غبريل يفنّد لـ«جنوبية» موازنة 2022: الأساسيات مُغيبة.. و ترك سعر الدولار لوزير المال يزيد من غموضها

نسيب غبريل
ينتظر اللبنانيون موازنة تقشفية قاسية، غاب عنها إجراءات ضرورية، لكي يشعر المواطن أن تضحياته لن تذهب سدى، والمقصود هنا إجراءات مكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتحسين الجباية. موازنة 2022 وضعت بنفس العقلية التي كانت سائدة قبل الازمة، أي أنها تطال الآدمي الذي يدفع الضرائب، والفقير الذي لا حول له ولاقوة، أما الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون، فلا أحد يتجرأ على مطالبتهم بأن يكونوا متساويين مع بقية الشعب اللبناني حتى في عز الازمة.

يبدو أن مشروع موازنة 2022، سيحمل إجراءات “إصلاحية” قاسية على المواطنين اللبنانيين وأصحاب الدخل المحدود، لكنها مطلوبة من صندوق النقد الدولي، وضرورية بعد إنهيار إقتصادي متواصل لمدة تزيد عن السنتين، لكنه لم يحمل أجوبة شافية حول إجراءات ضرورية أخرى، مثل إجراءات لمكافحة التهرب الضريبي والجمركي، وتحسين الجباية ومحاربة التهريب. لذلك فالسؤال المشروع هنا هل سيترافق إقرار الموازنة، مع تطبيق خطوات تسمح للمواطن اللبناني الاستمرار، في ظل إجراءات التقشف الكبير التي عليه إتخاذها نتيجة الاصلاحات الجديدة؟ أم أن المعاناة ستكون من نصيبه وحده، خصوصا أن العديد من الخبراء يلفتون إلى أن مشروع الموازنة، قام بتحييد القطاع المصرفي من أي تبعات للأزمة، وسعى إلى تحميل المواطنين أغلب الخسائر و الضرائب، خصوصا أنها تركت لوزير المال مهمة تحديد سعر صرف الدولار، بحسب كل بند من الموازنة وهذا ما سيزيد الارباك لدى المواطنين.

بلغة الارقام، سجلت النفقات والإيرادات في الموازنة عجزاً بقيمة 10262 مليار ليرة، أي ما يوازي 20 بالمئة من مجموع الموازنة، من دون احتساب سلفة خزينة الكهرباء بقيمة 5250 مليار ليرة، مقابل زيادات ضريبية فيها على صعيدَي الرسوم الجمركية والقيمة المضافة، اللتين زادتا بنحو 13 ألف مليار ليرة. كما تضمنت خفضاً في التقديمات التقاعدية لورثة المتقاعد، وفتحت المجال أمام الاستقالات من القطاع العام، وحدّدت عديد العمداء في القوى الأمنية بـ 120 عميداً، ولم تمنح موظفي القطاع العام تصحيحاً للأجور والرواتب، يحتسب ضمن تعويضاتهم، بل منحتهم مساعدة اجتماعية تساوي راتب شهر لمدة سنة، ومنحت الفئات الأكثر هشاشة، أي المتقاعدين مساعدة أقلّ قيمة ونسبتها 50 بالمئة من الراتب التقاعدي. بالاضافة إلى فرض رسم لمدة 7 سنوات بمعدل 10بالمئة، على السلع المستوردة التي يصنع منها في لبنان ما يكفي لتغطية السوق المحلية. ورفعت أيضاً الضمانات على الودائع المصرفية لغاية 600 مليون ليرة، على أن يدفع منها 30 بالمئة فوراً، ويقسط الباقي أو يدفع سندات خزينة.

على موازنة 2022 دعم النمو وتصحيح المالية العامة و بدء المفاوضات مع حاملي السندات

ولم تضمن الموازنة أي نفقات إستثمارية أو إجتماعية وصحية، بل جرى تقليص موازنة وزارة الصحة العامة والجامعة اللبنانية وغيرها، من البنود التي تزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين.

يسجل رئيس قسم الابحاث في بنك بيبلوس والخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل، ملاحظاته على مشروع الموازنة بالقول ل”جنوبية”: “موازنة 2022 كان يجب أن يكون لها ثلاث أهداف أساسية، الاول هو دعم النمو الاقتصادي، وتوسيع حجم الاقتصاد، والثاني أن تكون أساس وحجر الزاوية لتصحيح المالية العامة، والثالث أن تكون خطوة نحو بدء المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبندز”، لافتا إلى أن “هذه الاهداف لم تقاربها الموازنة، ولم نعرف على أي نسبة نمو أو نسبة التضخم وُضعت، ولا عرفنا نسبة العجز فيها بالمقارنة مع الناتج المحلي وهذا أمر مقصود”.

يضيف:”صحيح انها تضمنت بعض البنود الاصلاحية والحوافز والتخفيضات، لكنها غير كافية لدعم النمو الاقتصادي، إذ أنها تضمنت زيادة ضريبة، وغاب عنها أي إجراءات لمكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتحسين الجباية ومحاربة التهريب”.

إقرار البطاقة التمويلية يحتاج إلى مصادر لتمويلها وهذا ما لم يحصل

ويشير إلى أن “أرقام موازنة العام 2022 مرتفعة بشكل لافت، عن أرقام موازنة العام الماضي، والايرادات هي 39 ألف مليار ليرة تقريبا، مقارنة بإيرادات 13425 مليار العام الماضي، والنفقات هي 49400 مليار ليرة، بالاضافة 5250 مليار ليرة سلفة خزينة للكهرباء”، لافتا إلى أنها “تتضمن أيضا تخفيضات على الغرامات، وإطالة لمهل دفع الضرائب، وحوافز لبعض القطاعات، وهناك إجراءات إصلاحية للقطاع العام، وحوافز للمصدرين و للقطاع الصناعي”.

ويتابع:”ما لفتني هو إرتفاع رقم الايرادات مقارنة 2021، ولكن هذا عائد للتضخم وزيادة الرسوم، وليس بسبب زيادة حجم الحركة الإقتصادية، والمهم إقرار هذه الموازنة حتى يتم تنفيذها”، موضحا إلى أن “النقاش كان على أي سعر صرف سيتم إحتساب الموازنة، ليتبين لاحقا أن الامر متروك لوزير المال لإختيار سعر الصرف، بحسب بنود الموازنة وهذا الامر يزيد من الغموض والارباك”.

وفي ما خص الاجراءات التي يمكن أن تساعد المواطنين، على مواجهة التقشف القاسي الذي ينتظرهم، يقول غبريل:”الموازنة تتضمن بند عنوانه منافع إجتماعية بنفقات 12421 ألف مليار ليرة، و جزء منها 810 مليارات للمساعدات الاجتماعية للقطاع العام، الذي قدمته الحكومة الحالية في تشرين الثاني الماضي و600 مليار التي أقرتهم حكومة الرئيس حسان دياب في آب 2021، اما البطاقة التمويلية فإن إقرارها يحتاج إلى مصادر لتمويلها وهذا ما لم يحصل إلى الان”.

السابق
15 وفاة بكورونا في لبنان.. وعداد الاصابات على ارتفاعه
التالي
دولار السوق السوداء الى ما دون الـ24 الفاً.. كيف أقفل مساءً؟