دفاعاً عن الحقيقة.. لا الحريري!

حارث سليمان

على مدى. سنوات عديدة كان لي شرف رفقة نسيب لحود والمشاركة. السياسية من موقعي في قيادة حركة التجدد الديموقراطي، وكان النائب لحود الشخصية الاكثر مواجهة للحريري في كل جلسات الموازنات من سنة ١٩٩٦وحتى وفاة الحريري، ولا اذيع سرا انني شاركت في ادبيات نسيب لحود وخطاباته وصناعة مواقفه التي كانت تعارض السياسات المالية للحريري.

بعد هذه المقدمة ارى من واجبي ، ليس من موقع الدفاع عن الحريري، بل من موقع الدفاع عن الحقيقة، ومن موقع أكثر اهمية اليوم، وهو تشخيص الداء الكارثة التي وصلنا اليها، بهدف اقتراح وصف الدواء.

إقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: السيادة أولاً..بل سياديون أولاً!

لأن اول الاشياء الواجب قولها ان الارقام لا تقبل الالتواء وان التاريخ بعد عصر التدوين لا يمكن ان يخضع للاهواء.
ثمة رغبة في شيطنة الحريري وتحميله كل النتائج الكارثية التي وصلنا اليها، هذا يمكن قبوله رغم انه ظالم وكاذب، لا اعفي الحريري وابنه من المسؤولية، لكن ان يتم تبرئة نبيه بري وجنبلاط والوصاية السورية وحزب الله وسليمان فرنجية وميشال المر واميل لحود وميشال عون وجبران باسيل والحزب القومي، واخرين من كل ارتكاباتهم، وحصرها فقط بمؤامرة اميركية نفذها الحريري فهي كذبة تغطي فعلا جرميا بقصد استمرار الجرم والتستر على الجريمة!!!

ان يتم تبرئة نبيه بري وجنبلاط والوصاية السورية وحزب الله واخرين وحصرها بمؤامرة اميركية نفذها الحريري فهي كذبة تغطي فعلا جرميا!

انهارت الليرة اللبنانية بعد انتفاضة ٦ شباط مباشرة وبدأ الدولار يرتفع في عهد امين الجميل، بعد مؤتمر لوزان ١٩٨٥، وقد تولى وزراء حركة امل وزارة الطاقة والمياه ( الموارد المائية والكهربائية في حينه) وبقيت هذه الوزارة منذ ذلك التاريخ ١٩٨٥ بيد حلفاء سورية وحتى تاريخه ٢٠٢٠ وبقيت مستوردات الفيول تمر عبر ميناء طرطوس ولنفس العائلة المستوردة منذ ٣٥ سنة (آل البساتنة). عجز الكهرباء هو نصف الدين العام.

أما اسباب انهيار الليرة في حينها فأربعة مسائل :

  • انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية وسحب ارصدتها من البنوك اللبنانية الى البنوك القبرصية واليونانية، وانحسار تدفق المال السياسي العربي الذي كان يتدفق عليها.
  • لجوء الرئيس الجميل الى دفع ثمن كمية كبيرة من السلاح الاميركي من احتياط المصرف لبنان ( الرقم قد يصل الى ملياري $) كان د. ادمون نعيم حاكم المصرف.
  • تولي روجيه تمرز ادارة موجودات شركة انترا ( بنك المشرق، بنك التمويل، الكازينو، ال MEA, و غيرها، وعقد شراكة للمضاربة على الليرة بقصد الاستيلاء على الودائع بالليرة، بمشاركة جنبلاط وبري وحبيقة) والذهاب الى تسييل احتياطي الذهب في البنك المركزي مما دفع الرئيس الحسيني الى اصدار قانون يمنع تسييله.
  • اغتيال رشيد كرامي الذي احدث صدمة كبيرة اخرجت من السوق اللبنانية مبالغ هائلة قد تصل الى ملياري دولار في حينها.
    خلاصة الامر انه في نهاية عهد امين الجميل وصل سعر صرف الدولار الى ٦٩٠ ل ل وتراجع الى٣١٣ ل ل يوم ترك الجميل بعبدا، فيما تضاءل احتياط المصرف المركزي الى اقل من ٥٠٠ مليون دولار اميركي. كل هذا قبل المؤامرة التي يحدثوننا عنها، وطبعا قبل اتفاق الطائف وقبل ظهور الحريري على الساحة السياسية.

من المنصف القول ان الحريري الاب استسهل الاستدانة من سنة ١٩٩٢ وحتى سنة ١٩٩٨ واستعمل حوالي ٨ مليارات دولار لاعادة اعمار البنى التحتية فجهز لبنان ب مليون خط هاتف ارضي ( نسي اللبنانيون انه كان الحصول على خط هاتف ارضي يشبه المعجزة) واعاد تأهيل شبكة الكهرباء حتى وصلت التغذية قبل عناقيد الغضب سنة ١٩٩٦ الى ٢٤/٢٤ ساعة وتم توسيع المطار واعادة بنائه ليستوعب ٦ ملايين راكب ( تم جلد الحريري وقتها لان لبنان ليس بحاجة لهذا العدد من المسافرين، التاريخ اثبت صحة رؤية الحريري) وتم بناء مجمع الحدث الجامعي، واستعادة وتاهيل وبناء شبكة من المستشفيات والمباني الحكومية، والثكنات العسكرية، وحلت مشكلة النفايات في العاصمة من سنة ١٩٩٢ وحتى ٢٠١٥. واعتمدت سنة ١٩٩٣ سلسلة جديدة لتصحيح الاجور باستعادة المواطن اللبناني قدرته الشرائية وامكن استعادة الالاف من الكفاءات اللبنانية المهاجرة. وتحسن ميزان المدفوعات واستعاد القطاع الفندقي والسياحي نشاطه التقليدي، وارتفع حجم الناتج المحلي القومي في لبنان.( 5.8 مليار دولار سنة 1992) الى ( 17.85 مليار دولار سنة 1998) في بداية عهد لحود وحكومة الرئيس الحص.

يتحمل الحريري مسؤولية قبوله بتحميل الخزينة اللبنانية عبء الخوة المالية التي فرضت على المالية العامة

في مواجهة الانجازات هذه، كان هناك العديد من السلبيات التي حصلت بهذه الحقبة ، اولها الكلفة العالية للمشاريع واقتطاع جزء كبير من مبالغ تمويلها كعائدات تدفع لقوى الامر الواقع والميليشيات المختلفة، في ملفات وتعهدات متعددة، من تحرير وسط بيروت، الى ملف المهجرين وعودتهم الى قراهم، الى ملفات اعمار المدارس والمهنيات في مختلف مناطق لبنان، ويتحمل الحريري مسؤولية قبوله بتحميل الخزينة اللبنانية عبء الخوة المالية التي فرضت على المالية العامة، ومسؤولية قبوله لاستيعاب اعداد مضخمة من اعضاء الميليشيات في ملاكات الدولة والبلديات، كما يتحمل مسؤولية عدم فصله اعماله الخاصة به و بالمحطين به عن التعهدات والمناقصات العامة بكل ما احتواها من تربح من السلطة وصرف للنفوذ.

كان من المفترض بعد تاهيل هذه البنى التحتية واستكمالها، أن يتم ادارة هذه القطاعات؛ الهاتف، الخليوي، المطار، المرفأ، المستشفيات الحكومية، مصالح المياه، الكازينو، الMEA , الريجي، النقل العام، والكهرباء، كقطاعات رابحة تدار باستقلالية من مجالس ادارتها، وتستعيد الاموال التي صرفت عليها، كما تشكل مصدر دخل دائم للخزينة، لكن الميليشيات والسوريين اضافة الى جماعة الحريري والهراوي ولحود، الذين تحاصصوا تعيينات هذه القطاعات ونهبوها اضافة لنهب الشواطئ والجبال والاملاك العامة، جعلوا من هذه الاستثمارات عبئا كارثيا ، بدل ان تكون نعمة وطنية.

من يحق له ان يساجل الحريري بسلبياته وخطاياه هم المواطنون اللبنانيون الذي اهمل الحريري حماية اموالهم وخزينتهم من النهب البدوي

لكن من يحق له ان يساجل الحريري بسلبياته وخطاياه، هم المواطنون اللبنانيون الذي اهمل الحريري حماية اموالهم وخزينتهم من النهب البدوي الذي مارسه امراء الميليشيات وحاشياتهم وزبانياتهم من ضباط النظام السوري واشباههم في لبنان، وليس زعماء النهب البدوي انفسهم لتبرئة زممهم الواسعة ساعة جردة الحساب والمساءلة.
الحل واضح يا صديقيَّ،

رحيل هذه السلطة بكافة احزابها، اما آليات الحل فيمكن ان تكون سلمية اذا قبلت هذه الاحزاب بالاحتكام للآليات الديموقراطية، واتاحة الفرصة لاعادة تكوين السلطة، عبر فك وحل كل السلطات واعادة تركيبها ديموقراطيا.

١_ مجلس وزراء مهمته حل مجلس النواب عبر انتخابات نيابية مبكرة( خلال سنة)، يقوم هذا المجلس بانتخاب رئيس جمهورية بعد تنحية ميشال عون

٢_مجلس قضاء اعلى منتخب من الجسم القضائي يعيد بناء القضاء اللبناني كسلطة مستقلة.وتكون اولى مهماته استرجاع الاموال المنهوبة ومحاربة حقيقية للفساد.

٣_ اعادة النظر بالنظام المصرفي وجدولة ديون لبنان وتحميل اصحاب الودائع والبنوك تسديد ٦٥ مليار دولار من الدين العام. *اعداد موازنة تخفض خدمة الفوائد الى اقل من ٣%، وتخفض عجزها الى ما دون ٥% وحل مشكلة الكهرباء وزيادة سعر الKw ليعادل سعر الكلفة، وتشركتها مع القطاع الخاص.

٤_ تغيير عقود الخليوي وتشركتها مع القطاع الخاص، واعطاء رخصة ثالثة لشبكة جديدة، وبيع الMEA والكازينو وكل موجودات شركة انترا،

٥_ استرجاع قطاع النفط من الشركات لانه رابح، وانشاء مصفاة نفط في طرابلس واستجرار النفط العراقي.

٦_ وضع مطار رينيه معوض ك ppp مؤجر لاسثماره من شركات صينية اضافة لمنطقة حرة بالاتفاق مع الامارات، حل مشكلة مرفأ بيروت واسترجاعه للدولة.

٧_ التشدد في استرجاع الاملاك البحرية وتحصيل رسومها وهدم اجزاء منها ليصبح البحر مفتوحا لكل الناس، واستيفاء رسوم وعائدات المقالع والكسارات بمفعول رجعي واجبار اصحابها على معالجة نتائج جرائمهم البيئية.

٨_ اعادة النظر بحجم القطاع العام ووضع خطة لرفع كفاءته وانتاجيته وتقليص حجمه، وفتح المجال لاعادة تأهيل الفائض فيه والذهاب الى مكننة شاملة وصولا الى الحكومة الالكترونية. اعادة النظر في حجم القوى العسكرية وتقليص ملاك الرتب العالية في الجيش والاجهزة الامنية والجمارك.

٩_ حل شرطة مجلس النواب واقفال صندوقي الجنوب والمهجرين وهيئة الاغاثة، واعادة تنظيم مصالح المياه والمستشفيات الحكومية، لتصبح مؤسسات رابحة ومنتجة وعدم دفع رواتب العاملين فيها في حالة تسجيل خسائر في ميزانيتها.

١٠_ التزام سياسة النأي بالنفس وانسحاب حزب الله من ساحات المواجهة الاقليمية وتحسين علاقات لبنان العربية والدولية وضبط معابر التهريب واصلاح الجمارك اللبنانية وضبط ادائها، واعادة هيكلة الريجي واصلاحها واستعادة مواردها.

السابق
موظفو المجلس الشيعي «يتمردون» على الشيخ الخطيب: أين المليار و٣٠٠ مليون ليرة؟!
التالي
دولار السوق السوداء الى انخفاض.. كيف أقفل مساءً؟