عبدالله وعبد الرزاق بوتاني .

نظرةٌ جديدة لِفَهم النظام العالمي الجديد

فبالنسبة للسياسات الخارجيّة لتركيا وإيران ، يبدو أنّها اتَّصفت بتأثيرها المتنامي في تحديد مسار الأحداث في الشرق الوسط . ففي الفترة الأخيرة ، خصوصاً بعد بروز الأزمة السورية ، بدأت الأنظار تركز على العودة الفعالة لهاتين الدولتين إلى المسرح السياسي ، وبروز دورهما كلاعبَين رئيسين ، إقليميّاً ودوليّاً ، في مساعي تحقيق توازن القوى في المنطقة كلّها.

الكتاب يتناول طبيعة التفاعلات بين إيران وتركيا وتأثيرهما إقليميّاً ودوليّاً وموجٍّهات سياساتهما الخارجية 

وعلى هذه الخلفيّة ، فإنّ هذا الكتاب ، يتابع المحدّدات الرئيسة للسياسات الخارجيّة التركية والإيرانية وتأثيرها في الأحداث في الشرق الأوسط ، وعلى أساس التمحيص لسياسات هاتين الدولتين وممارساتهما السياسية منذ العام 1979 ، وبالإفادة من المواد التي تمّ جمعها من مقابلات أُجريت مع شخصيات سياسية بارزة من كل من تركيا وإيران وإقليم كردستان العراق ، تُقدِّم ماريانا خاروداكي نظرة جديدة لطريقة فهمِنا للنظام العالمي الجديد . ومن الأمور المهمة التي يبيّنها هذا الكتاب ، تأثير العوامل الخارجية والداخلية على السياسة الخارجية وطريقة التفاعل بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية ، والتي تشكل بالتالي القرارات السياسية . وبإدراجها هذه القضايا ضمن إطارٍ نظريّ ، فإنّ ماريانا خاروداكي تكون قد سبقت غيرها إلى رسم خريطة مفاهيميّة جديدة في مجال العلاقات الدولية . فكتابها هذا هو دراسة متعددة التّخصصات تّقدم رؤيةً جديدة ، وسيكون ذا أهمية خاصة للمتخصصين في حقول العلاقات الدولية ، والسياسة ، والسياسة الخارجية ، والدراسات الكُرديّة ، وكذلك الدراسات الشرق أوسطية .

مضمون الكتاب

ويشتمل هذا الكتاب على : توطئة ، وسبعة فصول ، وملحق .

والفصل الأول مَبدُؤٌ بمقدمة ، وهو ، في بعض محاوره ، : يتوقّف عند ” محدِّدات العلاقات التركية – الإيرانية … ” ؛ ويكشف ” القوى الدافعة وراء السياسات الخارجية التركية – الإيرانية ” ؛ ويقف على : المبادئ المؤثِّرة في السياسة الخارجية ” ؛ ويُظهر : العوامل التي تحدد شكل ممارسة السياسة الخارجية ” . والفصل الثاني يقوم : بمراجعة تاريخية ل ” محدّدات العلاقة الإيرانية – التركية ” ؛ والفصل الثالث يتمحور حول : “العلاقات التركية – الإيرانية خلال الحرب الباردة “؛ والفصل الرابع يطل على : “العلاقات التركية – الإيرانية في التسعينيات : ( أثر حرب الخليج الثانية وتعزيز المكانة الكُردية ) ” ؛ والفصل الخامس يتناول : ” حرب العراق وسطوع نجم كيانات اللاّدولة ( 2001 – 2010 ) ” ؛ والفصل السادس يُقدم : ” العلاقات التركية – الإيرانية في ضوء الأزمة السورية : ( عهد جديد للسياسات الشرق الأوسطية ) ” ؛ أم الفصل السابع والأخير فقوامه : ” استنتاجات وأفكار ” ؛ والملحق يُعرِّف ب : الهيكل التنظيمي ل” كجك ” / ” الهيكل التخطيطي لمنظمة اتحاد المجتمعات الكُردستانية ” كجك ” .

من مرتكزات هذا الكتاب الإضاءة على الدور الهامّ للاَّعبين الذين لا دُول لهم ( الكُرد ) 

توطئة الكتاب

أما نص توطئة هذا الكتاب فيوضح أنّ : هذا الكتاب يبحث في الدور الحيوي الذي تلعبه التفاعلات بين إيران وتركيا ، ويتناول بالتحليل العوامل الرئيسة التي توجِّه سياساتهما الخارجية ، كما يستقصي تأثير الدولتين في السياستين الإقليمية والدولية . ويتتبّع الكتاب كذلك تطور العوامل المؤثّرة في العلاقات التركية – الإيرانية وبالتالي تأثيرها في الأحداث والسياسات الإقليمية بدءاً من العام 1979 ، ومن خلال نهج تحليلي شامل متعدد ونقديّ قائم على أساس بحثٍ تجريبي مكثّف للمصادر الأساسية للموضوع . كما يركّز البحث على الدور الهام الذي يلعبه اللاعبون الذين لا دول لهم أولئك الذين لا دولة لهم على مسرح الأحداث في الشرق الأوسط ويطرحُه كموضوعٍ جدير بالتحليل في حدّ ذاته .

 ألمنهجُ  البَحثيُّ المكثَّف لهذا الكتاب هو مسَاهمةٌ قيّمة في المجال الأكاديمي وحافزٌ لدراساتٍ قادمة في هذا المجال 

يفتح الكتابُ من الناحية النظرية آفاقاً جديدة وبديلة عن طريق عرض خرطة نظريّة أصيلة مدعومة بمواد بحثية جديدة تحفزُ على التفكير تتعلق بتأثيرات المواد والعوامل الفكرية ( الداخلية والخارجية ) بالإضافة إلى التفاعل بين اللاعبين من الدول واللادول وتأثيره في صوغ السياسات التركية والإيرانية . وهو ما يضع هذه الدراسة ومادتها البحثية في إطار نظري جديد لأول مرّة ليجعلها مساهَمةً قيّمة تسدّ ثغرةً في هذا المجال وكذلك في مجال السياسة الدولية .

يبدو أنّ السياسات التركية والإيرانية هي التي تُحدِّد مسار الأحداث في الشرق الأوسط ، ولهذا فقد جاء هذا الكتاب في وقت مناسب جدا ، حيث يبدو أنّ مجال الكتاب واسع ، ويغطي بالبحث الأدوار التي تلعبها معظم الدول المحورية في الشرق الأوسط ( إيران ، العراق ، تركيا ، وسوريا ) إلى جانب القوى الدولية ( الولايات المتحدة وروسيا ) ، والمؤسسات الدولية مثل ( الاتحاد الأوروبي ) ، واللاعبين من غير ذوي الدول ( ألكرد ) . إنّ تعاطي هذه الدراسة مع المواد المتعلقة بمواضيع السياسة والعلاقات الدولية إلى جانب تناولها المفاهيم الفكرية الرصينة يجعل من هذه الدراسة إسهاماً قيّماً في مجالاتٍ من قبيل صناعة السياسة الخارجية ، العلاقات الدولية ، الدراسات الشرق ألأوسطية ، والدراسات الكُردية في حين يُعَدّ المنهجُ البحثيّ المكثّف للكتاب ، من دون شك ، مساهمةً قيّمة في المجال الأكاديمي وحافزاً لدراساتٍ قادمة في هذا المجال .

السابق
«قلق فاتيكاني» من إفقار اللبنانيين..وكباش الموازنة يتمدد الى مجلس النواب!
التالي
في ذكرى اغتيال سليم.. المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان يتهم «حزب الله»