طبارة لـ«جنوبية»: الرد اللبناني «أقصى الممكن» في ظل ضغوط «حزب الله»

رياض طبارة
برهن الرد لبنان الرسمي على المبادرة الخليجية، بأنه لا يملك قراره الخارجي، ولا القدرة على رسم سياسته الخارجية، لذلك الجميع ينتظر ردة الفعل العربية عليه، فهل ستحاول إحتواء هذا الشلل، عبر الفصل بين أصدقائها من القوى السياسية وبين أطراف داخلية "مناهضة"، أم ستقول "اللهم إني بلغت" وتكون المقاطعة شاملة إلى حين تحقيق التوازن الاقليمي؟

ليس من المبالغة القول أن الرد اللبناني على المبادرة الخليجية، التي حملها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر محمد الصُباح، إلى لبنان في 22 كانون الثاني الحالي، لم تكن على قدر الآمال المطلوبة منها، كونه أتى كنسخة ثانية للبيان الوزاري اللبناني، الذي لا يُسمن ولا يغني من الجوع، لأن كل غرف صنع القرار في العالم، تعلم أن حزب الله هو من يرسم السكة، التي يجب على الحكومة سلوكها سواء داخليا وخارجيا، والدليل هو وضعه لجدول أعمال الحكومة، كشرط لعودة وزرائه للإجتماع فيها.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يردّ على الورقة «الكويتية»: «لا مصافحة بل جهاد حتى النصر»!

مصدر دبلوماسي اكد لـ”جنوبية” على ان “الجواب اللبناني تضمن إحترامه للقرارات الدولية ومنها القرار 155، وليس إلتزامه بها وهذا فرق واضح في المعنى السياسي والدبلوماسي، كما جاء في الرد إلتزام لبنان بمبدأ النأي بالنفس في الوقت، لا ضمانات من أن لا تتكرر تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الاولى عام 2011، وأن لهم الحق في عدم تقديم يد العون إلى لبنان الرسمي، إلى أن يعود التوازن إلى الوضع الاقليمي، في ظل محاولات إيران جعل لبنان بالكامل أحد أوراقها في المنطقة”.

المبادرة محاولة لتبريد الامور.. والكل يعلم نسبة الفساد الكبيرة التي يغرق فيها لبنان

يشرح سفير لبنان السابق لدى الامم المتحدة رياض طبارة لـ”جنوبية” الجواب اللبناني على الورقة الخليجية-الدولية من زاوية أخرى، ويقول: “لو كان لبنان بحالة طبيعية، لكان طرح المبادرة أمر قاس عليه، كونها تتضمن شروطا للتعامل معه، لكنه ليس في حالة طبيعية، أولا لأنه بحاجة إلى مساعدات، وثانيا لأنه غارق في الفساد من رأسه حتى أخمص قدميه”، لافتا إلى أن “المبادرة هي محاولة لتبريد الامور، والكل يعلم نسبة الفساد الكبيرة التي يغرق فيها لبنان، ولذلك أعتقد أنها أكثر من مقبولة دبلوماسيا، أما الرد اللبناني من حيث الاسلوب فهو أقصى ما يمكن أن يقدمه في ظل الضغوط التي يمارسها حزب الله على السياسة اللبنانية بسبب سلاحه غير الشرعي، ولذلك لم يكن لديه سبيل إلا التركيز على ثوابت لبنان تجاه الدول العربية على الاقل رسميا”.

ويرى أنه “لم يحصل خروقات دبلوماسية من الجانب العربي، أما من الجانب اللبناني فتحدث عن المبادئ التي يؤمن بها لبنان بحسب دستوره أي أنه عربي الانتماء ولا يتدخل في الشؤون العربية، ولعل النقطة الجديدة التي تضمنها الرد هو الوعد بمحاربة تهريب المخدرات إلى دول الخليج ومن دون شروط وبجدية اما باقي نقاط الرد فإنه لا يتعدى ما تضمنه البيان الوزاري”، مشددا على أن “هدف الجانب الكويتي هو تهدئة العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي، وليت توتيرها و الدليل هو محاولتهم تبريد الامور، من خلال قولهم بأنهم سيدرسون الرد، بالرغم من أن الجانب اللبناني لم يعط أجوبة شافية، لما تضمنته المبادرة كونه لا يستطيع أن يعدهم بإستقلالية قرار الدولة اللبنانية”.

هناك تغيير لجهة دعم الاصدقاء كي لا يُترك لبنان فريسة لقوى إقليمية معادية للدول العربية

يضيف:”الجانبان قدما ما يريدون تقديمه، وأعتقد أن الجو العربي تجاه لبنان في هذه المرحلة هو “تبريدي”، وليس تصعيد للأزمة على غرار الاستراتيجية التي تتبعها الدول العربية تجاه سوريا حاليا، وأعتقد أن السبب هو ان دول الخليج، لا تريد مقاطعة لبنان لأن ذلك يقوي إيران على الساحة اللبنانية”، مشيرا إلى أن “دول الخليج تتجه إلى تشديد مقاطعتهم لحزب الله، لكنهم يحاولون الوقوف إلى جانب أصدقائهم في لبنان، وأعتقد أن الجانب الكويتي يعمل على تثبيت هذا المنحى، كونهم غالبا ما يدخلون كوسيط لحل الازمات، وتقريب وجهات النظر، وبالتالي الدول العربية في هذه المرحلة، لا تريد ترك لبنان لأن هذه الخطوة تضر بالمصالح العربية”.

يلفت طبارة إلى أن “هذا الاسلوب إتبعه الاميركيون أيضا، فقبل بدء فرض عقوبات على حزب الله، كانت مشاورات مع شخطيات لبنانية رسمية ومصرفية للتباحث حول كيفية معاقبة حزب الله، من دون معاقبة الشعب اللبنناني وهذا ما حصل”.

ويختم:”في بداية الازمة كان القرار الخليجي والسعودي بترك لبنان، أما حاليا فهناك تغيير لجهة التهدئة ودعم ومساعدة الاصدقاء، كي لا يُترك فريسة لقوى إقليمية معادية للدول العربية”.

السابق
بالفيديو: عودة يُحذّر من مرحلة ما بعد الحريري.. «قتل ودماء بشكل غير موصوف»!
التالي
القادري ينعي «رفيقه» علي يوسف.. الثائر والمثقف والعروبي